قال الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد قادياني عليه السلام :
بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم
{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} آمين
منذ أن لقّبني الله تعالى بلقب المسيح الموعود والمهدي (1) المعهود بلغت ثورة وغضب الذين يسمون أنفسهم مسلمين ويكفّرونني منتهاهما. أولا أثبتُّ ادعائي بكل وضوح بأدلة كتاب الله والحديث ولكن القوم ولّوا وجوههم عن تلك الأدلة عمدا، وأظهر الله ربي آيات سماوية كثيرة تأييدا لي ولكن القوم لم يستفيدوا منها شيئا. ثم هبّ كثير منهم إضافة إلى المباهلة تنبؤ البعض مدّعين الإلهام أنني سأهلك إلى سنة كذا وكذا أو إلى مدة وجيزة في حياتهم ولكنهم هلكوا بأنفسهم في حياتي. ولكن من المؤسف حقا أن عين القوم لم تُفتح بعد ذلك أيضا ولم يخطر ببالهم أنه لو كان ذلك من صنع الإنسان لما غُلب هؤلاء القوم على أمرهم من كل جانب. القرآن الكريم يكذّبهم، وحديث المعراج، وحديث: “إمامكم منكم” يكذبهم، وإن عاقبة المباهلات تكذّبهم. فماذا في أيديهم حتى يكذّبوا بهذه الجسارة المرسَل من الله الذي يدعوهم إلى الحق والصدق منذ 26 عاما؟ ألم يتذوقوا إلى الآن طعم الآية القائلة: {يصبكم بعض الذي يعدكم}؟ أين الشيخ غلام دستغير الذي دعا لموتي في كتابه “فيض رحماني” ودعا لموت الكاذب واضعا إيايّ في الاعتبار مقابله؟ أين الشيخ جراغ دين الجاموني الذي أنبأ بموتي مدّعيا الإلهام وباهلني؟ أين فقير مرزا الذي كان معه جماعة كبيرة من مريديه والذي أنبأ بموتي بكل شدة وقوة وقال بأن الله أخبره من العرش أن هذا الشخص مفتر وسيهلك في حياتي إلى شهر رمضان المقبل؟ ولكن حين جاء رمضان الموعود هلك هو بنفسه بالطاعون.
أين سعد الله اللدهيانوي الذي باهلني وأنبأ بموتي ثم مات بالطاعون في حياتي؟ أين الشيخ محيي الدين اللكهوكي الذي عدّني فرعون وأنبأ بموتي في حياته ونشر عدة إلهامات عن دماري ثم رحل من هذه الدنيا في حياتي أنا؟ أين بابو إلهي بخش المحاسب في مؤلف كتاب “عصا موسى” الذي عدّ نفسه موسى واعتبرني فرعون وأنبأ بموتي بالطاعون في حياته، وأدلى بنبوءات أخرى كثيرة أيضا عن دماري ثم مات في نهاية المطاف في حياتي موت الحسرة بالطاعون بعد أن وصم كتابه “عصا موسى” بالكذب والافتراء؟ لقد تمنى جميعهم أن أصبح مصداق الآية: {إن يك كاذبا فعليه كذبه} ولكن صاروا بأنفسهم عرضة لها وهلكوا. فقد أهلكهم الله وجعلني مصداق الآية: {وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم}. ألا تتم حجة الله بكل هذه الأدلة؟ ولكن كان ضروريا أن يعامل المعارضون بالإنكار لأن النبوءة من الله موجودة من قبل أي في البراهين الأحمدية قبل 26 عاما وهي: “جاء نذير في الدنيا، فأنكروه أهلها وما قبلوه، ولكن الله يقبله، ويُظهر صدقه بصولٍ قويٍّ شديدٍ صول بعد صولٍ”، فإننا مؤمنون بأن الله لن يقطع هذه الصولات ولن يتوقف ما لم يظهر صدقي على العالم كله
ولكن خطر ببالي اليوم بتاريخ 1908/5/15م أن هناك طريقا آخر للحكم لعل أحد الأتقياء يستفيد منه ويخرج من دوامة الإنكار، وذلك الطريق هو أن الذي كان أشد معارضة من بين جميع معارضيّ ومنكريّ ويعدني كافرا وكذابا (2) فليبارزني منتَخَبا من قِبل عشرة مشايخ معروفين أو عشرة زعماء معروفين بحيث نجرّب صدقنا أو كذبنا على مريضينِ مصابينِ بأمراض خطيرة. أي نوزع فيما بيننا بالقرعة مريضين مصابين بأمراض مختلفة لندعو لهم. فالفريق الذي يُشفى مريضه من المرض كليا أو يطيل عمره مقابل مريض الفريق الثاني سيُعد هو الصادق. هذا كله في يد الله. وأنا أنبئ سلفا متوكلا على وعد الله أن المريض الذي سيكون في نصيبي إما سيشفيه الله كليا أو يطيل في عمره مقارنة مع مريض آخر، وهذا سيكون شاهدا على صدقي. وإن لم يحدث ذلك فاعلموا أني لست من الله. ولكن الشرط هو أن الخصم الذي يبارزني يجب أن ينشر هو وعشرة من المشايخ أو عشرة زعماء ممن يعتنقون اعتقادهم أنهم سيدخلون في جماعتي في حال غلبتي، ويجب أن يُنشر هذا الإقرار في ثلاث جرائد معروفة، ويكون الشرط نفسه من قِبلي أنا أيضا. ستكون الفائدة من هذه المبارزة أن الله تعالى سينقذ مريضا مصابا بمرض عضال يكون قد يئس من حياته وسيُظهر آية بصورة إحياء الموتى، وثانيا سيُحسم في هذه القضية بسهولة تامة. والسلام على من اتبع الهدى.
المعلن: ميرزا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود، 15 مايو 1908 م.
الحاشية
(1) إن بعضا من قليلي الفهم الذين لا يتدبرون كتاب الله والأحاديث النبوية يقولون عند سماعهم كوني مهديا أن المهدي لا بد أن يكون من سلالة السادات. فليكن معلوما أنهم لا يعرفون الأحاديث على الرغم من ثورة المعارضة إلى هذا الحد. فهناك أربعة أقوال عن المهدي في الأحاديث: (1) المهدي سينحدر من سلالة السادات. (2) سيكون من قريش سواء أكانوا من السادات أم لا. (3) هناك حديث: رجل من أمتي، أي سيكون شخص من أمتي أيّا كان. (4) هناك حديث آخر يقول: لا مهدي إلا عيسى، أي لن يظهر مهدي سوى عيسى بل سيكون المهدي الذي سيأتي باسم عيسى. وتُصدِّق القول الأخيرَ أقوالُ المحدثين التي جاء فيها أن جميع الأحاديث عن عيسى المهدي لا تخلو عن الجرح والطعن فيها إلا الحديث لا مهدي إلا عيسى، بل كونه المهدي الأعظم مسلَّم به دون أدنى نزاع عند كافة أهل الحديث والأئمة الأربعة. فأنا ذلك المهدي الذي يُدعى عيسى أيضا ولا يُشترط أن يكون من أولاد الحسن أو الحسين أو هاشميا.
(2) هناك شرط آخر أيضا وهو ألا يكون هذا الشخص من عامة الناس بل يجب أن يكون معروفا في القوم بالخصوصية والعلم والعزة والتقوى بحيث يؤثر كونه مغلوبا في الآخرين،