قال الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد قادياني عليه السلام :
بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم
{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} آمين
أيها الإخوة المؤمنون ويا سكان دلهي وقطان هذه الأرض!!! فليتضح عليكم جميعا بعد التحية المسنونة والدعاء على غرار الدراويش أن هذا المسافر الضعيف مقيم في مدينتكم إلى بضعة أسابيع. وقد سمعت أن بعضا من كبار علماء هذه المدينة يذيعون عني بهتانا أن هذا الشخص يدّعي النبوة وينكر الملائكة وينكر الجنة والنار، وكذلك يرفض وجود جبريل وليلة القدر والمعجزات ومعراج النبي – صلى الله عليه وسلم – رفضا باتا. لذا أقول للعوام والخواص وجميع الصلحاء إظهارا للحق بأن هذه التهمة افتراء بحت. لا أدّعي النبوة ولا أنكر المعجزات والملائكة وليلة القدر وغيرها. بل أعتقد بجميع الأمور التي تدخل في معتقدات الإسلام. كذلك أؤمن بكل ما هو مسلَّم الثبوت من القرآن والحديث كما هو اعتقاد أهل السنة والجماعة. كل من يدّعي النبوة أو الرسالة بعد سيدنا ومولانا محمد المصطفى – صلى الله عليه وسلم – خاتَم المرسَلين أعدّه كاذبا وكافرا. أوقن أن وحي الرسالة بدأت من صفي الله آدم – عليه السلام – وانتهت على سيدنا رسول الله محمد المصطفى – صلى الله عليه وسلم -. “آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت وآمنت بكتاب الله العظيم القرآن الكريم. واتبعت أفضل رسل الله وخاتم أنبياء الله محمدا المصطفى وأنا من المسلمين. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. ربّ احيني مسلما وتوفَّني مسلما واحشرني في عبادك المسلمين. وأنت تعلم ما في نفسي ولا يعلم غيرك، وأنت خير الشاهدين.”
فليشهد كل واحد على كلامي هذا. والله تعالى العليم والسميع أول الشاهدين على أنني أعتنق كل هذه العقائد التي إذا اعتنقها كافر عُدَّ مؤمنا، وإذا آمن بها أحد من دين آخر سُمِّي مسلما فورا. إنني أؤمن بكل ما ورد في القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة. لا أدّعي أني المسيح ابن مريم ولا أعتقد بالتناسخ بل أعلن أني مثيل المسيح فقط. وكما تشبه المحدَّثية النبوة كذلك حالتي الروحانية تشبه حالة المسيح ابن مريم الروحانية بشدة. إذًا، إني مسلم. أيها المسلمون، أنا منكم وإمامكم منكم بأمر من الله تعالى.
فملخص الكلام أنني محدَّث الله ومبعوث من عند الله، ومسلم من المسلمين وقد جئت من رب السماوات والأرض للقرن الرابع عشر بصفة المسيح ابن مريم وصبغته ومجددا للدين. لست مفتريا وقد خاب من افترى. لقد نظر الله تعالى إلى الدنيا ووجدها في ظلمة وخصص عبده المتواضع لصالح عباده. أتعجبون أن أُرسل مجدد على رأس القرن بحسب وعد سبق، وقد خلقه الله بصبغة نبيٍّ. ألم يكن ضروريا أن تتحقق نبوءة المخبر الصادق – صلى الله عليه وسلم -؟ أيها الإخوة أنا مصلح ولست صاحب بدعة. ولم آتِ لنشر بدعة، والعياذ بالله، بل جئت لإظهار الحق. وكل ما لا أثر له في القرآن والحديث ويخالفهما هو إلحاد وعدم الإيمان في نظري. ولكن قليل هم الذين يصلون كنه كلام الله ويفقهون أسرار النبوءات الإلهامية الدقيقة. لم أُنقص من الدين شيئا وما أضفت إليه شيئا.
أيها الإخوة، إن ديني هو دينكم والرسول الأكرم – صلى الله عليه وسلم – الذي هو مقتداكم هو مقتدايَ، والقرآن نفسه هاديّ وهو حبيبي وصحيفتي الذي فُرض عليكم أيضا الإيمان به. وإنه صحيح وصحيح تماما أني أعتبر المسيح ابن مريم عليهما السلام ميتا وداخلا في الأموات، وأعتقد بالقطع واليقين أن النبوءة عن المسيح المقبل تنطبق عليّ. أيها الإخوة، لا أعتنق هذا الاعتقاد من عند نفسي وليس هو من بنات أفكاري بل أخبرني الله جلّ شأنه بإلهامه وكلامه أنك أنت المسيح ابن مريم المقبل. وكشف عليَّ الأدلة من القرآن والأحاديث الصحيحة التي يثبت بها موت عيسى بن مريم عليهما السلام بالقطع واليقين الكامل. وقد أكرمني القادر القدير بكلامه الخاص مرارا وتكرارا وخاطبني وقال بأنك أُرسلت بصبغة عيسى بن مريم وبكمالاته لإزالة اليهودية السائدة في الزمن الأخير. فأنا استعارةً ابن مريم الموعودُ الذي وُعد مجيئه في زمن غلبة اليهودية والتنصر، وظهر في حالة الغربة مدعوما بالقوة الروحانية والأسلحة الروحانية على عكس الفكرة الخاطئة عن القتال والجدال الظاهري التي أُشيعت بين المسلمين عن المسيح ابن مريم. إذًا، فإن حربي روحانية وملكوتي ليس من هذا العالم. لا حاجة لي ولا علاقة لي بالحرب والقتال الدنيوي. إن حياتي تتسم بالتواضع والمسكنة التي أُعطيها المسيح ابن مريم. لقد جئت لأقيم التواضع الإيماني والتقوى والأدب والطهارة في المسلمين مجددا وأعلّم طريق الأخلاق. لو لم يقبلني المسلمون فلا أحزن على ذلك لأن بني إسرائيل أيضا لم يقبلوا المسيح ابن مريم قبلي. ولكن الذين لم يقبلوني لا عذر لديهم لأن القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة تصدّق شرط صحة إعلاني تماما وهو موت المسيح ابن مريم. إن 33 آية من القرآن الكريم تبين وفاة عيسى بن مريم – عليه السلام – كما ذكرتُ مفصلا في كتابي “إزالة الأوهام”، ولا توجد في القرآن الكريم آية واحدة تدل دلالة صريحة على حياة عيسى بن مريم. لقد أعطاني الله آيات سماوية ما أُعطِيها أحد في هذا الزمن. ألّفت عن النوعين من الأدلة كتابا مفصلا هو “إزالة الأوهام” وقد طُبع ويحتوي على 60 جزءا وقد أُعِد باهتمام خاص ومع ذلك سعره ثلاث روبيات فقط. لقد أثبتُّ فيه وفاة عيسى بن مريم بأدلة كثيرة، كذلك بيّنت أدلة كثيرة عن كوني المسيح الموعود. لقد ذُكرت في الكتاب نفسه نبوءات كثيرة أيضا وغيرها من الآيات العديدة كما وردت فيه معارف القرآن الكريم وحقائقه بكثرة. وفيه أمور تفوق علم البشر وقدرته. والذي سيقرأه من البداية إلى النهاية بتأمل سيشهد نور قلبه دون شك أن ما ورد فيه قد كُتب بقوة الله وحدها. وهو الكتاب نفسه الذي قلتُ عنه في كتاب “توضيح المرام” نصيحةً ألا ينشر أحد عبارة معارضة قبل قراءته. فقد صار هذا الكتاب جاهزا الآن بفضل الله تعالى. وقد أراد الله تعالى أن يتم حجة الحق على خلقه الذين يعرضون عن الحق. ومع هذا لما كنت في هذه المدينة “دلهي” حاليا فإني أسمع إشاعات أن بعض علمائها مثل سيد نذير حسين والشيخ أبي محمد عبد الحق منهمكون في تكذيبي وتكفيري وينسبون إلي الإلحاد والارتداد. لا أدري مدى صحة هذه الروايات غير أنني سمعت على لسان الناس فقط، والله أعلم بالصواب.
ولكن أقول لهؤلاء المشايخ إتماما للحجة بأني أؤمن بالمعجزات وليلة القدر وبالملائكة وجبريل ومعراج النبي – صلى الله عليه وسلم – وغيرها من تعاليم القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، وأعلن المحدَّثية ولا أدّعي النبوة التامة. ولا أختلف قط مع إخواني المسلمين في هذه الأمور كلها. وبعد التسليم بالأمور المذكورة كلها هناك أمور أخرى من قبيل الأسرار والمعارف والعلوم الحكيمة والدقائق التي هي بمنزلة بطون القرآن الكريم فأبيّنها كما تُكشف علي بالإلهام ولا تتعارض مع المعتقدات الأصلية أدنى معارضة. صحيح أنني أنكر حياة المسيح ابن مريم. وهذا الإنكار ليس مبنيا على إلهام من الله فقط بل يشهد القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة أيضا على إلهامي. فإذا كان الشيخ محمد نذير حسين أو الشيخ أبو محمد عبد الحق يعتبرانني مخطئا في مسألة وفاة المسيح أو يعُدّانني ملحدا ويحسبانني ألجأ إلى التأويلات ويزعمان كلامي خلاف ما قال الله وقال الرسول – صلى الله عليه وسلم – فيجب عليهما أن يناظراني في هذا الموضوع في هذه المدينة “دلهي” نفسها لإنقاذ خلق الله من الفتنة. وسيكون هناك ثلاثة شروط فقط للمناظرة. أولا: أن يدبّروا على مستوى الحكومة للمحافظة على الأمن، أي أن يحضر مجلس المناظرة موظف إنجليزي لأني مسافر ومحل عتاب من قومي العزيز ومحط السبّ واللعن والطعن من لسان الإخوة المسلمين من كل حدب وصوب. والذي يلعنني ويعتبرني دجالا يزعم أنه اكتسب يومها عمل ثواب عظيم. لذا لا أطمئن على حالة إخواني الأخلاقية دون وجود الموظف الحكومي بيننا لأني قد جربت الأمر مرارا. ولا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين. والسلام.
المعلن: العبد المتواضع غلام أحمد القادياني، نزيل دلهي، زقاق بِلّيماران، بيت نواب لوهارو. 2 أكتوبر1891 م.