سبب انهيار الولايات الإسلامية
تكلم جناب الدكتور خليفة رشيد الدين المحترم الطبيب الجراح المساعد عن ظروف ولاية “فرخ آباد” الماضية ودمارها وانهيارها وتحوُّل أحيائها خرابا وآثارا، فقال الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد عليه السلام:
كان من دأب الملوك في الماضي أن يضم بلاطهم بعض أهل الله الذين كان الملوك يستشيرونهم ويأخذون رأيهم ويستفيدون من دعائهم، لكن الآن لم يبق الحال نفسه، بل قد أصبح حال هؤلاء المسلمين كحال بني إسرائيل، كان الله قد تركهم بسبب سيئاتهم، ولم يكن ينصرهم. والمعاملة نفسها تظهر الآن أيضًا، فقد وعد الله سبحانه وتعالى بنفسه أنه سينصر الإسلام ويؤيده، لكن يجب أن يكون هناك مسلم، فالمسلمون هم أنفسهم صاروا محل غضب الله وسخطه، فكيف ينصرهم؟ بعض الولايات الإسلامية في الهند تعرضت لغضب الله. لو كانوا صالحين لحماهم الله حتمًا ونصرهم. لكن العذاب والتخلف الذي أصابهم كان بسبب أعمالهم الفاسدة. فانظروا كيف واجه بنو إسرائيل الهزيمة حتى في حياة موسى عليه السلام، وإنما كان السبب أن حالتهم لم تكن جاذبة للنصر، بل كان موسى قد قال لهم: لا تقاوموا، فالمقاومة لا تصلح، ولم يأن وقت نصركم.
صلاح الدين الأيوبي
كان صلاح الدين الأيوبي إنسانًا صالحا، وكان يحافظ على الصلوات فأيده الله سبحانه وتعالى ومكَّنه من الانتصار على المعارضين في أوضاع صعبة وهجمات شرسة. فالواقع أنه حين يفسد أي قوم ويميلون إلى الناس تاركين الله وينغمسون في السيئات والفسق والفجور، فإن الله يسلط عليهم قومًا آخرين بإرادته.
يتسبب وجود الأنبياء في وجود الله سبحانه وتعالى
قال عليه السلام : من أسماء الله الظاهرُ والباطن أيضا، فهو وحده ظاهر ولا ظاهر سواه، إن الله يظهر في العالم بواسطة الأنبياء، فإن وجود الأنبياء يتسبب في ظهور الله حيث يكون سبحانه وتعالى خفيا قبل بعثتهم، فالناس ينسون الله والعالم بلسان حاله يصرح كأنه ليس هناك إله. فالأنبياء يأتون ويوقظون من رقاد الغفلة، وبواسطتهم يُظهر الله نفسه، ولذلك يسمَّى الأنبياء مظاهر الله، فحين يَظهر الله سبحانه وتعالى هم يتفانون.
اعلموا أن الإنسان ما لم يتفان ولم يقتل أهواءه فمهما تلقى من الإلهامات والكشوف فلن تفيده، فهذه الأمور مؤقتة غير دائمة ولا يكون لها أي قيمة، إلا أن يتفانى الإنسان في الله سبحانه وتعالى.
سر إجابة الدعاء
هذا هو سر إجابة الدعاء أيضًا. فما دام الإنسان لا يتفانى في الله تاركا أمانيه ورغباته وعلومه، ولا يوقن يقينا كاملا، ولا يثق ثقة مطلقة بقدرة الله الكاملة، وبكونه قادرا مقتدرا وسميع الأدعية ومجيبها، يبقى الدعاء أمرًا باطلا. فلماذا لا يؤمن الفلاسفة بإجابة الدعاء، إنما السبب أنهم لا يؤمنون بقدرات الله الواسعة، وبكونه قادرا على خلق أسباب دقيقة جدًّا، فهم يرون قدرة الله محدودة ويثقون بتجاربهم وعلومهم. فهم مقابل تجاربهم لا يفكرون في وجود الله وقدرته على شيء، ولهذا السبب يُبدون رأيا حاسما وقطعيا في الأمراض المستعصية الفتاكة أحيانًا بأنه من المستحيل أن يشفى المصاب، أو يقولون إنه سيموت في مدة كذا، أو سيموت بهذا الأسلوب. لكنني من شهود العيان على عشرات الأمثلة، وأعرف البعض شخصيا حيث خلق الله أسباب النجاة والشفاء رغم الحكم اليقيني والقطعي على هؤلاء المرضى، فنالوا الشفاء أخيرا. ويحدث أحيانا أن بعض المرضى – الذين قال بحقهم هؤلاء الأطباء قطعا أنهم سيموتون – قد استعادوا الصحة، وقابلوا أولئك الأطباء في مناسبة وأخجلوهم وأبطلوا علومهم ودعاواهم أيضًا.
قد ورد في حديث: لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ. وهنا أتذكر قول طبيب مشهور أنه ليس هناك أي مرض غير قابل للعلاج، بل من نقص علمنا وفهمنا أننا لا نعرف العلاج، إذ من المحتمل أن يكون الله سبحانه وتعالى قد خلق لشفاء وعلاج ذلك المرض الذي نراه غير قابل للعلاج أشياء ينال المريض الشفاء والصحة باستخدامها. إذن يجب ألا نصدر حكما قطعيا أبدا. حتى إذا أردتَ أن تُبدوا رأيا فيمكن أن تقولوا: نحن نعتقد ذلك، ومن الممكن أن يخلق الله أسبابًا يزول بها العائق ويُشفى المريض. لقد خلق الله سبحانه وتعالى الدعاء سلاحا تتحقق به الأعمال التي يراها الإنسان مستحيلة، لأنه لا شيء يستحيل على الله.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ1908/3/26م)
فضل الله سبحانه وتعالى
كان الحاج إلهي بخش الغجراتَ المحترم جالسًا في مجلس الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد عليه السلام فقال: إني كنت مدمنا على الأفيون والنرجيلة من خمسةَ عشر عامًا قبل البيعة، فندمتُ بعد البيعة على استمرار وجود هذه العادات فيَّ فتوجهت إلى الغابة، وتضرعت إلى الله ودعوت الله بضراعة ثم أقلعت عنهما معا دفعة واحدة، فلم أتألم ولم يصبني أي مرض. فقال حضرته عليه السلام :
“ذلك فضل الله”.
الجنة أبدية وجهنم غير أبدية
قال الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد عليه السلام:
لقد قال الله سبحانه وتعالى عن الجنة: “عَطَاۤءً غَیۡرَ مَجۡذُوذࣲ” (هود:108)، أي هذه النعمة ليس لها انقطاع، فلو لم يكن ذلك لظل المؤمنون في الجنة يخافون الإخراج، لكنه لم يرد مثل ذلك عن جهنم في المقابل، بل قد ثبت من الحديث أنه سيأتي على جهنم زمان يكون أهلها كلهم قد خرجوا منها، ورحمة الله سبحانه وتعالى هي الأخرى تقتضي ذلك. فالإنسان مخلوق الله أولا وآخرا، فسوف يزيل الله نقاط ضعفه، وينجيه من عذاب جهنم رويدا رويدا.
(المصدر: جريدة بدر، بتاريخ 1908/4/2م)