يجب ألا تقل عظمة الكعبة في القلوب
إن شيخ فضل كريم المحترم، الذي تشرف هذا العام بحج الكعبة، يقيم في قاديان دار الأمان منذ بضعة أيام. قابل شيخ الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد عليه السلام قبل الظهيرة وذكر له المشاكل الشديدة التي واجهها الحجاج في الطريق. فقال إنه بعد الخروج من حدود الولاية الإنجليزية إلى الحدود التركية واجه صعوبات تكاد تنبئ باحتمالية قوية لمنع الحج نهائيا، وخاصة لأهل الهند. فقال: إن صعوبات الحجر الصحي في الحدود التركية غير قابلة للتحمل وكون الأطباء والحكام هناك طماعين وحريصين جدا، غير مبالين بآلاف الأرواح إزاء مصلحتهم الشخصية أي مبالاة، وإضاعتهم أمتعة الناس وطعامهم وثيابهم وأموالهم بخداع، ثم إن الشيء الذي يباع للمصري بعشر روبيات يباع للهندي بثلاثين روبية وبصعوبة، ومع أن السلطان المعظم قد حفر في الطريق بئر ماء على بُعد كل ميلين، فلا يتوفر الماء إلا بعد دفع بضع آنات للعاملين، ثم في الطريق رغم وجود نِقاط الحراسة من قبل السلطان المعظم، تنتشر الفوضى وعدم السلام لدرجة إذا ابتعد عندها الإنسان بضعة أمتار عن الطريق فلا يسلم حيا، ثم إن المعاملة القاسية تجاه الهنود، وضربهم لأتفه الأمور دون أن يغيثهم أحد، ومخاطبتهم على أبسط الأمور بألقاب سيئة مثل الكذاب والبطّال وكلمات الاحتقار وغيرها من الأمور، تسبب مشاكل كثيرة.
فبعد سماع الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد عليه السلام كل هذا التفصيل قال حضرته عليه السلام :
إنني أنصحك بنصيحة وهي أنه يجب ألا يتزلزل إيمانك، ولا ينقص بسبب كل هذه الصعوبات، فهو ابتلاء من الله، ويجب ألا تتأثر بها المعتقداتُ الطيبة، فبسبب هذه الأمور يجب ألا تنقص عظمة ذلك المكان المقدس في القلوب، لأنه قد مضى زمن أسوأ من هذا، حيث كان المشركون الأنجاس قد احتلّوا المكان المقدس نفسه، ووضعوا فيه أوثانا، بل كانت كل هذه الصعوبات والمشكلات مدارج للزمن السعيد القادم والحياة السعيدة. انظروا كم كانت أوضاع العصر متأزمة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا، حيث كان الكفر والشرك والفساد والرجس قد تجاوز الحدود، فظهر بعد تلك الظلمة نورٌ، وكذلك يرجى الآن أيضًا، أن يخلق الله أسباب الإصلاح بعد هذه المصاعب، بل قد مرَّ على هذا المكان المقدس والمبارك زمنٌ خطير وحساس آخر أيضًا، لفت الله إليه انتباه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ” (الفيل:1)، باختصار، هذا الحادث هو الثالث، فحتما سوف يلتفت الله إليه أيضًا، وسيكون هذا الالتفات في صورة الغضب فقط.
ستكون مؤاخذة أصحاب دين العجائز يسيرة
جاء شخص اسمه عبد المجيد خان من كابول إلى قاديان قبل بضعة أيام، فقال لحضرته عليه السلام : يا سيدي، أنوي أن أقيم عند قدمَي حضرتك، لأتلقى علوم الدين. فقال حضرته عليه السلام :
إن عمرك في هذه المرحلة من الحياة لا يصلح لتعلم الدين، بل يجب عليك أن تعمل بجهد وتكسب، وتتحلى بالتقوى ابتغاء مرضاة الله، فغاية جميع العلوم الصحيحة هي العمل، إذا كان الإنسان لا يعمل بعد التعلُّم، فهو يقترف إثما كبيرا، وستكون عقوبته أيضًا شديدة. إذا كان الإنسان مولويًا ثم ارتكب الذنب فهو علامة لغضب الله وغيظه، أما الذين يدينون بدين العجائز وهم مسلمون بسطاء، فسوف يؤاخذون بيُسر، فاسعوا جاهدين، وحسِّنوا الأعمال.
(المصدر: بتاريخ 1908/4/22م)