بسم الله الرحمن الرحيم
جناب بندت ديانند سرستي (مؤسس “آريه سماج“)
سأجهر بالبلاغ فذاك واجب … ولن أعبأ بمدح أو سهام1
ليكن من الواضح أن هذا العاجز كتب في هذه الأيام كتاباً كبيراً جداً باسم البراهين الأحمدية مؤيِّداً للحق ومبرهناً على حقّانية دين الإسلام، وقد تم طبع ونشر ثلاثة أجزاء منه، والجزء الرابع سيُطبع عن قريب، ويوجد أدلة كافية في الجزء الثالث أن الدين الحق المنوط به النجاة هو دين الإسلام، لأنه لا يوجد إلا طريقان لمعرفة الحق.
الأول: هو أن تُثبَت عقائدُ دينٍ بأدلةٍ عقليةٍ طبق الأصل، والثاني: أن تُظهَر العلة الغائية لاختيار ذلك الدين وهي ظهور النجاة وعلاماتها وأنوارها بإتّباعه، لأن الكتاب الذي يدّعي: أنه لا يوجد كتاب سواه يشفي الناس من الأمراض والظلمات الباطنة، فعليه بالضرورة أن يُقدّم دليله.
أثبتنا أن لا وجود للطريقين كليهما إلا في الإسلام، إن الإسلام دين طاهر وُضع أساسه على عقائد صحيحة ويَظهر فيها الجلال الإلهي بتمامه، إن القرآن الشريف يُثبت كلَّ كمالٍ لله وينزّهه عن كل نقص وزوال، وتعاليمه عن الله – عز وجل – لا نظير لها، فالله مُنزّه عن كل شبيه ومثيل، ومُقدس عن كل شكل ومثال، وهو مبدأ الفيوض الشاملة وجامع لكل حسنة، ومرجع لكل أمر، وخالق للكون كله، وطاهر من كل ضعف وعجز ونقصان، وواحد في ذاته وصفاته وألوهيته ومعبوديته، ليس كمثله شيء، ولا يجوز أن يتّحد بشيء ويحل فيه.
وللأسف أن اعتقادكم مغاير لهذا كليةً، وتفرحون في الظلمة الحالكة تاركين هذا النور! وقد بيّنتُ هذا النور في اللغة الأوردية بسلاسة ووضوح وفق فهم أمثالكم، وحَكَمتُ على وقوعكم في ظلمة شديدة حُكماً قطعياً.
تعتقدون في رب العالمين الذي تعيش كل الدنيا معتمدة عليه أنه ليس منبعاً للفيوض كلها، وأن جميع الأرواح –أي كل ذي روح– وقواها الروحانية ومواهبها والأجسام الصغار موجودةٌ منذ القدم مِن تلقاء نفسها، وكل فنونها –أي صفاتها– أيضاً أتت من تلقاء نفسها؛ ولم أحكم بالعقل فحسب بل أثبتُّ لمجموعة من المسلمين الطاهرين آياتٍ سماوية توجد في المقربين من الله، ولم يشهد المسلمون فقط هذه الآيات بل شهدها كثير من “آريه سماج” أيضاً.
والحمد لله، يتضح للناس يوماً بعد يوم أن لا بركةَ ولا نور ولا صدق إلا في القرآن، والكتب الأخرى مليئة بالظلمة الحالكة؛ ولذا أُرسل هذه الرسالة مسجلة إليكم، وإن كُنتَ مستعداً لقراءة كتاب “البراهين الأحمدية” فسأرسله إليك مجّاناً دون مقابل. اقرأه بالتدبر، وإذا وجدت أدلته قاطعة لا ردّ عليها فلا تتوقف في قبول الحق، إن الدنيا أيام قليلة وإلى الله المنتهى!
ويمكنني أن أرسل هذا الكتاب الآن، ولكن سمعت أنك معجبٌ بأفكارك وتعتبر الإفادة من تحقيقات الآخر عار عليك! أكتب إليك من منطلق الصداقة والنُصح لك: أن أفكارك هذه غير صحيحة، فمن الضروري أن تطلب كتابي لتنظر فيه، وآمل أن تزول كثير من حُجُبك إذا نظرت فيه باحثاً عن الحق، وإذا لم تستطع أن تقرأ الأوردو –وإن كان بالإمكان أن تفهمه من رجل مثقف– فأخبرني في جوابك، واطلب الطمأنينة بأي طريق تريدها فالله قادر، والمطلوب هو الطلب الصادق والعدل والبحث عن الحق فقط.
أخبرني جوابك بأسرع ما يمكن فإني بانتظارك، وإذا جلست ساكتاً فسيُعتبر أنه لا غرض لك بالصدق والنور والصراط المستقيم.
20 أبريل 1883م الموافق 12 جمادى الثاني 1300هـ.
1أبيات شعرٍ معرّبة.
