قال الامام المهدي ميرزا غلام أحمد قادياني ، المسيح الموعود :
{الْحَمْدُ لله} أي جميع المحامد متحققة في ذلك المعبود الحقيقي الجامع لجميع الصفات الكاملة الذي اسمه “الله.” لقد بيّنتُ من قبل أن “الله” في مصطلح القرآن الكريم هو اسم ذلك الذات الكامل الذي هو المعبود الحق والجامع لجميع الصفات الكاملة والمنزَّه عن جميع الرذائل، وهو واحد لا شريك له، وهو مبدأ جميع الفيوض. ولأنه – سبحانه وتعالى – قد جعل في كلامه المقدس (القرآن الكريم) اسمَه “الله” موصوفا لكافة أسمائه وصفاته الأخرى، ولم يجعل لأيٍّ من الأسماء الأخرى هذه المنزلة، لذا فإن الاسم “الله“؛ يدل –لكونه الصفة التامة– على كافة الصفات التي وُصف بها، ولأنه قد جُعل موصوفا لجميع الأسماء والصفات، لذا فإن مفهومه هو أنه يشمل جميع الصفات الكاملة. إن ملخص {الْحَمْدُ لله} هو أن كافة أنواع الحمد ظاهرية كانت أم باطنية أو باعتبار الكمالات الذاتية أو عجائب القدرة خاصةٌ بالله تعالى ولا شريك له فيها. وكذلك إن جميع المحامد الصحيحة والكمالات التامة والصفات الحسنة التي يمكن أن يتفكر به عاقل أو يمكن أن تخطر ببال متفكر موجودة في ذات الله تعالى. وليس هناك ميزة يمكن أن يشهد العقل بإمكانية وجودها ويكون الله محروما منها مثل الشقيّ. فلا يسع عقل عاقل أن يطلع على ميزة لا توجد في الله، بل مهما فكر الإنسان بمزايا فإنها موجودة كلها في ذات الله تعالى، وهو حائز على الكمال في ذاته وصفاته ومحامده من كل الوجوه، ومنزَّه من الرذائل كلها.
(المصدر : كتاب البراهين الأحمدية، الجزء الرابع )
قال الامام المهدي ميرزا غلام أحمد قادياني ، المسيح الموعود :
“اعلمْ أن الحمد ثناءٌ على الفعل الجميل لمن يستحق الثناء، ومدحٌ لمنعِمٍ أنعمَ من الإرادة وأحسنَ كيف شاء. ولا يتحقق حقيقةُ الحمد كما هو حقُّها إلا للذي هو مَبْدَءٌ لجميع الفيوض والأنوار، ومُحسِنٌ على وجه البصيرة، لا مِن غير الشعور ولا من الاضطرار، فلا يوجد هذا المعنى إلا في الله الخبير البصير، وإنه هو المحسن ومِنْه المِننُ كلها في الأول والأخير، وله الحمد في هذه الدار وتلك الدار، وإليه يرجع كلُّ حمد يُنسَب إلى الأغيار.
ثم إن لفظ الحمد مصدرٌ مبنيٌّ على المعلوم والمجهول، وللفاعل والمفعول من الله ذي الجلال، ومعناه أن الله هو محمَّدٌ وهو أحمدُ على وجه الكمال. والقرينة الدالة على هذا البيان، أنه تعالى ذكر بعد الحمد صفاتٍ تستلزم هذا المعنى عند أهل العرفان. والله سبحانه أومأ في لفظ الحمد إلى صفات توجد في نوره القديم، ثم فسّر الحمدَ وجعَله مُخدَّرةً سفَرتْ عن وجهها عند ذكر الرحمن والرحيم. فإن الرحمن يدل على أن الحمد مبني على المعلوم، والرحيم يدل على المجهول كما لا يخفى على أهل العلوم“.
(المصدر: كتاب إعجاز المسيح )
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
” {الْحَمْدُ لِله} هو الثناء باللسان على الجميل للمقتدر النبيل على قصد التبجيل، والكامل التام من إفراده مختصٌّ بالرب الجليل، وكل حمدٍ من الكثير والقليل، يرجع إلى ربنا الذي هو هادي الضال ومُعِز الذليل، وهو محمود المحمودين. والشكر يُفارق الحمدَ بخصوصيته بالصفات المتعدية عند أكثر العلماء، والمدحُ يفارقه في جميلٍ غير اختياريٍّ كما لا يخفى على البُلغاء والأدباء الماهرين.
وإن الله تعالى افتتح كتابه بالحمد لا بالشكر ولا بالثناء، لأن الحمد يُحيط عليهما بالاستيفاء، وقد ناب منابَهما مع الزيادة في الرِّفاء وفي التزيين والتحسين. ولأن الكُفّار كانوا يحمدون طواغيتهم بغير حق، ويؤثرون لفظ الحمد لمدحهم ويعتقدون أنهم منبع المواهب والجوائز ومن الجوّادين؛ وكذلك كان موتاهم يُحمَدون عند تعديد النوادب، بل في الميادين والمآدب، كحمد الله الرازق المتولي الضمين؛ فهذا ردٌّ عليهم وعلى كل من أشرك بالله وذكرٌ للمتوسّمين. وفي ذلك يلوم الله تعالى عَبَدةَ الأوثان واليهود والنصارى وكل من كان من المشركين. فكأنه يقول أيها المشركون .. لِمَ تحمدون شركاءكم وتُطرُون كبراءكم؟ أهم أربابكم الذين ربّوكم وأبناءكم؟ أم هم الراحمون الذين يرحمونكم ويردّون بلاءكم، ويدفعون ما ساءكم وضَرَّاءكم، ويحفظون خيرًا جاءكم، ويَرحَضون عنكم قَشَفَ الشدائد ويداوون داءكم، أم هم مالِكُ يوم الدين؟ بل الله يُربّي ويرحم بتكميل الرفاء، وعطاء أسباب الاهتداء، واستجابة الدعاء، والتنجية من الأعداء، وسيعطي أجر العاملين الصالحين.
وفي لفظ “الحمد” إشارة أخرى وهي أن الله تبارك وتعالى يقول أيها العباد اعرفوني بصفاتي، وتعرّفوني بكمالاتي، فإني لست كالناقصين، بل يزيد حمدي على إطراء الحامدين، ولن تجد محامدًا لا في السماوات ولا في الأرضين إلا وتجدها في وجهي، وإن أردتَ إحصاء محامدي فلن تحصيها، وإن فكّرتَ بشقّ نفسك وكلفت فيها كالمستغرقين. فانظر هل ترى مِن حمد لا يوجد في ذاتي؟ وهل تجد من كمال بُعِّدَ مني ومن حضرتي؟ فإن زعمت كذلك فما عرفتني وأنت من قوم عمين. بل إنني أُعرَف بمحامدي وكمالاتي، ويُرَى وابلي بسُحُبِ بركاتي، فالذين حسبوني مستجمِعَ جميعِ صفات كاملة وكمالات شاملة، وما وجدوا من كمال وما رأوا من جلال إلى جولانِ خيال، إلا ونسبوها إليَّ، وعزوا إليّ كل عظمة ظهرت في عقولهم وأنظارهم، وكلَّ قدرة تراءت أمام أفكارهم، فهم قوم يمشون على طرق معرفتي، والحق معهم وأولئك من الفائزين.
فقوموا، عافاكم الله، واستقرِئوا محامده عزَّ اسمه، وانظروا وأمعِنوا فيها كالأكياس والمتفكرين. واستنفِضوا واستشِفّوا أنظاركم إلى كل جهة كمال وتَحسَّسوا منه في قَيْض العالم ومُحِّه، كما يتحسس الحريص أمانيه بشُحّه، فإذا وجدتم كماله التام وريّاه، فإذا هو إيّاه، وهذا سرّ لا يبدو إلا على المسترشدين. فذلكم ربكم ومولاكم الكامل المستجمِع لجميع الصفات الكاملة، والمحامد التامة الشاملة، ولا يعرفه إلا من تدبر في الفاتحة، واستعان بقلب حزين. وإن الذين يُخلصون مع الله نيّةَ العقد، ويعطونه صفقة العهد، ويُطهّرون أنفسهم من الضغن والحقد، تُفتح عليهم أبوابها فإذا هم من المبصرين.
ومع ذلك فيه إشارة إلى أنه مَن هلَك بخطاه في أمر معرفة الله تعالى، أو اتخذ إلها غيره، فقد هلك مِن رفضِ رعاية كمالاته وتركِ التأنق في عجائباته، والغفلةِ عما يليق بذاته، كما هو عادة المبطلين. ألا تنظر إلى النصارى أنهم دُعوا إلى التوحيد، فما أهلكهم إلا هذه العلّة، وسوّلتْ لهم النفسُ المضلّة، والشهوة المُزِلّة، أن اتخذوا عبدًا إلهًا، وارتضعوا عُقار الضلالة والجهالة، ونسوا كمال الله تعالى وما يجب لِذاته، ونحتوا لله البنات والبنين. ولو أنهم أمعنوا أنظارهم في صفات الله تعالى وما يليق له من الكمالات لما أخطأ توسُّمُهم وما كانوا من الهالكين. فأشار الله تعالى ههنا أن القانون العاصم من الخطأ في معرفة البارئ، عز اسمه، إمعانُ النظر في كمالاته، وتتبُّعُ صفات تليق بذاته، وتذكُّر ما هو أولى من جدوى، وأحرى من عدوى، وتصوُّرُ ما أثبتَ بأفعاله من قوّته وحوله وقهره وطَوْله، فاحفَظْه ولا تكنْ من اللافتين. واعلم أن الربوبية كلها لله، والرحمانية كلها لله، والرحيمية كلها لله، والحكم في يوم المجازاة كله لله، فإياك وتَأَبِّيك مِن مطاوعةِ مُربّيك، وكُنْ من المسلمين الموحّدين. وأشار في الآية إلى أنه تعالى مُنزّه مِن تجدُّد صفةٍ، وحُؤول حالةٍ، ولُحوق وصمةٍ، وحَوْرٍ بعد كَوْرٍ، بل قد ثبَت الحمد له أوّلا وآخرا، وظاهرا وباطنا، إلى أبد الآبدين. ومن قال خلاف ذلك فقد احْرَوْرَف وكان من الكافرين.
وقد علمتُ أن هذه الآية ردٌّ على النصارى وعَبَدةِ الأوثان، فإنهم لا يوفون الله حَقَّه، ولا يرجون له بَرْقَه، بل يُغدِفون عليه ستارة الظلام، ويلقونه في سبل الآلام، ويُبعدونه من الكمال التام، ويُشركون به كثيرا من المخلوقين. فهذا هو الظن الذي أرْداهم، والتقليد الذي أبادهم وأهلكهم، بما عوّلوا على أقوال المفترين، وزعموا أنهم من الصادقين. وقالوا إن هذه في الآثار المنتقاة المدوَّنة عن الثقات، وما تَوجَّهوا إلى عثر آبائهم، وجهلِ عُلمائهم، وتشريقهم وتغريبهم من مراكز تعاليم النبيين، وتَيْهِهم في كل واد هائمين. والعجب من فهمهم وعقلهم أنهم يعلمون أن الله كامل تام لا يجوز فيه نقصٌ وشُنْعَة وشحوب وذهول، وتغيُّرٌ وحُؤول، ثم يُجوِّزون فيه كثيرا منها، وينسبون إليه كلَّ شقوة وخسران، وعيب ونقصان، ويكذّبون ما كانوا صدّقوه أوّلًا ويهذون كالمجانين.
وفي لفظ الحمد لله تعليم للمسلمين أنهم إذا سُئلوا وقيل لهم من إلهكم .. فوجَب على المسلم أن يجيبه أن إلهي الذي له الحمد كله، وما مِن نوعِ كمال وقدرة إلا وله ثابت، فلا تكن من الناسين. ولو لاحظَ المشركين حظُّ الإيمان، وأصابهم طلٌّ من العرفان، لما طاحَ بهم ظنُّ السوء بالذي هو قيّوم العالمين. ولكنهم حسبوه كرجل شاخَ بعد الشباب، واحتاج بعد صمديّته إلى الأسباب، ووقعت عليه شدائدُ نُحولٍ وقُحول، وقَشَفُ مُحول، ووقع في الإتراب، بل قرب من التباب، وكان من المتربين“.
(المصدر: كتاب كرامات الصادقين)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لقد استُهلَّت هذه السورة بـ {الْحَمْدُ لِله} ومعناه أن الحمد والثناء كله مسلَّم به للذي اسمه “الله.” وقد بُدئ بجملة {الْحَمْدُ لِله} لأن الغاية المتوخاة هي أن تكون عبادة الله بحماس الروح والجذب الطبيعي. ولا يمكن أن ينشأ الجذب المليء بالعشق والحب إلا إذا ثبت أن هذا الممدوح جامع الكمالات الكاملة التي بسببها يمدحه القلب تلقائيا. والمعلوم أن الحمد الكامل يليق بميزتين اثنتين: كمال الحسن وكمال الإحسان. وإذا اجتمعت في أحد هاتان الميزتان يفديه القلبُ عفويا. الهدف الأكبر من القرآن الكريم هو أن يُظهر كلتا الميزتين لله تعالى على الباحثين عن الحق لكي ينجذب الناس إلى ذلك الذات الذي لا نظير له ولا مثيل وأن يعبدوه بحماس الروح. لذا فقد أراد الله أن يرسم صورة جميلة في السورة الأولى؛ كم يتحلى الإله الذي يدعو إليه القرآن بصفات عظيمة. فلهذا السبب استُهِلَّت هذه السورة بالحمد لله ومعناه أن الحمد كله للذات الذي اسمه “الله.” وبحسب مصطلح القرآن إن اسم “الله” هو للذات الذي بلغت فيه ميزات الحسن والإحسان منتهاها ولا توجد فيه منقصة. لقد اعتبر القرآن الكريمُ الاسم “الله” وحده موصوفا بالصفات كلها. ليشار إلى أن اسم “الله” لا يتحقق إلا إذا وُجدت فيه جميع الصفات الكاملة. فلما وُجدت فيه كل ميزة حسنة كان حسنُه ظاهرا جليا. فمن منطلق هذا النور سمُّي الله نورا في القرآن الكريم كما يقول: {الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالَْأرْضِ}. وكل نور ظل نورِه.
كذلك توجد في الله تعالى ميزات الإحسان أيضا بكثرة، أربعة منها بمنزلة أصل الأصول. والميزة الأولى بحسب ترتبيها الطبيعي هي التي ذُكرت في سورة الفاتحة في قوله تعالى: رب العالمين. ومعناها أن ربوبية الله أي خلقه والإبلاغ إلى الكمال المطلوب ساري المفعول في العالمين كله. أي أن العالم السماوي والأرضي وعالم الأجسام وعالم الأرواح وعالم الجواهر والأعراض وعالم الحيوانات وعالم النباتات وعالم الجمادات والعوالم الأخرى كلها تتربى بتربيته لدرجة أن العوالم التي تطرأ على الإنسان بدءا من النطفة أو حتى من قبلها إلى الموت أو إلى الحياة الأخرى كلها تستفيض من ينبوع ربوبيته. فربوبية الله تُسمَى بالفيض الأعم لكونه يشمل الأرواح والأجسام والحيوانات والنباتات والجمادات وغيرها لأن كل موجود ينال الفيض منه ووجود كل شيء يتوقف عليه. ولكن مع أن ربوبية الله هي التي أوجدت كل موجود وتربيه ولكن فائدتها الكبرى من منطلق الإحسان تصل إلى الإنسان لأنه يستفيد من كل خلق من مخلوقات الله. لذا فقد ذكِّر الإنسانُ أن إلهك رب العالمين وذلك لكي تتقوى آمال الإنسان وليستيقن أن قدرات الله واسعة جدا لفائدتنا وهو قادر على أن يُظهر للعيان عوالم الأسباب المختلفة.
وصفة الله الحسنة الثانية هي الإحسان من الدرجة الثانية التي يمكن تسميتها بالفيض العام هي الرحمانية التي ذُكرت في سورة الفاتحة في {الرَّحْمَنِ.} ولقد سمِّي الله {الرَّحْمَنِ} في مصطلح القرآن لأنه قد أعطى كل حيوان بما فيه الإنسان أيضا صورة وسيرة تناسبانه أي أعطاه جميع القوى والقدرات وتكوين الجسم والأعضاء التي كان بحاجة إليها أو كانت تناسبه نظرا إلى أسلوب الحياة التي أُريدت له. ثم هيأ له الأشياء الضرورية لبقائه. وأعطى الطيور والدواب قوى تناسبها وأعطى الإنسان قدرات تناسبه. وليس ذلك فحسب بل خلق قبل هذه الأشياء كلها بصفة رحمانيته الأجرامَ الأرضية والسماوية لكي تحافظ على هذه الأشياء. فتبين من هذا البحث أنه لا دخل للعمل في رحمانية الله. بل هي الرحمة البحتة التي وُضع أساسها قبل وجود هذه الأشياء بمدة طويلة. صحيح أن الإنسان نال النصيب الأكبر من رحمانية الله لأن كل شيء يُضحَّى من أجل نجاحه هو. لذا قد ذُكِّر الإنسان أن إلهك رحمن.
الميزة الثالثة وهي الإحسان من الدرجة الثالثة وهي الرحيمية التي ذُكرت في سورة الفاتحة بـ {الرَّحِيمِ.} والرحيم يُطلق على الله في مصطلح القرآن الكريم لأنه يجيب دعاء الناس وتضرعاتهم ويقبل أعمالهم الصالحة ويحميهم من الآفات وضياع الأعمال. وهذا الفيض يسمَّى بتعبير آخر بالفيض الخاص، وهو خاص بالبشر فقط. ولم يعط الله تعالى الأشياء الأخرى مَلكة الدعاء والتضرع والأعمال الصالحة بل أعطاها الإنسانَ فقط. الإنسان حيوان ناطق ويستطيع أن ينال فيضا من الله تعالى بنطقه أيضا أما الأشياء الأخرى فما أُعطيت النطق. فيتبين من هنا أن دعاء الإنسان ميزة إنسانيته التي وُضعت في فطرته. وكما ينال الفيض من صفات الله “الرب” والرحمن” كذلك ينال من صفته الرحيم. والفرق الوحيد هو أن صفة الربوبية والرحمانية لا تقتضيان الدعاء لأنهما لا تخصان الإنسان فقط
بل تفيد الطيور والدواب كلها أيضا من فيضهما. وإن صفة الربوبية تفيد الحيوانات والنباتات والجمادات والأجرام الأرضية والسماوية كلها ولا يخرج شيء من دائرة فيضه وذلك على النقيض من صفة الرحيمية التي هي خلعة خاصة بالإنسان ولو لم يستفد منها مع كونه إنسانا فهو يساوي الحيوانات بل الجمادات وإن جعل الله تعالى في نفسه أربع صفات للإفاضة. وقد جعل الرحيمية التي تقتضي الدعاء خاصة بالإنسان. فتبين من ذلك أن في الله تعالى فيضا خاصا مرتبطٌ بالدعاء فلا يُنال بدونه. هذه هي سنّة الله وقانونه الذي لا يتغير ولا يتبدل. لهذا السبب ظل الأنبياء عليهم السلام جميعا يدعون لأممهم دائما. اقرأوا في التوراة كم مرة أشرف بنو إسرائيل على العذاب بإسخاطهم الله تعالى؟ ثم انظروا كيف زال عنهم العذاب نتيجة دعاء موسى وتضرعه وسجوده مع أنهم قد أُنذروا بالهلاك مرارا وتكرارا.
يتبين من كل هذه الأحداث أن الدعاء ليس لغوا، كذلك العبادة التي لا ينزل عليها فيضٌ ليست لغوا. هذه أفكار الذين لا يقدرون الله حق قدره، ولا يتعمقون في كلام الله ولا يتدبرون ولا يرفعون النظر إلى قانون الله السائد في الطبيعة. الحق أن الفيض ينزل بالدعاء حتما وينجّينا. هذا ما يسمى فيض الرحيمية الذي بسببه ينال الإنسان تقدما إثر تقدم. ونتيجة الفيض نفسه يصل إلى مرتبة الولاية ويوقن بالله وكأنه يراه بأم عينيه. إن مسألة الشفاعة أيضا مبنية على الرحيمية. إن رحيمية الله هي التي اقتضت أن يشفع الصالحون للطالحين.
إن إحسان الله الرابعَ، وهو الصفة الرابعة التي يمكن تسميتها بالفيض الأخص هو مالك يوم الدين، وقد ذُكر في سورة الفاتحة بقوله تعالى: مالك يوم الدين. والفرق فيها وفي صفة الرحيمية هو أن حق النجاح في الرحيمية يقوم بواسطة الدعاء والعبادة، وتُعطى ثمارها بواسطة صفة: مالك يوم الدين. مَثل ذلك كمثل شخص يجتهد في حفظ قانون الحكومة ويتقدم للامتحان ببذل قصارى مجهوده وينجح فيه. إذًا، إن الاستحقاق للنجاح تحت تأثير الرحيمية يشبه نجاح هذا المتقدم للامتحان. ثم حصوله على شيء أو مرتبة حاز النجاح من أجلها يشبه حالة استفادة الإنسان من الفيض الذي يتأتّى بفيض صفة مالكية يوم الدين. ففي الصفتين الرحيمية ومالكية يوم الدين إشارة إلى فيض الرحيمية الذي يتسنى نتيجة رحمة الله وفيض المالكية يُنال بفضل مالكية الله ليوم الدين. مع أن مالكية يوم الدين سوف تتجلى بصورة أوسع وأكمل في عالم المعاد ولكن تلك الصفات الأربعة تتجلى في هذا العالم أيضا بحسب دائرة هذا العالم. الربوبية تضع أساسا لفيض عام، والرحمانية تُري هذا الفيض عيانا في ذوي نفوس منفوسة. أما الرحيمية فتُظهر أن خط الفيض الممتدَ ينتهي على الإنسان. والإنسان حيوان لا يسأل الفيض بالحال فقط بل باللسان. ومالكية يوم الدين تهب الثمرة الأخيرة للفيض. وهذه الصفات الأربعة لا تزال تعمل في الدنيا. ولكن لما كانت دائرة الدنيا ضيقة وكذلك يرافق الإنسان الضعفُ والجهل وضيق الآفاق فإن الدوائر الواسعة جدا للصفات الأربعة تبدو له ضيقة كما تتراءى كرات النجوم الكبيرةُ من بعيد مثل النقاط فقط. ولكن ستتجلّى هذه الصفات الأربعة بالكامل في عالم المعاد. لذا إن عالم المعاد هو يوم الدين على وجه الحقيقة والكمال. ففي ذلك العالم تتجلّى كل من هذه الصفات الأربعة مضاعفةً أي بصورتها الظاهرية والباطنية أيضا؛ لذا ستبدو هذه الصفات الأربعُ ثمانيةً.
هذا ما أشير إليه حين قال الله تعالى بأن أربعة ملائكة يحملون عرش الله في الدنيا أما في ذلك اليوم فيحمله ثمانية، وهذا كلام مجازي طبعا. لأن هناك ملاكا منفصلا مكلَّفا بحسب كل صفة من صفات الله لذا قد ذُكر أربعة ملائكة عن الصفات الأربعة وعندما تتجلى الصفات الثمانية سيرافقها ثمانية ملائكة. ولأنهم قد تصبغوا بماهية صفات الألوهية وكأنهم يحملونها لذا استُخدمت كلمة الحمل على سبيل الاستعارة. الاستعارات الدقيقة مثلها توجد في كلام الله بكثرة وأُظهرت فيها الروحانية بصورة الحياة المادية. فباختصار إن الله تعالى متصف بهذه الصفات الأربعة العظيمة التي يجب على المسلم الإيمان بها. والذي يُنكر فيوض الدعاء وثمراته فكأنه يؤمن بثلاث صفات فقط بدلا من الأربع.
(المصدر: كتاب أيام الصلح)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لقد استُمد اسم “محمد” و“أحمد” – صلى الله عليه وسلم – من “حمد.” فهذان اسمان لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهما مظهران للحمد.
(المصدر: جريدة الحَكَم؛ بتاريخ: 1901/1/24م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
قد بدأ القرآن الكريم بـ {الْحَمْدُ لله} ليوعَز بذلك إلى اسم رسول الله – صلى الله عليه وسلم .-
(المصدر: جريدة الحَكَم؛ بتاريخ: 1901/2/17م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
كل المحامد التي توجد في العالم هي محامد الله وحده في الحقيقة، وإليه تعود لأن الميزة التي يتحلى بها المصنوع إنما هي للصانع في الحقيقة. بمعنى أن الشمس ليست بالتي تنوِّر العالم كل يوم بل الله ينوره بنوره. ولا يرفع القمر ظلام الليل بل الله يرفعه. وليس السحاب الذي ينزِّل الماء بل الله ينزله. كذلك ما تراه عيوننا فإن رؤيته تأتي من عند الله. وما تسمعه الآذن فإن سمعها يأتي من عند الله. والعقل عندما يكتشف الأشياء فإن الكاشف الحقيقي هو الله تعالى. وما تبديه السماء والأرض من أوصاف جميلة، وما يظهر من الجمال والخضرة إنما هو صنع ذلك الصانع الذي صنع هذه الأشياء كلها بقدرته الكاملة. ثم لم يقتصر على الخلق فقط بل جعل الرحمة تحالفها إلى الأبد التي عليها يعتمد وجودها وبقاؤها. ثم لم يتوقف على هذه النقطة فقط بل أبلغ كل شيء أوج كماله الذي بسببه تتبين أهمية كل شيء. فهو المحسن والمنعم الحقيقي وهو جامع الصفات كلها. وهذا ما أشار إليه في قوله: {الْحَمْدُ لِله رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.
(المصدر: جريدة الحَكَم؛ بتاريخ: 1904/6/24م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
تدبروا جيدا سورة الفاتحة التي تصور صورة القرآن الدقيقة وهي أم الكتاب، وقد ذُكرت فيها معارف القرآن الكريم كلها إجمالا. فقد بدأت السورة بجملة: {الْحَمْدُ لله} التي تعني أن المحامد كلها لله تعالى وحده. وفي ذلك تعليم أن المنافع كلها وجميع أنواع البحبوحة في الحياة تأتي من الله تعالى. ولأنه هو الذي يستحق الحمد والثناء كله لذا هو الذي يمكن أن يكون معطيا حقيقيا وإلا لاستلزم ذلك أنه ليس جديرا بأي حمد أو ثناء، وهذه كلمة الكفر. فكم هو تعليم جامع للتوحيد الموجود في {الْحَمْدُ لله} ويوجه الإنسان إلى عدم عبادة الأشياء الدنيوية وإلى أنها ليست نافعة في حد ذاتها، ويرسخ في الأذهان بكل جلاء ووضوح أن كل منفعة وربح حقيقي يأتي من الله تعالى وحده. فلأن المحامد كلها له وحده فآثروا الله تعالى دائما على كل منفعة وربح إذ لا معين سواه. إذا كان هناك أمر ليس فيه رضا الله فالأولاد أيضا يمكن أن يتحولوا إلى الأعداء بل يتحولون فعلا.
(المصدر: جريدة الحَكَم؛ بتاريخ: 1901/8/31م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
ما من دين سوى الإسلام يَعُدّ الله تعالى منزَّها عن جميع الرذائل ويعتبره متصفا بجميع المحامد الكاملة. إن عامة الهندوس يعتبرون آلهتهم شركاء في نظام الربوبية ويعدونها شريكة دائمة في أمور الألوهية. بل يزعمون أنها تغيّر مشيئة الله وتقلّب مقاديره رأسا على عقب. وكذلك يعتقد الهندوس عن كثير من الناس والدواب بل عن بعض الدواب غير النظيفة التي تأكل النجاسة أي الخنازير أيضا أن إلههم ظل يوُلَد على هيئتها بطريقة التناسخ في الأزمنة السابقة وظل ملوَّثا بجميع التلوُّثات والأنجاس التي تلازم تلك الدواب، وعانى مثلها من آفات الجوع والعطش والألم والمعاناة والهمّ والحزن والمرض والموت والذلة والخزي، والعجز وعدم القدرة. والمعلوم أن كل هذه المعتقدات تصم صفات الله وتحط من عظمته وجلاله الأزلي والأبدي. أما أتباع آريا سماج الذين ظهروا كإخوانهم المتحضرين ويزعمون أنهم يتبعون خطّ “الفيدا” تماما، فهم ينكرون صفة الله الخالق نهائيا، ويعتبرون الأرواح غير مخلوقة وواجبة الوجود وموجودة بوجودها الحقيقي مثل ذات الله الكامل تماما، مع أن العقل السليم يعُدّ عيبا صريحا بحق الله تعالى أن يُدعى مالك الكون ومع ذلك لا يُعَدّ ربًّا وخالقا لأي شيء، وأن الحياة ليست قائمة بقيوميته، بل بوجودها الذاتي.
عندما يُعرض على العقل السليم أمران: هل الأنسب والأصلح لمحامد الله القادر القدير التامةِ أن يخلق جميع الموجودات مُظهرا قدرته الكاملة ويكون ربّها وخالقها وأن تنتهي سلسلة الكون كله إلى ربوبيته هو، وأن توجد في ذاته الكامل صفة الخالقية والقدرة التامة، وأن يكون بريئا من عيب الولادة والموت؛ أم يليق بشأنه أن يقال بأن كافة المخلوقات التي تحت قدرته وتصرفه ليست خلقه ولا يقوم وجودها على قيوميته ولا تحتاج إليه من أجل وجودها وبقائها، وليس هو – سبحانه وتعالى – خالقها أو ربّها، ولا توجد فيه صفة الخلق أو القدرة عليه، وليس منزَّها عن نقيصة الولادة والموت؟ فلا يفتي العقل قط أن مالك العالم كله ليس خالقه، وأن آلاف الصفات الحكيمة التي تتحلى بها الأرواح جاءت إلى حيِّز الوجود من تلقاء نفسها وليس لها خالق، ولا يفتي أن الذي يُسمَّى مالك تلك الأشياء كلها هو مالكها على سبيل الافتراض فقط. كذلك لا يفتي العقل أن يُعَدَّ – عز وجل – عاجزا عن الخلق أو يُعتبر فاقد القدرة وناقصا أو تُنسب إليه النجاسة وعادةُ أكل القذارة السيئةُ أو يُجازَ له الموت والألم والمعاناة والجهل وعدم العلم، بل يشهد العقل بكل صراحة أن الله تعالى يجب أن يكون منزّها عن جميع أنواع الرذيلة والنقص، ويجب أن يتحلى بكمال تام. والمعلوم أن الكمال التام مرتبط بالقدرة التامة، ولو لم تبق فيه القدرة التامة ولم يعد قادرا على خلق شيء ولم يتمكن من إنقاذ نفسه من كل عيب ونقيصة، لما بقي فيه الكمال التام أيضا. وإن لم يبق فيه كمال تام فيكون محروماً من المحامد الكاملة أيضا.
هذه هي حالة الهندوس والآريين، وأما جلال الله تعالى الذي يُظهره النصارى فهو أمر يفهمه العاقل من سؤال واحد. فمثلا لو سئل عاقل: هل يجوز للذات الكامل والأزلي والصمد الذي يكفي في حد ذاته لأعماله العظيمة التي ظل ينجزها منذ الأزل، وخلق الدنيا كلها دون الحاجة إلى الأب أو الابن، ووهب للأرواح والأجساد كلها قوى تحتاج إليها، وهو الحافظ والقادر والقيوم ومدبر الكون كله، بل خلَق قبل وجودهم نتيجة صفة رحمانيته كل ما كانوا بحاجة إليه، وخلق للناس –دون انتظار عمل عامل منهم– الشمس والقمر والنجوم التي لا تُعدّ ولا تُحصى، وخلق أيضا آلاف النِعم الأخرى التي توجد على الأرض بمحض فضله ورحمته، وما احتاج لابن لإنجاز أيٍّ من هذه الأعمال؛ هل يُعقَل أن يحتاج الإله الكامل نفسه –من أجل المغفرة والنجاة مُبطلا جلاله وقدرته كلها– في الزمن الأخير للابن الناقص الذي ليس له أدنى نسبة مع الأب؛ إذ لم يخلق –مثل الأب– جزءا من السماء ولا قطعة من الأرض حتى تثبت ألوهيته، بل بيّن حالة عجزه في الإنجيل بما يلي: “فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ وَقَالَ: لمَاذَا يَطْلُبُ هذَا الْجِيلُ آيَةً؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُعْطَى هذَا الْجِيلُ آيَةً.” (مَرْقُسَ 8 : 12 )
وقد قال اليهود عند الصلب أيضا بأنه لو صار حيًّا على مرأى منا لآمنا به، ولكنه ما حيِيَ ولم يقدم أيّ دليل على ألوهيته وقدرته الكاملة. بل إذا أظهر بعض المعجزات أيضا فكانت مما سبق أن أظهرها الأنبياء السابقون بكثرة بل ظهرت المعجزات من هذا القبيل من بِركة الماء أيضا. (انظروا إنجيل يوحنا، الإصحاح
5).
فملخص الكلام أنه لم يتمكن من إراءة آية على ألوهيته كما يتبين من عبارة الإنجيل المذكورة آنفا، بل وُلد من امرأة ضعيفة وواجه – على حد قول المسيحيين – طول عمره ذلة وهوانا وعدم قدرة كما يواجهها الأشقياء والتُعساء من الناس. وكذلك قبِل لنفسه حالة قذرة ببقائه أسيرا إلى مدة من الزمن في ظلمات الرَحم، وبولادته عبر طريق غير نظيف وما بقي تلوُّث من تلوثات البشرية وعيوبها لم يتورط فيه ذلك الابن المشوِّهُ لسمعة أبيه. وأضف إلى ذلك أنه اعترف في كتابه بجهله وعدم علمه وعدم قدرته وعدم كونه بارا. وقد اعتُبر ذلك العبد الضعيف ابنا لله دون مبرر مع أنه كان أقل من بعض الأنبياء العظام من حيث الفضائل العلمية والعملية، وكان تعليمه أيضا ناقصا إذ كان فرعا من شريعة موسى. فكيف يجوز إذن أن تُوجَّه إلى الله القادر القدير والأزلي والأبدي تهمةٌ أنه صار محتاجا في نهاية المطاف – بعدما كان كاملا وصمدا وقادرا قديرا في ذاته – إلى ابن ناقص كهذا، وفقدَ جلاله وعظمته كلها دفعة واحدة؟
لا يسعني أن أفهم على الإطلاق أن يجيز عاقل بحق ذلك الذات الكامل والجامع لجميع الصفات الكاملة، أنواع الذلة والإهانة من هذا القبيل. والمعلوم أنه لو نُقِّيت وقائع ابن مريم من المحامد الزائفة والعابثة، لكان ملخص وقائعه الصحيحة الواردة في الأناجيل أنه كان عبدا عاجزا وضعيفا ناقصا كبقية الناس، وكان أحد الأنبياء المطيعين لموسى – عليه السلام .- وكان تابعا ومطيعا لنبي عظيم الشأن ولم يبلغ تلك العظمة بنفسه. أيْ كان تعليمه فرعا لتعليم عالٍ وما كان تعليما مستقلا. وقد أقرّ بنفسه – كما ورد في الأناجيل– بأنه ليس بارا ولا عالما بالغيب، وليس قادرا بل عبدٌ ضعيف. والواضح من بيان الإنجيل أنه قد دعا لنجاته مرارا أثناء الليلة قبل اعتقاله، وتمنّى أن يستجاب دعاؤه، ولكنه ما استُجيب. وكذلك ابتُلي من الشيطان كما يُبتلى العباد الضعفاء. فمن الواضح أنه كان ضعيفا وعاجزا بكل المعايير. ثم وُلد من مخرج معلومٌ عنه أنه طريق نجاسة وقذارة، وظل يعاني من الجوع والعطش والألم والمرض إلى مدة طويلة. وحدث ذات مرة أن ذهب إلى شجرة تين وقد أصابه سعار الجوع ولكن لم يكن في نصيبه شيء منه، لأن الشجرة كانت خالية من الثمار، ولم يقدر على أن يخلق بضع حبات من التين ليأكلها.
باختصار، بقي إلى مدة من الزمن في هذه الحالات من التلوُّثات حتى مات في نهاية المطاف بعد تحمُّل أنواع المعاناة بحسب إقرار المسيحيين ورُفع من هذه الدنيا. هنا نتساءل: هل يجب وجود هذه الصفات الناقصة في الإله القادر القدير؟ هل يُدعى قدوسا وذو الجلال من كان مليئا بهذه العيوب والنقائص؟ وهل يمكن أن يولد من بطن أم واحدة –أي مريم– خمسة أولاد فيصير أحدهم ابن الله بل الإله نفسه، وأما المساكين الأربعة الآخرون فما نالوا أدنى نصيب من الألوهية. فقد كان بمقتضى القياس أنه ما دام ممكنا أن يولَد إله من بطن مخلوق وليس ضروريا أن يولد إنسان من بطن الإنسان وحمار من بطن الأتان؛ فكان واجبا أنه لما وُلد من بطن المرأة إله ألا يولَد من البطن نفسه مخلوق آخر بعد ولادة الإله، بل جميع الأولاد الذين يتولّدون من هذا البطن يجب أن يكونوا آلهة، لكي يبقى ذلك الرحِم المقدس منزّها من شراكة ولادة المخلوق ويبقى منجمًا لخلق الآلهة فقط. فبناء على القياس المذكور كان ضروريا أن يجد إخوة المسيح – عليه السلام – وأخواته أيضا نصيبا من الألوهية. أما أمُّ هؤلاء الخمسة فكان من المفروض أن تكون رب الأرباب، لأن هؤلاء الخمسة استفاضوا منها من حيث القوى الروحانية والمادية. لقد افترى المسيحيون كثيرا في مديح ابن مريم دون مبرر، ولكن مع ذلك ما استطاعوا أن يخفوا نقاط ضعفه، بل أقروا بأنفسهم بتورطه في أنواع التلوّثات، ثم جعلوه ابن الله دون مبرر. مع أن اليهود والنصارى كلهم أبناء الله بحسب كتبهم المشبوهة، بل هم الآلهة ذاتها بحسب إحدى العبارات، ولكننا نرى أن البوذيين كانوا أفضل منهم في افترائهم واختراعهم، لأنهم لم يجيزوا لبوذا قط –بعد أن اتخذوه إلها– ولادته عبر طريق نجس وأكله النجاسة من أيّ نوع، بل كانوا يعتقدون أنه وُلد عن طريق الفم.
فالأسف كل الأسف أن المسيحيين قاموا بافتراءات كثيرة، ولكن لم يخطر ببالهم أن يفتروا قولًا بولادة المسيح عن طريق الفم وينقذوا إلههم من البول والنجاسة. ولم يخطر ببالهم أيضا ألا يجيزوا له الموت الذي ينافي حقيقة الألوهية كليا. ولم يخطر ببالهم أيضا أن يحذفوا من الإنجيل الأماكن التي ذُكر فيها اعتراف ابن مريم أنه ليس بارا وليس متعقلا ولم يأت باختياره، وليس عالما بالغيب وليس في قدرته استجابة الدعاء أيضا، بل ليس إلا عبدا ضعيفا وابن آدم مسكينا وجاء مرسَلا من قبل رب العالمين.
فملخص الكلام أن الصدق العظيم الذي يوجد في مضمون {الْحَمْدُ لله} لا يوجد في أي دين قط سوى الدين المقدس والطاهر؛ أي الإسلام. ولو قال أتباع برهمو بأنهم معترفون بهذا الصدق لكانوا كاذبين في قولهم هذا، لأني كتبت من قبل في هذا الموضوع بالذات أن البرهمو يقولون بأن الإله أبكم وغير قادر على النطق والكلام، وبأنه عاجز عن إلقاء إلهامه وعلومه أيضا. ويعتبرونه عاريا من الصفات الحقيقية التي يجب وجودها في الهادي الحقيقي والكامل. بل ما كان من نصيبهم قدرا ضئيلا من الإيمان أيضا ليعتقدوا أن الله تعالى أظهر وجوده وألوهيته في الدنيا بإرادته واختياره؛ بل يقولون خلاف ذلك بأنه تعالى كان لا يزال في زاوية الخمول مثل ميت أو حجر، حتى اكتشف العقلاء وجوده باجتهاداتهم وأذاعوا ألوهيته في الدنيا. فالمعلوم أنهم أيضا ينكرون مثل إخوتهم محامد الله الواحد الأحد الكاملة. بل ينسبون إلى أنفسهم المحامد كلها. (المصدر : كتاب البراهين الأحمدية، ص 365 – 371 الحاشية رقم 11)
إن هذا الفضل يعود إلى القرآن الكريم وحده أنه من ناحية يدحض الأديان الباطلة ويميط اللثام عن تعاليمها الباطلة ومن ناحية أخرى يقدم التعليم الصحيح والحقيقي الذي أبدى نموذجه في سورة الفاتحة إذ قد فنّد الأديان الباطلة بكلمة واحدة فقال “الحمد لله“، أي أن المحامد كلها أيا كان نوعها إنما هي لله تعالى. فقد أثبت ببيان هذه الكلمة أن الإله الذي يريد القرآنُ الكريم أن يؤمن به الناس منزَّه عن جميع العيوب ومتصف بالصفات الكاملة كلها لأن لفظ “الله” يُطلق على مَن لا عيب فيه قط. والكمال نوعان، إما من حيث الحسن أو من حيث الإحسان. فهذا اللفظ يشمل كِلَي الكمالين. الكلمات التي اختارتها الأمم الأخرى لتسمية الله ليست جامعة مثله. وهذه الكلمة: “الله” تدحض وجود معبودي الأديان الباطلة وصفاتها كليا. خذوا المسيحيين مثلا فالإله الذي يؤمنون به هو ابن امرأة ضعيفة وعاجزة واسمه يسوع الذي خرج من بطن أمه مع ألم ومعاناة مثل الأجنة العاديين وتعرّض لأعراض مختلفة. فقد اضطرب بسبب الجوع والعطش وتحمل مصائب ومعاناة قاسية، وكان عرضة لجميع أنواع الضعف. وقد ضُرب في نهاية المطاف على أيدي اليهود وقد علّقوه على الصليب. فوضع يسوع هذا الذي يتبين من الإنجيل – واتخذه المسيحيون إلها – لو قُدّم أمام عاقل، هل له أن يقول بأن كل الصفات الكاملة توجد فيه ولا عيب فيه قط؟ كلا، بل سيَعتَبره أول وأكمل نموذج للضعف والنقائص البشرية. فكيف يمكن لمن يقول {الْحَمْدُ لله} أن يؤمن بإله ضعيف علِّق على الصليب ولُعن؟ فتبين من ذلك أن القرآن يدعو، مقابل المسيحيين، إلى إله لا يمكن أن يكون فيه عيب على الإطلاق. ثم انظروا إلى دين الآريين إذ يقولون إن إلهنا لم يخلق ذرات العالم وأرواح العالم قط بل كما هو
أزلي كذلك لذرات أجسامنا وغيرها أيضا وجودٌ مستقل بحذاء الله ولا تحتاج إليه من حيث وجودها وبقائها بل الله هو المحتاج إلى تلك الأشياء ولم يخلق شيئا.
فلا يصعب الفهم من هنا أن الذي ليس خالقا كيف يمكن أن يكون مالكا أيضا؟ كذلك يعتقدون أنه ليس رزاقا ولا كريما أو ما شابه ذلك لأن كل ما يناله الإنسان إنما هو نتيجة أفعاله ولا يمكن أن ينال شيئا أكثر من ذلك.
فقولوا الآن صدقا وحقا؛ أنّى للعقل السليم أن يرضى بالإله الذي يُنسب إليه هذا القدر الهائل من العيوب إلها. كذلك إن جملة {الْحَمْدُ لِله} تفند الأفكار السخيفة والخاطئة لجميع الأديان الباطلة ومعتقداتها التي توجد في العالم.
(المصدر: جريدة الحَكَم؛ بتاريخ: 1903/5/10م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لقد ورد في كتب اللغة الموثوق بها مثل لسان العرب وتاج العروس أن لفظ “الرب” يتضمن سبعة معان: المالك، السيد، المدبر، المربي، القيّم، المنعم، المتمم. فثلاثة من هذه المعاني السبعة تدل على عظمة الله الذاتية منها المالك. والمالك في لغة العرب يعني الذي له سيطرة تامة على مملوكه ويتصرف فيه ويستخدمه كيفما يشاء ويملك الحق عليه دون اشتراك غيره. وهذا اللفظ لا يمكن إطلاقه بمعناه الحقيقي أي بالمعنى الذي ذكرنا إلا على الله تعالى وحده لأن السيطرة التامة والتصرف التام ليس مسلَّما به إلا لله تعالى وحده.
(المصدر: كتاب منن الرحمن، ص 7 – 8 حاشية متعلقة)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
“وأشار الله سبحانه في قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} إلى أنه هو خالقُ كل شيء ومنه كلُّ ما في السماوات والأرضين. ومِن العالَمين ما يوجد في الأرض مِن زُمر المهتدين وطوائف الغاوين والضالين، فقد يزيد عالَمُ الضلال والكفر والفسق وتركِ الاعتدال، حتى يُملأ الأرضُ ظلمًا وجورًا ويترُك الناس طرقَ الله ذا الجلال، لا يفهمون حقيقة العبودية، ولا يؤدّون حقّ الربوبية، فيصير الزمان كالليلة الليلاء، ويُداسُ الدين تحت هذه اللأواء. ثم يأتي الله بعالَمٍ آخر فتُبدَّل الأرضُ غيرَ الأرض وينْزل القضاء مُبدَّلًا من السماء، ويُعطَى للناس قلبٌ عارفٌ ولسانٌ ناطقٌ لشكر النعماء، فيجعلون نفوسهم كمَوْرٍ مُعبَّد لحضرة الكبرياء، ويأتونه خوفًا ورجاءً بطرفٍ مغضوض من الحياء، ووجهٍ مُقبِل نحو قبلة الاستجداء، وهمّةٍ في العبودية قارعةٍ ذُروةَ العلاء، ويشتدّ الحاجة إليهم إذا انتهى الأمر إلى كمال الضلالة، وصار الناس كسباعٍ أو نَعَمٍ من تغيُّرِ الحالة، فعند ذلك تقتضي الرحمة الإلهية والعناية الأزلية أن يُخلَق في السماء ما يدفع الظلام، ويهدم ما عمر إبليسُ وأقام، من الأبنية والخيام. فينْزل إمامٌ من الرحمن، ليذُبّ جنودَ الشيطان. ولم يزل هذه الجنود وتلك الجنود يتحاربان، ولا يراهم إلا من أُعطِيَ له عينان، حتى غُلَّ أعناقُ الأباطيل، وانعدمَ ما يُرى لها نوعُ سرابٍ من الدليل. فما زال الإمام ظاهرًا على العِدا، ناصرًا لمن اهتدى، مُعْلِيًا معالمَ الهدى، مُحيِيًا مواسمَ التُّقَى، حتى يعلم الناس أنه أَسَرَ طواغيتَ الكفر وشدَّ وِثاقَها، وأخَذ سباع الأكاذيب وغلَّ أعناقَها، وهدَم عمارةَ البدعات وقوّض قِبابَها، وجمَع كلمةَ الإيمان ونظم أسبابها، وقوّى السلطنةَ السماوية وسدَّ الثغور، وأصلح شأنها وسدّد الأمور، وسكّن القلوب الراجفة، وبكّت الألسنة المرجفة، وأنار الخواطرَ المظلمة، وجدّد الدولة المُخْلِقة.
وكذلك يفعل الله الفعّال، حتى يذهب الظلام والضلال، فهناك ينكص العدا على أعقابهم، وينكِّسون ما ضربوا من خيامهم، ويحلّون ما أرَّبوا من آرابهم.
ومِن أشرف العالَمين وأعجب المخلوقين، وجودُ الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين الصدّيقين، فإنهم فاقوا غيرهم في بثّ المكارم وكشفِ المظالم، وتهذيبِ الأخلاق وإرادة الخير للأنفس والآفاق، ونشرِ الصلاح والخير، وإجاحةِ الطلاح والضير، وأمرِ المعروف والنهيِ عن الذمائم، وسوقِ الشهوات كالبهائم، والتوجّهِ إلى ربّ العبيد، وقطعِ التعلّق من الطريف والتليد، والقيامِ على طاعة الله بالقوة الجامعة والعُدّة الكاملة، والصولِ على ذراري الشيطان بالحشود المجموعة والجموع المحشودة، وتركِ الدنيا للحبيب، والتباعُدِ عن مغناها الخصيب، وتركِ مائها ومرعاها كالهجرة، وإلقاءِ الجِران في الحضرة. إنهم قومٌ لا يتمضمضُ مُقْلتُهم بالنوم، إلا في حبّ الله والدعاء للقوم. وإن الدنيا في أعين أهلها لطيفُ البِنْية مليحُ الحِلْية، وأمّا في أعينهم فهي أخبثُ من العَذِرة، وأنتنُ عن المَيتة. أقبلوا على الله كلَّ الإقبال، ومالوا إليه كلّ الميل بصدق البال. وكما أن قواعد البيت مقدَّمة على طاقٍ يُعقَّد، ورُواقٍ يُمهَّد، كذلك هؤلاء الكرام مقدَّمون في هذه الدار، على كل طبقة من طبقات الأخيار. وأُرِيتُ أن أكملَهم وأفضلهم وأعرفهم وأعلمهم نبيُّنا المصطفى، عليه التحية والصلاة والسلام في الأرض والسماوات العُلى، وإنّ أشقى الناس قومٌ أطالوا الألسنة وصالوا عليه بالهَمْز وتجسُّس العيب، غيرَ مطّلعين على سرّ الغيب. وكم من ملعونٍ في الأرض يحمده الله في السماء، وكم من معظَّمٍ في هذه الدار يُهان في يوم الجزاء.
ثم هو سبحانه أشار في قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} إلى أنه خالقُ كل شيء وأنه يُحمَد في السماء والأرضين، وأن الحامدين كانوا على حمده دائمين، وعلى ذكرهم عاكفين، وإنْ مِن شيء إلا يسبِّحه ويحمَده في كل حين. وإن العبد إذا انسلخ عن إراداته، وتجرّدَ عن جذباته، وفنى في الله وفي طرقه وعباداته، وعرف ربَّه الذي ربّاه بعناياته، حمِده في سائر أوقاته، وأحبَّه بجميع قلبه بل بجميع ذرّاته، فعند ذلك هو عالَمٌ من العالَمين، ولذلك سُمّي إبراهيم أُمّةً في كتابِ أعلَمِ العالِمين.
ومن العالَمين زمانٌ أُرسِلَ فيهم خاتم النبيين، وعالَمٌ آخر فيه يأتي الله بآخرين من المؤمنين في آخر الزمان رحمةً على الطالبين، وإليه أشار في قوله تعالى: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الُأولَى وَالآخِرَة}، فأومأ فيه إلى أحمدَين وجعَلهما مِن نعمائه الكاثرة. فالأول منهما أحمدُ المصطفى ورسولنا المجتبى، والثاني أحمدُ آخرِ الزمان، الذي سُمّي مسيحًا ومهديًّا من الله المنّان. وقد استنبطتُ هذه النكتة من قوله: {الْحَمْدُ لِله رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فليتدبّرْ من كان من المتدبّرين“.
(المصدر: كتاب إعجاز المسيح )
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
“العالم ما يُعلَم ويُخبَر عنه، وما يدل على الصانع الكامل الواحد المدبّر بالإرادة، ويلتَحِص الطالبَ إلى الإيمان به، وينصّه إلى المؤمنين“.
(المصدر: كتاب كرامات الصادقين)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
“وعرفتَ أن العالَمين عبارة عن كل موجود سوى الله خالقِ الأنام، سواء كان مِن عالم الأرواح أو من عالم الأجسام، وسواء كان من مخلوق الأرض أو كالشمس والقمر وغيرهما من الأجرام. فكلٌّ من العالَمين داخلٌ تحت ربوبية الحضرة“.
(المصدر: كتاب إعجاز المسيح )
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لم يقل الله هنا خالق العالمين1 بل قال “رب العالمين” لأن بعض الأقوام تُنكر الربوبية وتقول بأن كل ما نناله إنما هو بسبب أعمالنا. مثلا إذا كنا نحصل على الحليب فالسبب في ذلك أنه لو لم نتحول إلى جاموس أو بقرة على طريق التناسخ نتيجة ارتكابنا ذنبا لما وُجد الحليب أصلا. ولأن الخلق اسم للقطع والتمزيق فقد أورد بهذه المناسبة “رب العالمين” الذي هو أفضل من ذلك.
(المصدر: جريدة الحَكَم؛ بتاريخ: 1900/11/10م)
1 قال “رب العالمين” لسبب آخر أيضا ليثبت أنه عالم البسائط وعالَم الأمر أيضا لأن الأشياء البسيطة من الأمر والمركبات من الخلق، منه.
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن الله تعالى إله العالم كله، وكما خلق المواد والأسباب لسد الحاجات الجسدية لكل المخلوقات، مشتركة بين الجميع دون التمييز بين الخلق وهو رب العالمين بحسب مبدئنا، وقد خلق الغلال والهواء والماء والضوء وغيرها من الأمور لكافة المخلوقات كذلك ظل يرسل المصلحين بين حين وآخر في كل زمان لإصلاح كل قوم. فيقول تعالى. {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}
(المصدر: جريدة الحَكَم؛ بتاريخ: 1908/6/2م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
القرآن الكريم يدحض مذهب الوثنيين الذين يعتقدون أن أوثانهم هي مظاهر فحسب فيقول في مستهله: “الحمد لله رب العالمين.” لو لم يكن هناك فرق بين الخالق والمخلوق وكانوا سواسية لما قال “رب العالمين.”
(المصدر: جريدة الحَكَم؛ بتاريخ: 1902/8/10م ، ص 8)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
ثم وردت بعد ذلك كلمة: “رب العالمين.” وكما قلت من قبل إن الله جامع الصفات الكاملة كلها ومنزّه من العيوب كلها وبالغ أعلى نقطة من الحسن والجمال لكي ينجذب الناس تلقائيا إلى ذلك الإله الذي لا نظير له ولا مثيل، وأن يعبدوه بحماس الروح وجذبها. لذا فقد بيّن الإحسان كميزة أولى بذكر صفة رب العالمين التي بسببها تستفيد المخلوقات كلها من فيض الربوبية. ولكن الأديان الأخرى الموجودة حاليا كلها تنكر هذه الصفة أيضا. فمثلا يعتقد الآريون كما ذكرت قبل قليل أن كل ما يناله الإنسان إنما هو نتيجة أعماله وليس مستفادا من ربوبية الله تعالى قط؛ لأنهم ما داموا لا يعدّون الله تعالى خالق أرواحهم ويعُدّونها غير محتاجة إليه تماما لوجودها وبقائها فاضطروا لإنكار صفة الربوبية. كذلك المسيحيون أيضا ينكرون هذه الصفة لأنهم يعتقدون بالمسيح ربًّا لهم ويرددون “ربنا المسيح، ربنا المسيح” ولا يؤمنون بالله ربَّ جميع ما في العالم بل يحسبون المسيح خارج فيض ربوبيته ويزعمونه ربا. كذلك الهندوس ينكرون هذه الحقيقة لأنهم يعدّون الأشياء الأخرى أربابا.
أتباع برهمو سماج أيضا ينكرون الربوبية التامة لأنهم يعتقدون بأن الله فعل دفعة واحدة ما كان سيفعله، وأن هذا العالم وكافة قواه التي خُلقت دفعة واحدة مسخرة في أعمالها على الدوام وأن الله لا يستطيع أن يتصرف فيها ولا يمكن أن يحدث فيها أيّ تغيّر، وأن الله تعالى عاطل الآن تماما بحسب زعمهم. فباختصار، بقدر ما نتأمل في الأديان المختلفة ونفحص معتقداتها نرى بوضوح تام أنها لا تؤمن بالله ربَّ العالمين. بل الحق أن هذه الميزة العظيمة التي نشاهدها في كل حين وآن ينبئ عنها القرآن الكريم وحده ويستأصل جميع المعتقدات الباطلة والسخيفة التي اخترعها أهل الأديان الأخرى – المناقضة لهذه الصفة – دفعة واحدة بهذه الكلمة الوحيدة.
(المصدر: جريدة الحَكَم؛ بتاريخ: 1903/5/10م )
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لقد استهل الله تعالى القرآن الكريم بآية سورة الفاتحة {الحمد لله رب العالمين} أي أن الله تعالى يملك جميع الصفات الكاملة والطيبة. إن كلمة “العالَم” تشمل الأقوام المختلفة والأزمنة المختلفة والبلاد المختلفة أيضا. وفي استهلال القرآن الكريم بهذه الآية تفنيد الأقوام التي تعتبر ربوبية الله العامة وفيضه العميم مقتصرا على قومهم فقط ويظنون الأقوام الآخرين وكأنهم ليسوا عباد الله، وكأن الله خلقهم ثم رماهم كشيء رديء أو نسيهم، أو ليسوا من خلقه أصلا والعياذ بالله. كما أن اليهود والنصارى مثلا لا يزالون يظنون أن جميع الأنبياء الذين جاءوا إلى الآن هم من بني إسرائيل فقط وظل الله ساخطا على الأقوام الأخرى إذ وجدهم في الضلال والغفلة ومع ذلك لم يعبأ بهم قط. كما ورد في الإنجيل أيضا أن المسيح – عليه السلام – يقول بأني جئت إلى خراف بني إسرائيل فقط. فنقول هنا، مع افتراض المحال، بأن التفوه بكلمة تنم عن ضيق الآفاق إلى هذه الدرجة مع ادعاء الألوهية لَأمر يثير الاستغراب حقا. هل كان المسيح إله بني إسرائيل فقط دون الأمم الأخرى حتى قال مثل هذا الكلام الذي يعني أنه لا علاقة له مع إصلاح قوم آخر وهدايتهم. فباختصار، إن دين اليهود والنصارى هو أن جميع الأنبياء والرسل جاءوا من عائلتهم فقط ونزلت كتب الله تعالى في عائلتهم فقط. ثم انقطعت سلسلة الوحي والإلهام أيضا على عيسى – عليه السلام – بحسب معتقد المسيحيين وخُتم على إلهام الله.
كذلك يوجد من بين الآريين أيضا من يتمسكون بهذه الأفكار بمعنى أنه كما يجعل اليهود والمسيحيون النبوة والإلهام مقتصرا على عائلة إسرائيل ويحرمون الأقوام الأخرى من بركة الإلهام؛ فقد اعتنق الآريون أيضا المعتقد نفسه لسوء حظ بني البشر. بمعنى أنهم يعتنقون اعتقادا أن سلسلة وحي الله والإلهام لم تخرج عن نطاق الهند إذ يُنتخب رجال الدين أو الرسل الأربعة من هذا البلد دائما، ولم ينزل إلا الفيدا بالتكرار الدائم. وقد اختيرت دائما لغة السنكسريتية المستخدمة في الفيدا للإلهام.
فخلاصة الكلام أن هذين القومين لا يعتبران الله رب العالمين، وإلا ما من سبب لإنشاء الله علاقته مع قوم واحد فقط دائما التي تنم عن انحياز سافر مع أنه يُدعى رب العالمين وليس رب الإسرائليين أو رب الآريين فقط. فلتفنيد هذه الأفكار استهل الله تعالى القرآن الكريم بآية: {الحمد لله رب العالمين}، وقال في القرآن الكريم في عدة آيات إنه ليس صحيحا أن الأنبياء جاءوا من قوم معين أو في بلد معين فقط بل لم ينس الله تعالى أيّ قوم أو بلد. وقد قيل في القرآن الكريم بضرب أمثلة مختلفة بأنه كما أن الله تعالى ظل يربي أهل كل بلد بما يناسبهم كذلك متّع كل بلد وقوم بالتربية الروحانية أيضا كما يقول في القرآن الكريم: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}.
فالجدير بالقبول دون أي نقاش أن ذلك الإله الكامل والصادق الذي يجب على كل إنسان أن يؤمن به هو رب العالمين وأن ربوبيته ليست محدودة على قوم دون قوم. وهو ليس إلها إلى مدة معينة ولا لبلد معين بل هو رب الأقوام كلها ورب الأزمنة كلها ورب الأماكن كلها ورب البلاد كلها وهو مصدر الفيوض كلها. وكل قوة مادية وروحانية تأتي من عنده فقط، وببركته يتربي كل موجود وهو السند لكل وجود. وأن فيض الله عام ويحيط بكل الأقوام والبلاد والأزمنة لكيلا تكون لدى قوم شكوى وألا يقولوا بأن الله منّ على قوم كذا وكذا ولم يمنّ علينا، أو وجد قوم كذا وكذا كتابا منه ليهتدوا به ولكننا ما أُعطيناه، أو ظهر بوحيه وإلهامه ومعجزاته في زمن كذا وكذا ولكنه بقي مخفيا في زمننا. لذا فقد جلّى فيضا عاما ودفع الاعتراضات كلها من هذا القبيل وأبدى أخلاقه الواسعة إذ لم يحرم قوما من فيوضه المادية والروحانية ولم يحرم زمنا من الأزمنة.
(المصدر: كتاب رسالة الصلح)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
الحمد كله لله رب العالمين وخالقها. إن بعض الناس ينكرون خلق الله كما يقول الآريون عن الروح والمادة بأنها موجودة من تلقاء نفسها مثل الإله تماما. وأن قواها كلها أيضا تلقائية لا دخل فيها للإله. فإلى هذه الفِئة أشار الله تعالى في قوله: “رب العالمين” ودحضهم أيضا.
(المصدر: جريدة بدر؛ بتاريخ: 1908/1/9م )
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن اسم الله هو رب العالمين، فهو الذي يربي العالم الروحاني والمادي. لو لم يُوْدِع الإنسانَ قوى مناسبة لما كان له أن يستفيد من النِعم. كذلك إن التقدم الروحاني بدون فضله محال.
(المصدر: جريدة بدر؛ بتاريخ: 1908/6/25م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
يقول الله تعالى بأني أنا الذي أربِّيكم في الحقيقة، ولولا تربية الله لما قدر عليها أحد. انظروا عندما يبتلي الله تعالى أحدا بمرض يهلك في الأخير مهما بذل الأطباء من الجهود. تأملوا في الطاعون مثلا، فقد بذل الأطباء قصارى جهودهم ولكنه لم يزل إلى الآن.
فالحق أن الخير كله منه – سبحانه وتعالى – وهو الذي يزيل السيئات. ثم يقول: {الحمد لله رب العالمين} أي هو الذي يستحق الحمد كله وهو الذي يربي العالمين كلها.
(المصدر: جريدة بدر؛ بتاريخ: 1903/7/31م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
{الحمد لله رب العالمين} أي المحامد كلها لله الذي هو رب العالمين جميعا أي ربوبيته محيطة بالعالمين كلها.
(المصدر: كتاب الحرب المقدسة ص19 )
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لا مجال للنقاش في أن ما يوجد في الأجرام السماوية والعناصر من الصفات المادية والفانية موجود نفسه في الله تعالى كصفات روحانية وأبدية. وقد كشف الله تعالى علينا أن الشمس وغيرها ليست بشيء بحد ذاتها بل إن قدرة الله – عز وجل – العظيمة هي التي تنجز كل شيء في الخفاء. هو الله الذي يُلبس القمر رداء ذاته وينوّر الليالي الحالكة، ويدخل – سبحانه وتعالى – القلوب بنفسه وينوّرها ويتكلم بداخل الإنسان. هو الذي يلقي على قواه غطاء الشمس ويجعل النهار مظهرا لنور عظيم، ويجلّي أعماله المختلفة في الفصول المختلفة. إنها لقدرته – سبحانه وتعالى – التي تنزل من السماء وتسمّى المطر، وتجعل الأرض الجدباء مخضرّة وتسقي العطاشى. إنها لقوته التي تحرق بكونها نارا، وتجدد النَفَس بكونها هواء وتنضِّر الأزهار وتهبها رونقا وبهاء وتسوق السحاب وتوصل الصوت إلى الآذان. إنها لقدرته – عز وجل – وحده التي تجسدت بصورة الأرض وحملت على ظهرها البشر والحيوانات. ولكن هل هذه الأشياء آلهة حقا؟ كلا، بل هي مخلوقات ولكن قدرة الله ملتصقة بأجرامها التصاق اليد بالقلم. مع أننا نستطيع القول بأن القلم يكتب ولكنه لا يكتب في الحقيقة بل اليد هي التي تكتب. أو يمكن أن نقول بأن قطعة الحديد اتخذت هيئة النار بدخولها النار أي أنها تحرق وتضيء أيضا ولكن تلك الصفات ليست صفاتها بل هي صفات النار.
كذلك صحيح تماما من منطلق التحقيق أن كلّ ما هو مشهود ومحسوس من الأجرام الفلكية والعناصر الأرضية بل كل ذرة من العالم السفلي والعلوي – من حيث خواصها الموجودة فيها – هي أسماء الله تعالى وصفاته وقدرته التي تتجلى فيها خفية. فكلها كانت كلمات الله في البداية قد أظهرتها قدرته – سبحانه وتعالى – بأساليب مختلفة. قد يتساءل قليل العلم فيقول: كيف تجسّدت كلمات الله تعالى؟ وهل نقص شيء من ذات الله تعالى بسبب انفصالها عنه؟ ولكن عليه أن يفكّر أن الحرارة التي تجذبها العدسة المحدَّبة من الشمس لا تُقلّل من حرارة الشمس شيئا. كذلك الفواكه التي تنمو بتأثير القمر فلا تؤدي هذه التنمية إلى اضمحلال القمر. هذا هو سر معرفة الله ومركز نظام الله الروحاني كله أن العالم قد جاء إلى الوجود نتيجة كلمات الله فقط. وقد علّمنا القرآن الكريم المبدأ نفسه. فمن الممكن عندي أن يكون هذا هو المراد مما مدح به الفيدا النارَ أو الهواء ومما أثنى به على الشمس أن قدرة الله تعالى تعمل في كل هذه الأشياء بصلة متينة إذ أن الأجرام كلها بمنزلة القشر مقابله – عز وجل – وقدرة الله هي المغزى واللُبّ. وكل الصفات تعود إليه – سبحانه وتعالى –، فهو الذي يجب أن يسمَّى النار والماء لأن أفعال هذه الأشياء ليست أفعالها في الحقيقة بل كلها أفعال الله تعالى. وإن قدراتها ليست قدراتها بل هي قدرات الله في الحقيقة، كما تشير آية سورة الفاتحة: {الْحَمْدُ لِله رَبِّ الْعَالَمِينَ} إلى الأمر نفسه. أي أن الأشياء السماوية والأرضية التي تعمل بأساليب مختلفة وطرق شتى للمحافظة على نظام العالم ليست هي العاملة بل إن قدرة الله هي التي تعمل من ورائها. كما قال تعالى في آية أخرى: {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} أي أن الدنيا هي بمنزلة صرح من القوارير التي يجري من تحتها الماء بقوة. ويظن الجاهل أن القواير هي الماء بينما الماء هو تحتها.
كذلك قال تعالى في آية أخرى: {وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} أي لا تظنوا أن الأرض تحملكم أو سفن البحر بل نحملكم نحن.
( المصدر : كتاب نسيم الدعوة)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
انظر كَم هي جامعةٌ كلمةُ {رب العالمين} هذه، إذ لو ثبت يومًا وجودُ مخلوقات في الأجرام الفلكية فسوف تكون تلك المخلوقات مشمولة في هذه الكلمة.
(المصدر: كتاب سفينة نوح )
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
{مالِكِ يومِ الدينِ} يعني أنه جعل في يده جزاءَ كل واحد، وليس له من وكيل فوض إليه تدبيرَ ملك السماوات والأرض، وقعد بنفسه جانبا لا يفعل شيئا، بينما يقوم أو سيقوم وكيله بمهمة المجازاة والعقاب.
(المصدر: كتاب فلسفة تعاليم الإسلام)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن “المالك” كلمة تتلاشى بحذائها كل الحقوق، وإنما تُطلَق هذه الكلمة بالكامل على الله تعالى فقط لأنه هو المالك الكامل. والذي يجعل غيره مالكَ حياته وغيرها فإنه يقرّ بذلك أنه لم يعد له أيّ حق على حياته وماله وغيره ولم يعد أيّ شيء له بل صار كل شيء للمالك.
( المصدر: كتاب ينبوع المعرفة)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن معاقبة كل ذنب يتنافى مع أخلاق الله تعالى في العفو والصفح لأنه مالك وليس كالقاضي فقط كما سمّى نفسه مالكا في السورة الأولى من القرآن الكريم فقال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.} أي أن الله تعالى مالك الثواب والعقاب. والمعلوم أنه لا يمكن اعتبار أحد مالكا ما لم يعمل بكِلا الأمرين، أي يبطش إن شاء ويعفو إن يشاء.
(المصدر: كتاب ينبوع المعرفة)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لقد وردت في القرآن الكريم صفة الله “مالك يوم الدين” أيضا. من الممكن أن يكون الإنسان متمتعا بأحسن حال، كذلك يمكن أن تكون الطيور والدواب بحال أحسن منه أيضا. إن الدنيا عالم الامتحان الذي وُجد العالم الآخر لحله. توجد في هذا العالم بعض المعاناة وقد وعد الله أنه سيجزي عليها بالأفراح في العالم الثاني. فلو قال أحد هنا: لماذا فعل ولماذا لم يفعل كذا فجوابه أنه يملك حق التحكّم والمالكية أيضا. ففعل كما شاء ولا مجال لأحد ولا حق أن يعترض على فعل من أفعاله.
(المصدر: جريدة الحكم، بتاريخ 1908/5/30م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
يجتنب الإنسان الذنب نتيجة الجلال والهيبة فقط. وإذا علم أن الله تعالى شديد العذاب ومالك يوم الدين لحلت به هيبة تنقذه من اقتراف الذنب.
(المصدر: جريدة الحكم، بتاريخ 1901/12/10م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن قوله تعالى {مَالِكِ يَوْمِ الْدِّينِ} لا يعني أنّ عملية الجزاء والعقاب ستتمّ يوم القيامة فقط، كلا، بل قد صرّح القرآن المجيد مرارًا أن القيامة إنما هي موعد المجازاة الكبرى، غير أن نوعًا من المجازاة يبدأ ويتمّ في هذه الدنيا نفسها، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى {يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}
( المصدر : كتاب سفينة نوح )
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لقد قال تعالى: أنا مالك يوم الدين، والعقاب والأجر بيدي. إن سلسلة العقاب والأجر تبدأ من هذا العالم. فالذي ينقب في البيوت قد لا يُبطش به في المرة الأولى أو الثانية ولكن سيُبطش به في المرة الثالثة لا محالة أو يواجه العقوبة بطريقة أخرى. السارق يسرق لجمع الثروة ومع ذلك يبقى فقيرا معدَما وذليلا مهانا على الدوام فهل هذه عقوبة بسيطة؟. لقد تدبرنا هذا العالم جيدا ووجدنا أن الذي يكسب الحسنات بحماس القلب لا يحرم من نتيجة حسنة والذي يقترف السيئات يواجه عاقبتها الوخيمة حتما. انظروا إلى الزناة فهم يصابون بالزهري، والذي يتعاطى الخمور يصاب بالرعشة، وهناك من يصابون بخراجات في الأمعاء. فباختصار، إن منن الله واسعة جدا ولا يسع أحدا أن يحصيها. مَن أعطى الإنسان القوى التي جاء بها إلى الدنيا؟ ولو تفكر الإنسان لوجد أن القوى كلها تحت قدرة الله، فلو أراد الله لتوقف القلب عن العمل في لمح البصر ولهلك الإنسان فورا، ولكن من يريد أن يموت.
(المصدر: جريدة بدر، بتاريخ 1908/6/25م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
في هذه الآيات ردٌّ على الذين ينكرون القيامة. لقد ورد تفصيل ذلك في القرآن الكريم في آيات عديدة. الفرق بين صفة الله هذه وبين الرحيمية هو أن النجاح في الرحيمية يُنال بالدعاء والعبادة ويكون هناك نوع من الاستحقاق، أما مالكية يوم الدين فتعطي ذلك الحق وتلك الثمرات.
(المصدر: جريدة الحكم، بتاريخ 1903/6/24م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
مالك يوم الدين: الملحدون يخالفون ذلك ويقولون إنه لا مجازاة أصلا. إن الذين ينكرون صفة الرحيمية لا يكسبون الأعمال إهمالا من عندهم أما هؤلاء الذين ينكرون وجود الله فيعرضون عن اكتساب الأعمال الصالحة قصدا منهم.
(المصدر: جريدة بدر، بتاريخ 1908/1/9م)