قال الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد قادياني عليه السلام :
أيها القراء الأعزاء، ألهم اللهُ قلوبكم الصدقَ، وجعل مجهودي الذي قمتُ به بمحض المواساة وحسن النية مفيدا لكم، آمين. الجزء الأول من هذا الكتاب (1) الذي قُرئ نيابة عني في جلسة الآريين قد ألحقتُه بنهاية الكتاب، إذ رأيت من المناسب أن أكتب أولا الردود على جملة الاعتراضات التي قُرئت لإيذاء قلوب الحضور من قِبل الآريين في اجتماع عام بأسلوب سيّئ جدا وبسوء الأدب. وارتأيتُ أن أُلحق بنهاية الكتاب مقالي الذي قُرئ في تلك الجلسة باسمي. لهذا السبب أرجأتُ طباعة الجزء الأول من الكتاب ريثما أكتب الرد على اعتراضات الآريين. فبحمد الله ومنته قد كُتب الجوابُ بالكامل لذا ألحقتُ في نهاية الكتاب المقالَ الذي قُرئ في الجلسة. لا نتأسف على الآريين على توجيههم الاعتراضات إلى نبينا صلى الله عليه وسلم لأن لكل منكِر حقًا أن يقدم الاعتراض ملتزما بالأدب والنباهة بل نتأسف على أنهم لم يلتزموا بمقتضى النباهة والأدب واستخدموا في مقالهم الهمجيةَ والخبثَ البالغ غايته وجعلوا مقالهم مجموعة شتائم وأرادوا بكل وضوح أن يؤذوا قلوب المسلمين المحترمين الذين دعوهم خدعة منهم واشترطوا من عند أنفسهم بأن المقالات ستُقرأ برعاية مقتضى الأدب. من لا يفهم أنه لولا سوء النية وخبث الطوية لأمكن للمرء أن يقدم اعتراضه بأسلوب طيب وحسن، وإلا فيسع مفسدا شريرا أيضا أن يقدم كلاما سليما وسديدا- يمكن بيانه بلين ونباهة- بأسلوب الشتائم والاستهزاء. فالمرارة والشدة التي استخدمتُهما ضدهم في بعض الأماكن ليس مرجعهما ثورة النفس بل رأيت تدارك موقفهم الشرير في أن أرد عليهم بالعملة نفسها. أنا أكره بشدة استخدام كلمة قاسية أو غير مستساغة، ولكن من المؤسف حقا أن معارضينا يبدأون بكيل الشتائم أخيرا في ثورة الإنكار. لو رجع الآريون إلى نفوسهم وحاسبوا أنفسهم لحظة لعلموا أن سبيل الاعتراض على الإسلام مسدود عليهم تماما.
أقول بكل تحدٍّ إنه ليس في الإسلام معتقد لا يوافق ولا يتوارد مع فِرقة من فِرق الهندوس. من الواضح أنه ليس الآريون المعاصرون وحدهم الذين يدّعون اتّباع الفيدا بل هذه الفِرقة تُعَدّ جديدة نسبيا، والفِرق القديمة التي تدّعي العمل بالفيدا وتوجد في البنجاب والهند بعشرات الملايين يجب الانتباه إليها أيضا ليُعلَم ما هي معتقداتهم، ففيهم عبدة النار وفيهم عبدة الشمس وعبدة الأوثان أيضا. وفيهم من يجتمعون بمئات الآلاف كل سنة للمهرجان في مدينة “هردوار” ويسألون إلهة نهر “الغانج” مراداتهم، وفيهم مَن يعُدّون رؤية “جكن ناتهـ جي” وأن يداسوا تحت العجلة مدعاة لاعتزازهم، وفيهم مَن يقدّمون إلى الآن قرابين الدواب على معبد في مدينة “كانغره”. وكذلك فيهم الذين يبيحون قرابين الإنسان ويؤيدون تقليد “جَل بروا” (2) أيضا. فكل هؤلاء يدّعون أنهم يتّبعون الفيدا. بل إن أتباع “شاكت مت” أيضا من القوم نفسه وقد ازدادوا فسقا وفجورا ووسّعوا مجال المنكرات إلى درجة أنهم لا يرون ضيرا في الزنا حتى بالأم أو الأخت أو البنت الحقيقية. أليسوا هم الآخرون أيضا آريين؟ فما دام أتباع الفيدا بلغوا من الفسق والفجور والشرك وعبادة المخلوق درجة لا نظير لها في العالم، فهل كان ضروريا أن يعترضوا على دين مقدس وطاهر مثل الإسلام؟ أليس صحيحا أنه ليس في الإسلام أمرٌ لا يوجد في فرع من فروع الهندوسية؟ والإسلام يمتاز من حيث تعليم التوحيد الكامل الذي لا جدوى من البحث عن مثيله في تعليم الفيدا. مع أننا نعتقد أن تعليم الفيدا الحالي مضل ولكن لا بد أن يكون الفيدا نزيها من هذه التعاليم السخيفة في زمن من الأزمان. ونؤمن بأنه كان في هذا البلد أنبياء الله لأن وجود الطبيب حيث المريض ضروري. من المؤسف أن الآريين دعَوا المسلمين إلى بيتهم وضربوا بأخلاقهم مثلا سيئا لن ننساه أبد الدهر. إن النبل والنباهة أيضا شيء جدير بالاعتداد على أية حال.
الراقم: مرزا غلام أحمد القادياني 1908/5/20م
(1) الكتاب المشار اليه في هذا الإعلان هو كتاب ينبوع المعرفة
(2) “جَل بروا” هو تقليد هندوسي قديم يقومون فيه بتسليم الإبن البِكر لأمواج نهر الغانج ليهلك.