قال الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد عليه السلام:
محرر الجريدة “أخبار عام” المحترم:
لقد نُشر عني في جريدة “أخبار عام” عدد 1908/5/23م، في السطر الثاني من العمود الثاني خبرٌ وكأني أنكرت النبوّة في جلسة الدعوة. فليكن واضحا في الجواب أنني قلت في تلك الجلسة بأنني لم أزل أُخبر الناس بواسطة كتبي وها إني أكشف لهم الآن أيضًا أنني أُتَّهَم باطلاً بأني قد ادعيتُ النبوة بحيث لا علاقة لي بالإسلام .. أي كأني أعدّ نفسي نبيًّا مستقلا بحيث لا أرى من حاجة لاتّباع القرآن الكريم، وأتخذ لي شهادةً مستقلّةً، وقبلةً مستقلّة، وأنسَخ شرع الإسلام، وأخرج عن طاعة النبي – صلى الله عليه وسلم – والاقتداء به. إنها لتهمة باطلة تمامًا. وإن دعوى النبوة كهذه كفر عندي. وليس اليوم، بل لم أزل أسجل في كل كتاب لي دومًا أنني لا أدعي بمثل هذه النبوة أبدًا، وأنها تهمة باطلة تُوجَّه إليَّ. والأساس الذي أدّعي النبوة بناء عليه إنما هو أنني أتشرف بكلام الله تعالى. إنه يحاورني ويكلّمني بكثرة، ويجيب على أسئلتي، ويُظهرني على كثير من أنباء الغيب، ويكشف لي أسرار المستقبل بحيث إنه لا يكشفها لأحد ما لم يكن محظوظًا بقرب خاص من عنده. وبسبب كثرة هذه الأمور فقد سماني نبيًّا. وإنني نبي وفق حكم الله تعالى. ولو أنني أنكرت ذلك لكنت عاصيًا. وما دام الله هو الذي سماني نبيًّا فكيف يمكن أن أنكر ذلك؟ ولسوف أبقى ثابتًا على هذا الموقف إلى أن أرحل من هذه الدنيا. غير أنني لست بنبيٍ بحيث أنفصل عن الإسلام أو أنسخ حكمًا من أحكامه. كلا، بل إن رقبتي تحت نِير القرآن الكريم، وليس لأحد أن ينسخ حتى نقطة أو حركة من القرآن الكريم. فإني أُدعى نبيا من منطلق أن معنى النبي في العربية والعبرية هو الذي ينبئ بكثرة بتلقي الإلهام من الله تعالى. وهذا المعنى لا يتحقق بدون الكثرة، كما لا يُعَد غنيا مَن يملك فلسا واحدا. فقد أعطاني الله علم الغيب بكثرة بواسطة كلامه، وأظهر على يدي آلاف الآيات ولا يزال يُظهرها.وأقول، ليس مدحا لنفسي بل بناء على فضل الله تعالى ووعده بأنه إذا كانت الدنيا كلها في جانب وأنا في جانب وقدِّم أمر يُمتحَن به عباد الله لوهبني الله الغلبة في هذه المواجهة، وأيدني من كل ناحية، ورزقني الفوز في كل مجال.
فبناء على ذلك سماني الله تعالى نبيا لأني أُكرمتُ في هذا الزمن بمكالمة الله وتعالى وأُطلعت حصرا على كثرة الغيب. فما دام بعض الناس يرون رؤى ويتلقى البعض الإلهام أيضا ويُطلعون على الغيب بشيء من الشوائب ولكن يكون ذلك الإلهام قليل المقدار جدا وتقل فيه كمية الأخبار الغيبية أيضا، ومع القلة يكون مكدّرا ملوّثا بالأفكار النفسانية، ففي هذه الحالة يقتضي العقل السليم ألا يُعدّ مثل الناس العاديين مَن يكون وحيه وعلمه بالغيب نزيها عن التكدّر والنقصان، يجب بل يجب أن يُدعى باسم خاص وأن يُجعل بينه وبين غيره علامة فارقة. لذا فقد سماني الله تعالى نبيا ليعطيني مرتبة ممتازة فقط وقد أُعطيت لقب عزة ليتبين الفرق بيني وبين غيري، فأنا نبي بهذا المعنى، وفرد من الأمة أيضا لكي تتحق نبوءة سيدنا ومولانا – صلى الله عليه وسلم – القائلة بأن المسيح سيكون من الأمة ونبيا أيضا، وإلا فعيسى الذي تنتاب الناس أمانٍ زائفة آمال باطلة عن مجيئه الثاني كيف يمكن أن يكون من الأمة؟ هل سينزل من السماء ويُسلِم مباشرة؟ أو لم يبقَ نبينا الأكرم – صلى الله عليه وسلم – خاتم الأنبياء؟ والسلام على من اتبع الهدى.
الراقم، العبد المتواضع المفتقر إلى الله الأحد غلام أحمد عفا الله عنه، في 1908/5/23م من مدينة لاهور.
(هذه الرسالة نشرتها جريدة هندوسية “أخبار عام” عدد 1908/5/26م، ص 7، عمود 1 إلى 3)