قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
عندما لا يتكلم الإنسان بأمانة يكون مسيَّرًا بالشيطان، وكأنه هو هو، والآية: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} تشهد بذلك.
(المصدر : كتاب التحفة الغزنوية)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
عندما يخرج الإنسان من ولاية الأم يكون بحاجة إلى ولي بطبيعة الحال فيتخد أولياء له أناسا مختلفين وهم ضعفاء بحد ذاتهم ويكونون قلقين من سدّ حاجاتهم لدرجة لا يستطيعون أن يهتموا بغيرهم. ولكن الذين يبتعدون عنهم جميعا ويختارون التقوى والصلاح يتولاهم الله تعالى بنفسه ويتكفّل حاجاتهم فلا يبقون بحاجة إلى تصنُّع. فيفهم الله تعالى حاجاتهم بأسلوب لا يفهمونها بأنفسهم. وينزِّل عليهم أفضاله بأسلوب يترك الإنسان في حيرة من أمره.
ثم يتابع حضرته فيقول : ولكن الإنسان يمر بأزمنة عديدة، ثم يأتيه زمان حين يتولاه الله. أي يضطر المرء ليمر بولاية العديد من الأولياء قبل أن يحظى بولاية الله كما يقول تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}. فأولا يكون محتاجا إلى الأم، وعندما يكبر قليلا يكون بحاجة إلى الملوك والحكام. وعندما يتقدم على ذلك ويعترف بخطئه ويدرك أن الذين كان يحسبهم أولياء هم ضعفاء بأنفسهم وأن عدّهم أولياء كان خطأ منه لأنه ما كان من شأن عدِّهم أولياء أن يسد حاجاته وما كانوا كافين له. عندها يرجع إلى الله تعالى ويجده – عز وجل – وليا له نتيجة صموده فينعم بسعادة كبيرة ويدخل في حياة مطمئنة كبيرة. وخاصة إذا قال الله تعالى لأحد بأني وليُّك فينال بذلك سعادة عظيمة. السعادة والطمأنينة التي ينالها حينذاك تخلق حالة لا يمكن بيانها. هذه الحالة تكون بريئة من كل نوع من المرارة.
(المصدر : جريدة البدر، بتاريخ 1-7-1904م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
الجنّ مَن يهاجم خفيةً، ويعادي متنكرا في لباس الحب نفسه الذي أبداه “النحاش” تجاه آدم، ولا بد أن تكون نتيجة ذلك الحب كما كانت في بداية العهد إذ حلّت المصيبة بآدم بسببه. وكأنه تظاهر النصح والمواساة حينها أكثر من الله تعالى. كذلك هؤلاء القوم أيضا يَعرضون الحياة الأبدية نفسها التي عرضها الشيطان. لذلك ذكر القرآن الكريم هذا الأمر وفي النهاية أيضا. يعترف جميع المفسرين بالإجماع أن المراد “الضالين” هو المسيحيون، وما قاله القرآن الكريم في النهاية هو: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}.
قبل سورة الناس، بيّن الله تعالى التوحيد في: {قل هو الله أحد} وبذلك فنّد التثليث. ثم تبيّن سورة الناس بعد ذلك بصراحة تامة أن الإشارة فيها إلى المسيحيين. فالنصيحة الأخيرة التي نصح بها هي أنِ اجتنبوا الشيطان. الشيطان هو “النحاش” نفسه الذي ذُكر في هذه السورة بـ “الخناس” الذي نصح الله باجتنابه وقال أن استعيذوا بالله. فتبين من ذلك أن هذه ليست أمورا مادية بل هي روحانية. فاثبُتوا على معرفة الله والمعارف والحقائق تَنجَوا منه. فقد ذُكرت بوجه خاص المعركة الأخيرة بين الشيطان وآدم. إن الشيطان يحارب الله وملائكته وآدم دائما، وسينزل الله تعالى بأسباب هلاكه الكاملة ويتصدى له المسيح الرباني. هذه الكلمة هي “مشيخ” وتعني “الخليفة” بالعربية والعبرية. لقد ذُكر في الأحاديث “المسيح” وفي القرآن الكريم “الخليفة”. وقُدّر أن ينتصر في المعركة الأخيرة خاتمُ الخلفاء الذي سيُبعث في نهاية الألفية السادسة.
(المصدر : جريدة الحكم، بتاريخ 17-7-1902م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
الملاك يرغّب في الحسنة ويساعد عليها كما ورد في القرآن الكريم: {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} (المجادلة: 23) والشيطان يرغّب في السيئة كما جاء في القرآن الكريم: “يوسوس”، فلا مجال لإنكارهما. الظلمة والنور يلازمان دائما. إن عدم العلم بشيء لا يستلزم عدم وجوده، فهناك آلاف العجائب إضافة إلى هذا العالم وكأنها “لا تُدرَك”. ففي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ذكر وساوس الشيطان التي يوسوس بها في الناس في هذه الأيام. الوسوسة الكبرى هي نشر سوء الفهم عن الربوبية كأنْ يقول أحدٌ نظرا إلى كثرة الأموال عند الأثرياء إنهم هم الأرباب، لذلك أمر الله تعالى بالاستعاذة برب الناس الحقيقي. كذلك يعُدّ الإنسان الملوك الدنيويين والحكام كأنهم يملكون سلطةً مطلَقَة، فقال – عز وجل -: “مَلك الناس”. كذلك من نتائج وساوس الناس أنهم يعُدّون الخلقَ مساوين لله تعالى ويعلِّقون بهم الخوف والرجاء، فبهذا الصدد قال الله تعالى: “إله الناس”. فهذه هي الوساوس الثلاث وقد ذُكرت ثلاثُ رُقًى لرفعها. الذي يُوسوس بهذه الوساوس الثلاث هو الخناس الذي ذُكر اسمه في التوراة في العبرية ك: “ناحاش” أي المهاجم خفيةً، الذي جاء إلى السيدة “حوّاء”. فقد ذُكر هو نفسه في هذه السورة.
فتبين من ذلك أن الدجال أيضا لن يَستخدم الجبر والإكراه بل سيُهاجم خفية كيلا يعلم أحد، كمثل هجمات القساوسة تماما. من الخطأ القول بأن الشيطان ذهب إلى السيدة حواء ظاهريا، بل ذهب خفية كما يفعل الآن أيضا إذ ينفخ في أحد أفكاره وينوب عنه. إذًا، فقد نفث الشيطان ذلك إلى قلب أحد من معارضي الدين. والجنة التي سكنها آدم كانت على الأرض وقد وسوس له أحد من الأشرار.
(المصدر : جريدة الحكم، بتاريخ 31-3-1901م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
الدجال المعهود ليس شخصا واحدا وإلا ما كان لتطلق عليه كلمة “الناس”. وأي شك في أن كلمة “الناس” تطلق على الجماعة فقط، فالجماعة التي تخضع لوساوس الشيطان تسمى “الدجال” وإلى ذلك يشير ترتيب القرآن الكريم بحيث بدئ بـ {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وختم بـ {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} فالمراد من “الناس” هنا أيضا الدجال. فملخص هذه السورة أنِ استعيذُوا من فتنة الدجال، لقد سبقت هذه السورةَ سورة الإخلاص التي جاءت ردا على المبادئ المسيحية، وبعدها سورة الفلق التي تنبئ بحلول زمن مظلم ومكر النساء، ثم أمرنا بالاستعاذة من جماعة تسير في ظل الشيطان. يتبين جليا من هذا الترتيب أن هذه هي الفئة نفسها التي وُصفت بالشيطان بتعبير آخر، وأشير بذكر هذه الجماعة في الأخير إلى أن هذه الفئة ستكون غالبة في الزمن الأخير التي ترافقها النفاثات في العقد، أي النساء المسيحيات التي سيتجولن في البيوت ويسعين للفصل بين الزوجين وفسخ القران. اعلموا جيدا أن هذه السور الثلاث من القرآن الكريم تنبئ بزمن الدجال وأمرنا أن نستعيذ بالله من هذا الزمن لنتجنب شره، فهذه إشارة إلى أن تلك الشرور لن تزول إلا بالأنوار السماوية والبركات التي سيأتي بها المسيح السماوي.
(المصدر : كتاب أيام الصلح)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
إن في سورة المسد إشارة إلى فتنة {المغضوب عليهم}، ومقابل {ولا الضالين} وردت سورة الإخلاص في نهاية القرآن الكريم. أما السورتان الأخيرتان أي سورة الفلق وسورة الناس فتفسرانهما. في هاتين السورتين استعاذة من ذلك الزمن المظلم حين يُفتى بتكفير المسيح وتثور فتنة {المغضوب عليهم} وتحيط ظلمة المسيحية وضلالها بالعالم كله. فكما علّم في سورة الفاتحة التي هي بداية القرآن الكريم الدعاءُ لاجتناب كِلتا الفتنتين كذلك أُعطي في نهاية القرآن الكريم تعليم لاجتناب الفتن ليثبت أن هناك علاقة متينة بين الأول والآخر.
(المصدر: جريدة الحكم، بتاريخ 28-2-1902م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
كما أنهى سورة الفاتحة على “الضالين” كذلك أنهى السورة الأخيرة على ذكر “الخناس” لكي تتبين العلاقة بين الخناس والضالين. لقد خرج الخناس الذي يسمَّى “النحاش” في العبرية للحرب في زمن آدم، فكان ضروريا أن يخرج النحاش نفسه في لباس آخر في هذا العصر أيضا أي عصر المسيح الموعود الذي هو مثيل آدم أيضا. ولقد اتفق المسلمون بالإجماع أن حربا عظيمة ستندلع في الزمن الأخير بين آدم والشيطان وسيُهلك الشيطانُ فيها. لا شك أن المتقي يهاب نظرا إلى هذه الأمور كلها. هل هذه الأمور التي جمعها الله تعالى من صُنع يدي؟
انظروا كيف جعل الله تعالى هذه السلسلة كدائرة. لقد أنهى سورة الفاتحة -التي استُهل بها القرآن الكريم- على “ولا الضالين” ثم أورد في نهاية القرآن الكريم سورتين أخريين لها علاقة مع نهاية سورة الفاتحة. ومن جانب آخر بيّن المماثلة بين المسيح وآدم وجعلني المسيح الموعود وسماني آدم أيضا في الوقت نفسه. هذه الأمور ليست عادية بل هذه سلسلة علمية لا يسع أحدا أن يردها لأن الله تعالى أسسها بيده.
(المصدر: جريدة الحكم، مجلد6، رقم8، عدد28/ 2/1902م، ص5)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
الأهم وما يجدر الانتباه إليه هو أن القرآن الكريم في البداية أيضا ذكر (المسيحيين) حيث أنهى سورة الفاتحة على “ولا الضالين”، ثم أنهى القرآن الكريم أيضا على النصيحة أن تأمَّلوا بدءا من “قل هو الله أحد” إلى “قل أعوذ برب الناس”، وقد ذكر الأمر نفسه في وسط القرآن الكريم أيضا وقال: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} (مريم: 91). ولكن أخبِروني هل ذكر في أيّة آية الدجال؛ ذلك الذي رسمه هؤلاء الناس في شغاف قلوبهم. ثم إنه ورد في الحديث الشريف أنِ اقرأوا الآيات الابتدائية لسورة الكهف لاجتناب فتنة الدجال، ففي تلك الآيات أيضا ذُكر هؤلاء القوم أنفسهم. وفي الأحاديث ذُكر القطار. فباختصار، بقدر ما يتأمل المرء يترسخ في الأذهان بكل جلاء أن المراد من الدجال هم النصارى حصرا.
(المصدر: جريدة الحكم، بتاريخ 31-10-1902م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
هناك أربع سور في القرآن الكريم تُقرأ بكثرة وفيها ذكر جماعة المسيح الموعود. (1) سورة الفاتحة التي تُقرأ في كل ركعة وفيها إثبات لادّعائي … (2) في سورة الجمعة آية: “وآخرين منهم” تتعلق بجماعة المسيح الموعود وتُقرأ في صلاة الجمعة. (3) سورة الكهف التي أوصى النبي – صلى الله عليه وسلم – بتلاوتها، ففي آياتها العشر الأولى والأخيرة ذكر الدجال. (4) السورة الأخيرة من القرآن الكريم التي سُمّي فيها الدجال “الخناسَ”. هذه الكلمة نفسها وردت في اللغة العبرية في التوراة بحق الدجال أي “نحاش”، كذلك ورد هذا الذكر في آيات كثيرة أخرى أيضا في القرآن الكريم.
(المصدر : جريدة الحكم، بتاريخ 24-1-1901م)
وقال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
فقد أشار الله تعالى في سورة الناس إلى المستحق الحقيقي للحمد وإلى جانب ذلك أشار أيضا إلى الذي يستحقه مؤقتا، وذلك لتكتمل الأخلاق الفاضلة. ففي هذه السورة ذكر الحقوق من ثلاثة أنواع. فقال أولا إن عليكم أن تستعيذوا بالله الذي هو جامع الصفات كلها، وهو رب الناس وهو الملك والمعبود والمطلوب الحقيقي. فقد حُفظ التوحيد الحقيقي في هذه السورة ولكن إلى جانب ذلك أشير أيضا إلى أنه يجب ألا تُضاع حقوق الناس الآخرين الذين هم مَظاهر هذه الأسماء على وجه الظلية. وفي كلمة “ربّ” إشارة إلى أنه مع أن الرب الحقيقي هو الله تعالى الذي يوصل إلى مراتب التكميل، ولكن هناك آخرون أيضا هم مظاهر الربوبية بصورة مؤقتة وظلية، من الناحية المادية ومن الناحية الروحانية؛ أي الوالدان من حيث الجسد، والمرشد الروحاني والهادي من حيث الروحانية.
(المصدر : كتاب وقائع جلسة الدعاء )
وقال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
فلتكميل الأخلاق الفاضلة أوعز الله تعالى في كلمة “رب الناس” إلى الوالدين والمرشد ليتوجّه الناس إلى شكر الرب الحقيقي والهادي نتيجة شكر هذه السلسلة المجازية والشهيرة. ومفتاح هذا السر هو أن الله تعالى بدأ هذه السورة الشريفة من “رب الناس” ولم يبدأ من “إله الناس”. لأن المرشد الروحاني يربي بحسب مشيئة الله وتوفيقه لذا يشارك هو أيضا في هذه العملية. والجزء الثاني هو: “ملك الناس”، أي استعيذوا بالله الذي هو مَلككم. هذه إشارة أخرى ليُعرَّف الناسُ على مبادئ العالم المتحضر ويُجعَلوا متحضرين. الحق أن المالك الحقيقي هو الله وحده، ولكن قد أشير هنا إلى أن هناك ملوكا بصورة ظلية. وفي ذلك إيماءٌ وتلميح إلى رعاية حقوق مَلك الوقت أيضا. وليس هناك أي شرط أن يكون الملك كافرا أو مشركا أو موحدا بل الأمر عام أي أيا كان دين الملك. إن أجزاء الدين والاعتقاد منفصلان، حيثما ذكر اللهُ تعالى في القرآن الكريم المحسنَ لم يضع أي شرط أنه يجب أن يكون مسلما أو موحدا أو يجب أن يكون من سلسلة كذا وكذا بل ذكر “المحسن” بوجه عام، أي أيا كان دينه. ثم أكد الله تعالى بشدة في كلامه العزيز على الإحسان إلى المحسن، كما يتبين من الآية: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}.
(المصدر: كتاب وقائع جلسة الدعاء )
وقال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
الله تعالى قال أولا في هذه السورة: “رب الناس”، ثم قال: مَلك الناس”، وقال في الأخير: “إله الناس” الذي هو مطلوب الإنسان ومقصوده الحقيقي. الإله يُطلَق على المعبود والمقصود والمطلوب. والعبارة “لا إله إلا الله” تعني: لا معبود لي ولا مقصود لي ولا مطلوب لي إلا الله. والتوحيد الحقيقي هو أن يعتبر المرءُ اللهَ تعالى وحده جديرا بالمدح والثناء كله. ثم قال: “من شر الوسواس”، أي يجب أن تستعيذوا بالله من شرّ الخناس الذي يوسوس. الخنّاس تُطلَق على الحية في العربية، وفي العبرية يُطلَق عليها: “نحاش” لأنها هي التي ارتكبت السيئة بداية. لم يقل الله تعالى هنا “إبليس” أو الشيطان، وذلك لكي يتذكر الإنسان ابتلاء واجهه في البداية، وكيف أغوى الشيطان أبويه وقد سمِّي حينذاك خناسا. لقد اختار الله تعالى هذا الترتيب ليُنبِّه الإنسان بالأحداث الأولية بألا يصرفه الشيطان في وقت من الأوقات عن طاعة مَلك الوقت ويجعله عاصيا كما أغواه من قبل وصرفه عن طاعة الله. هكذا يجب على الإنسان أن يفحص رغبات نفسه ومخططاتها دائما ليرى إلى أيّ مدى يطيع مَلك الوقت، وليسعى ويدعو الله تعالى دائما ألا يَدخله الشيطان من أيّ مدخل. الأمر بالطاعة الوارد في هذه السورة إنما هو أمر بطاعة الله في الحقيقة لأن الطاعة الحقيقية هي لله تعالى وحده. ولكن الله تعالى هو الذي أمر بطاعة الوالدين والمرشد والهادي، ومَلك الوقت أيضا. والفائدة من الطاعة هي أنكم ستنجون من الوقوع في براثن الخناس. فاستعيذوا بالله للنجاة من وسوسة الخناس لأن المؤمن لا يُلدغ من جحر واحد مرتين. فلا تسلكوا طريقا حلت بكم مصيبة فيه. ففي هذه السورة إشارة صريحة إلى طاعة مَلك الوقت. لقد أُودع الخناسُ صفاتٍ كما أودع الله تعالى في الأشجار والماء والنار وغيرها من الأشياء والعناصر. إن أصل كلمة “عنصر” هو “عن سرٍّ” إذ يتبادل حرفا “ص” و”س” فيما بينهما في اللغة العربية.
ومعناها أن ذلك من أسرار الله. والحق أن بحوث الإنسان تتوقف عند هذه النقطة.
فالحاصل أن كل شيء هو من الله تعالى، سواء أكان من قسم البسائط أم من المركبات. وما دام الحال أنه تعالى أنقذنا من آلاف المشاكل بإرساله ملوكا من هذا النوع وأحدث تغيُّرا حيث أخرجنا من تنور مشتعل إلى حديقة فيها أغراس مفرحة وقنوات تجري في كل مكان مع هبوب نسيم عليل في كل حدب وصوب، فما أكبره من نكران للجميل أن يتناسى الإنسان مننه.
(المصدر: كتاب وقائع جلسة الدعاء)
