جانبان لدعواي :وفاة المسيح وبعثته الثانية
قال الإمام المهدي ميرزا غلام أحمد قادياني (المسيح الموعود) عليه السلام :
لدعواي في الحقيقة جانبان، أولهما وفاة المسيح والثاني بعثته الثانية، أما الوفاة فقد بينا آلاف المرات بأنه قد ورد في القرآن الكريم قولُ المسيح نفسه: ” فَلَمَّا تَوَفَّیۡتَنِی كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِیبَ عَلَیۡهِمۡ” (المائدة:117) ومن النكتة الطريفة أن الله سبحانه وتعالى خصّ هذا الكلام بيوم القيامة، ويتبين من ذلك بجلاء أن عيسى عليه السلام قد توفي، لأنه ردًّا على سؤال الله سبحانه وتعالى: هل كنتَ علَّمت الناس الأفكار والمعتقدات الشركية؟ أنكر المسيحُ صراحةً، ووضع يديه على أذنيه، وقال: يا إلهي، إنما علَّمتُهم التوحيد فقط، أما تعليم الشرك هذا فقد تبنَّوه بعد وفاتي من تلقاء أنفسهم، ولستُ مسؤولا عن ذلك. يمكن أن تعذبهم ويمكن أن تغفر لهم، فإنهم عبادك. فالأمر بيِّن واضحٌ أنه لو كان عيسى عليه السلام قد بُعث إلى الدنيا ثانية، وكان قد أصلح عقائد النصارى الفاسدة لقال لله سبحانه وتعالى بمنتهى القوة: يا إلهي، قد خضتُ معهم كبار الحروب، وأقمت فيهم التوحيد من جديد بدلا من الأفكار والمعتقدات الشركية بتحمُّل مشاكل جمة، فإنني أستحق جوائز عظيمة بدلا من أن يُطرح علي هذا السؤال. باختصار، يتبين من كلامه هذا، أنه قد توفي وأنه لن يعود إلى الدنيا ثانية.
ثم قد رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ضمن الموتى، فما علاقة الأحياء بالموتى؟ لو كان في القرآن الكريم المسيح حيًّا فلماذا انضم إلى الموتى؟ وبالإضافة إلى ذلك توجد مئات الآيات التي تُثبت وفاة المسيح عليه السلام.
الغريب أن كلمة التوفي نفسها حين ترِد بحق الآخرين تفسَّر بالموت، وحين ترد بحق عيسى عليه السلام تفسَّر بمعنى آخر، ولا نعرف لماذا تعطى هذه الميزة لحضرة عيسى.
فاقرأوا مثلًا دعاء يوسف عليه السلام “تَوَفَّنِی مُسۡلِمࣰا وَأَلۡحِقۡنِی بِٱلصَّـٰلِحِینَ” (يوسف:101) وبالإضافة إليه قد وردت كلمة التوفي نفسُها في عشرات الآيات بمعنى الموت، ولا أحد يستطيع أن يُثبت أنه إذا كان الله فاعلَ كلمة التوفي وكان أي ذي روح مفعولا به أنها تعني غير الموت.
حقيقة إحياء المسيح للموتى
وقد أعطيتْ عبثًا معجزتُه إحياء الموتى أيضا ميزةً، أنا أتعجب من المشايخ أنهم يعدّون إحياء الموتى الوارد بحق عيسى إحياء حقيقيا، ويقولون إن الموتى فعلا قد عادوا إلى الحياة، مع أن ذلك ينافي سنة الله والقرآن الكريم، لكنه حين تُستخدم الكلمة نفسها بحق النبي صلى الله عليه وسلم يقال إن المراد منها موتى روحانيون.
قد ورد في الإنجيل إن جميع الموتى في القبور قد خرجوا منها وعادوا إلى المدن. فقد أحيا الأموات بكثرة، فليسألهم أحد إذا كان آلاف الموتى قد عادوا إلى الحياة وعادوا إلى المدن، فكيف اتسعت لهم الطرق؟ وثانيا لماذا لم يؤمن به الناس حتى بعد مشاهدة هذه المعجزة العظيمة. كان ينبغي أن يفهِّمهم أحدهم أنهم استعادوا الحياة بدعاء حضرته، فليؤمنوا به الآن. لا أستوعب كيف لا تفيد تلك المعجزة العظيمة أولئك الموتى، ولا أقاربهم الذين رأوهم بأم أعينهم يدخلون المدن بعد الخروج من القبور. الحق أنه قد ورد في علم تعبير الرؤيا أنه إذا رأى أحد أن الموتى خرجوا من القبور أحياء ودخلوا المدن فتعبير ذلك أن الصالحين في ذلك الزمن سيطلق سراحهم ويخرجون من السجن. فلما كان المسيح عليه السلام في السجن فمن المحتمل أنه هو نفسه أو أحدٌ غيره رأى ذلك في الكشف أو الرؤيا، ثم تُرك الكشف أو الرؤيا وتمسَّك الناس بالحرفية. فكانت روايات كثيرة تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا قد أحيا الأموات لكنها لم ترد في كتب الحديث الموثوق بها، فانظروا أن الإمام البخاري رحمه الله كان قد جمع مائة ألف حديث تقريبا بتجشُّم صعوبات كثيرة، وأخيرا اختار منها أربعين ألفا1 فقط، وترك البقية، فقد بحث المسلمون في هذه الأمور كثيًرا.
مسألة خلق الطيور
وكذلك هناك مسألة خلق عيسى للطيور، أنا لا أنكر المعجزات بل أؤمن بها. إن مثل خلق عيسى عليه السلام الطيورَ كمثل عصا موسى عليه السلام تمامًا. بحيث إذا كانت عصاه قد صارت ثعبانا مقابل الأعداء ففي الوقت الآخر كانت العصا عصا بنفسها، لا أنها كانت قد انضمت إلى الثعابين. فكذلك كانت طيور عيسى عليه السلام أيضًا ترابا فقط، بل كانت معجزة عصا موسى عليه السلام أفضل من خلق عيسى عليه السلام للطيور، لأن عصاه قد واجهت العدو وغلبتْه، أما طيور عيسى عليه السلام فلم تواجه أي عدو ولم تثبت غلبتُها.
باختصار، أحد أجزاء دعواي إثبات وفاة عيسى عليه السلام فقد أثبتناها من كل النواحي– بالعقل ومن خلال أقوال الأئمة، بل منكل ناحية– بتأليف عشرات الكتب.
البعثة الثانية للمسيح
والجانب الثاني يتعلق ببعثة المسيح ثانية، فقد حققه الله بنفسه من خلال الآيات السماوية والتأييدات السماوية وبتحقيق رقيِّنا وانحطاط أعدائنا. فتأييد الله ونصْره يأتي كل يوم كموجات الطوفان والنهر، ولا يقاومها أحد. فالآيات الجديدة والنبوءات الكثيرة العظيمة تؤثر في القلوب، وبها تحقق التقدم. أما الغث والسمين القديم الذي يملكه هؤلاء المشايخ في صورة القصص والأساطير، فلا يتحقق به أي تقدُّم بل هو سبب الانحطاط.
من الغريب أن هؤلاء كانوا يبكون على المنابر أن القرن الثالث عشر نحس جدًّا، أما القرن الرابع عشر فسيكون جالب الإنعامات والبركات، وأن المسيح الموعود والإمام المهدي سيُبعث فيه. لقد أثبت صِدِّيق حسن خان في كتابه من خلال رواياتِ كثير من الأولياء أنهم أجمعوا على أن المسيح الموعود سيأتي في القرن الرابع عشر، ولا أدري ما الذي أصاب هؤلاء الناس الآن.
إن البيعة بمجرد اللسان لا تفيد مطلقا
باختصار، الأصل أن يطهِّر الإنسان نفسه، إذ مجرد الإعلان باللسان بأني قد بايعت ليست له أي حقيقة ما لم ينجز المرء شيئا عمليا. إن اللسان وحده لا يغني عن شيء، فقد ورد في القرآن الكريم: “لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ * كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُوا۟ مَا لَا تَفۡعَلُونَ” (الصف:2-3)، فالوقت سانح لكم للانضمام إلى جماعة السابقين، أي سابِقوا في إحراز كل حسنة. إذ لا يفيد الإنسان إلا أعماله، أما الادعاءت الفارغة باللسان فقط فلا تجدي شيئا.
انظروا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال لفاطمة رضي الله عنها أن تدبر لنفسها بنفسها، فهو لن يغني عنها شيئا. فليس لله سبحانه وتعالى أي قرابة مع أحد، وهناك لن يُسأل الإنسان: من أبوك؟ وإنما سيُسأل عن الأعمال فقط.
يرتكب الإنسان أنواع الذنوب، فالكسل والكبر والتقاعس وذنوب دقيقة أخرى كثيرة يجب أن يجتنبها الإنسان كلها. لقد بين الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ثلاث درجات للنفس وهي الأمارة واللوامة والمطمئنة. فالنفس الأمارة تجرّ الإنسان كل حين وآن إلى الذنوب والمعاصي، وهي خطيرة جدًّا. أما اللوامة فهي تلوم الإنسان على ارتكاب سيئة، لكنها أيضًا لا تبعث على الطمأنينة. وإنما تبعث على الطمأنينة حالةُ النفس التي سماها الله سبحانه وتعالى مطمئنةً، وهي الجيدة.
وهي اسم حالة يتمسَّك فيها الإنسان بالله، وفي هذه الحالة وحدها يُطهَّر من أدران الذنوب، وهذه هي الحالة الوحيدة التي تحرق الذنوب. وصدرت الوعود بالبركات بحق أصحاب هذه الدرجة فقط، وتنزل عليهم الملائكة، والصلاح الحقيقي والطهارة من نصيبهم وحدهم.
إن مجرد الإقرار باللسان لا قيمة له عند الله، لقد رأينا كثيًرا من الهندوس الذين يخونون ويُخسرون الميزان، ويكذبون، ويتهالكون في حب الدنيا، وفي الوقت نفسه يعلنون باللسان أيضًا بأن الدنيا فانية غير خالدة.
كونوا جماعتي الصادقة
فكونوا بحيث تصبح إراداتُكم إراداتِ الله ويكمن رضاكم في رضاه، ولا يبقى لكم شيء، وتصيرون كليا له. معنى الصفاء والنقاء أن تُطرد من القلب معصيةُ الله العملية والاعتقادية، فلا ينصر الله سبحانه وتعالى أحدًا ما لم يرَ بنفسه أن إراداته صارت إرادته سبحانه وتعالى وأن رضاه يكمن في رضاه سبحانه وتعالى.
لا تسرني أبدًا كثرة أبناء جماعتي. وصحيح أن عددهم بلغ أربعمائة ألف إنسان أو يزيدون، لكن الجماعة الحقيقية لا تعني أن يكتفي الإنسان بالبيعة بوضْع يده في يدي. كلا بل سوف تستحق الجماعة أن تسمى جماعتي في الحقيقة عندما يتمسكون بحقيقة البيعة، ويظهر فيهم التغير الصادق حقًّا، وتتطهر حياتهم من شوائب الذنوب تماما، وينمحوا في رضا الله تخلُّصًا من أهواء النفس وبراثن الشيطان، ويؤدوا حقوق الله وحقوق العباد كاملة وبكل سرور، ويحدث فيهم اضطراب وحرقة من أجل الدين ونشْرِه، ويكونوا لله وحده بعد إفناء رغباتهم وطموحاتهم وأمنياتهم. يقول الله سبحانه وتعالى إنكم ضالُّون إلا من هديتُه، وإنكم عميان إلا من رزقتُه نورًا، وكلكم موتى إلا من سقيتُه شراب الحياة الروحانية فهو وحده حيٌّ. إن الله سبحانه وتعالى يستر الإنسان، وإلا إذا كُشف للناس ما بداخلهم فيوشك أن لا يقترب بعضهم من بعض. فالله ستَّار، فلا يكشف عيوب الإنسان على كل واحد. على الإنسان أن يسعى لإحراز الحسنات، ويواظب على الدعاء كل حين وآن.
اعلموا يقينا أنه إذا لم تكن أي علامة فارقة بين أبناء الجماعة والآخرين، فليس لله أي قرابة بأحد، فلأي سبب يجب أن يكرمهم ويحفظهم من كل سوء، ويهين غيرهم ويعذبهم، كلا بل “إِنَّمَا یَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِینَ” (المائدة:27)، إنما المتقون من يتركون أمورًا تنافي مشيئة الله خوفًا منه، ويرون النفس وأهواءها والدنيا وما فيها لا شيء أمام الله، إنما يتبين الإيمان عند المواجهة.
بعض الناس يسمعون من أذن وينبذون ما سمعوا من الأذن الأخرى، ولا يرسخون هذه الأمور في القلوب، فمهما ننصحهم لا يتأثرون، لكن تذكَّروا أن الله غني، فهو لا يعبأ بأحد ما لم يدعُ بكثرة وما لم يُبد اضطرابا مرة بعد أخرى. فانظروا إذا مرضت زوجة أحدكم أو مرض ابنُه أو رُفعت ضد أحدكم قضية خطرة، فكم يصاب باضطراب شديد بسبب ذلك!؟ كذلك الدعاء عديم الجدوى وعملٌ عبث ما لم ينشأ فيه الاضطراب والحرقة الصادقة. فالاضطرار شرط للقبول، كما قال: ” أَمَّنْ يُِجيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ” (النمل:62).
كونوا صالحين وقدوة حسنة
يجب أن يقدم أبناء جماعتي أسوة للناس؛ إذا كانت حياة أحدكم ما زالت نجسةً وخبيثة كما كانت قبل البيعة، والذي من أبناء جماعتي يقدِّم أسوة سيئة ويُظهر ضعفًا عمليا أو عقائديا، فهو ظالم، لأنه يسيء إلى الجماعة كلِّها، ويعرِّضني أنا أيضًا للاعتراض. فالآخرون حين يرون قدوة سيئة يكرهون الجماعة، أما إذا رأوا قدوة حسنة فيرغبون فيها. أتلقى من بعض الناس رسائل كتبوا فيها: لم أنضم إلى جماعتكم بعد، لكنني أقدّر من أوضاع بعض أفراد جماعتكم أن تعليم هذه الجماعة يحتوي حتمًا على البر والصلاح. “إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِینَ ٱتَّقَوا۟ وَّٱلَّذِینَ هُم مُّحۡسِنُونَ” (النحل:128)، إن الله سبحانه وتعالى يُعدّ الحساب اليومي لأعمال الإنسان، وعلى الإنسان أيضًا أن يُعدّ يوميات أعماله، ويتدبر فيها إلى أي مدى تقدَّم في الحسنات، يجب ألا يستوي يوم الإنسان وأمسُه، فمن استوى يومُه وأمسُه من ناحية التقدم في الحسنات، فقد خسر. إذا كان الإنسان مؤمنًا بالله إيمانا كاملا فلا يضاع أبدًا، بل من أجله وحده تُعصم مئات الألوف من الأرواح.
فقد ورد عن أحد أولياء الله أنه كان مسافرًا في البحر فهاج البحر وكادت السفينة تغرق، لكنها أُنقذت ببركة دعائه، وعند الدعاء تلقَّى الإلهام: لقد أنقذْنا الجميع من أجلك. لكن كل هذه الأمور لا تتيسر لمجرد الادعاءات باللسان فقط. انظروا! قد وعدَنا الله سبحانه وتعالى أيضًا “إني أحافظ كل من في الدار” لكن انظروا ففيهم النساء الغافلات أيضًا، وأناس من طباع مختلفة. فإذا مات أحد هؤلاء بالطاعون لا سمح الله، أو كما مات بعض أفراد جماعتي بالطاعون، سنح للأعداء فرصة الاعتراض، مع أن الله سبحانه وتعالى قد قال أيضًا: “ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَمۡ یَلۡبِسُوۤا۟ إِیمَـٰنَهُم بِظُلۡمٍ“. باختصار، إن ضعف أفراد الجماعة أو قدوتهم السيئة تؤثر فينا، وتسنح للناس فرصةٌ للاعتراض دون مبرر. لذا فإنما نصيحتي أن تداوِموا على بذل المساعي لتقدِّموا أسوة حسنة ورائعة. فما لم تكن حياة الإنسان كالملائكة كيف يمكن أن يقال إنه تطهَّر، وصار من الذين “وَیَفۡعَلُونَ مَا یُؤۡمَرُونَ ” (التحريم:6)
يجب التفاني في الله والتمسك بمشيئة الله وأوامره وحده بالتخلّي عن جميع رغباتكم وأمانيكم، بحيث تكونوا رحمة لأنفسكم وذريتكم وزوجتكم وأولادكم وأقاربكم ولنا أيضًا. يجب ألا تهيِّئوا للمعارضين أبدًا فرصة للاعتراض. يقول الله سبحانه وتعالى: “فَمِنۡهُمۡ ظَالِمࣱ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدࣱ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَیۡرَ ٰتِ” (فاطر:32)، فالصفتان الأوليان أدنى درجة، يجب أن تكونوا من السابقين بالخيرات. فالثبات على صفة واحدة ليست خصلة حميدة؛ فالماء الراكد في مكان يكون أخيرا آسنًا، وتنشأ فيه رائحة كريهة ويصبح سيئ الطعم بسبب اختلاطه بالوحل. بينما يكون الماء الجاري دومًا نقيا وطيب المذاق، وإن كان الوحل موجودًا تحته أيضًا إلا أنه لا يؤثر فيه. وكذلك حال الإنسان؛ إذ يجب ألا يستقر على حالة واحدة، فهذا خطير. بل يجب أن يتقدم الإنسان إلى الأمام كل حين وآن، ويستبق الخيرات، وإلا لا ينصره الله، ومن ثم يصبح بلا نور. الأمر الذي يؤدي أحيانًا إلى الارتداد في نهاية المطاف. ومن ثم يصبح قلب الإنسان أعمى.
أشركوا في إصلاحكم أهلكم وعيالكم
إنما ينصر الله أولئك الذين يتقدمون على درب الحسنات، ولا يستقرون في مكان واحد، وهم الذين تكون عاقبتهم حسنة. فقد لاحظنا أن بعض الناس يتمتعون أول الأمر بشوق وذوق ورقّة لكنهم لاحقًا يستقرون في مكان، ولا تكون عاقبتهم محمودة. لقد علَّمَنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم دعاء: ” أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي” (الَأحقاف:15)، أي أصلح زوجتي وأولادي أيضًا. لذا يجب الدوام على الدعاء لحدوث التغير الطاهر في الذرية والزوجة بالإضافة إلى أنفسكم. لأن الإنسان في أحيان كثيرة يُبتلى بسبب أولاده، وأحيانا كثيرة بسبب الزوجة. فالفتنة الأولى التي أصيب بها آدم عليه السلام كانت بسبب المرأة، كما أن إيمان بَلعام أيضًا حين حبط إثر مواجهته موسى عليه السلام فنتبين من التوراة أن سببه هو أن الملك كان قد أغرى زوجة بلعام بإراءتها بعض الحلي فحرضتْه على الدعاء على موسى عليه السلام. باختصار، بسببها يصاب الإنسان بابتلاء في أحيان كثيرة، لذا يجب الاهتمام الكافي بإصلاحهن، كما يجب الدعاء لهن أيضًا باستمرار.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1908/3/2م)
1 هذا يبدو من السهو، فقد وردت في صحيح البخاري قرابة 7275 حديث، وإذا حذفنا المكررات بقيت أربعة آلاف حديث فقط. (المدون)
