قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
الصدق السادس أو الحقيقة السادسة المذكورة في سورة الفاتحة هي: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، ومعناها: نعبدك وحدك يا صاحب الصفات الكاملة ومبدأ الفيوض الأربعة، وبك نستعين من أجل التوفيق للعبادة ولقضاء حاجات أخرى. أي أنت معبودنا الحقيقي ولا نتخذ إلهًا آخر وسيلة للوصول إليك، ولا نعير لإنسان ولا لوثن ولا لعقلنا ولا لعلمنا أدنى أهمية أو اهتماما بل نستعين بذاتك القادر القدير في كل شيء.
وهذه الحقيقة أيضا خافية عن أعين معارضينا. فالمعلوم أن الوثنيين يعبدون أشياء من دون الله، والآريون يعتبرون قواهم الروحية غير مخلوقة ويريدون أن ينالوا النجاة بالاعتماد عليها. أما أتباع برهمو سماج فقد أعرضوا عن نور الإلهام واتخذوا من عقلهم إلها لأنها تملك بحسب زعمهم الباطل قدرة كاملة للإيصال إلى الله وتحيط بجميع الأسرار الإلهية وتتصرف فيها. فإن هؤلاء القوم يخاطبون عقلهم قائلين: إياك نستعين، بدلا من عبادة الله والاستعانة به – عز وجل –، وهم متورطون في شرك خفي. وإذا مُنعوا من ذلك قالوا إن العقل عطيّة من عطايا الله تعالى وقد أُعطِيها الإنسان لكي يستخدمه في معاشه ومهماته، لذا فإن استخدام عطية الله لا يمكن أن يكون شركا.
فليكن معلوما أن هذا خطأ آخر من أخطائهم، وقد ذَكرتُ مرارا أنه لا يمكن أن يكون العقل وسيلة للحصول على المقاصد العظيمة التي عليها تتوقف نجاتنا مثل اليقين الكامل والمعارف الحقة. غير أنه صحيح تماما أنه يستطيع أن يُدرك صدق تلك المعارف وحقيقتها بعد الحصول عليها. ولكن الانكشاف الصادق والكامل إنما يتسنى نتيجة النور المقدس والنقي الموجود في ذات الله تعالى ويعجز في هذا المقام ضوء العقل الزائغ والناقص الذي في الإنسان. فمما يستلزم الشرك أن يُعرض أتباعُ برهمو سماج عن كلام الله المنير الذي هو مدار الانكشاف الصحيح والكامل، ويتبرّأوا منه كليا ويعُدّوا عقلهم الناقص مرشدا قديرا ويعتبروه أساس الأمور كلها. إذن، فإن قلبهم المريض مخدوع بأن عقلهم وحده سيوصلهم إلى الغاية العليا التي يمكن أن توصل إليها القوى الإلهية والتجليات الربانية.
فأيّ شرك أكبر من أنهم يعتبرون قوة عقلهم مساوية لقوة الربّ بل أفضل منها. فانظروا الآن، لقد تحقق ما قلتُ من قبل بأنهم يخاطبون عقلهم – بدلا من الله – قائلين: “إياك نستعين!”
ولا أرى حاجة لبيان حالة النصارى، فالكل يعرف أنهم عاكفون على عبادة المسيح بدلا من أن يعبدوا الله تعالى خالصا. وبدلا من أن يستعينوا بالله – سبحانه وتعالى – في أمورهم يستنصرون المسيح، يردِّدون بألسنهم: “ربنا المسيح، ربنا المسيح” في كل حين وآن. فإن هؤلاء القوم محرومون من العمل بمضمون: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، ومطرودون من عتبات الله.
(المصدر: كتاب البراهين الأحمدية، الجزء الرابع)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لا يوجد ما يفصل بين: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} و {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} غير أن إياك نعبد يتقدم زمنا لأن الله تعالى قد جعلنا أناسا بمحض رحمانيته دون دعاء أو طلب منا، وأعطانا قوى ونِعما من مختلف الأنواع والأقسام. كان فضل الله موجودا حين لم يكن لدعائنا أي وجود وهذا هو المراد من التقدم.
(المصدر: خطبة الجلسة السنوية عام 1897م ، وجريدة الحَكَم بتاريخ: 1901/8/31م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إن الجملة إياك نعبد تسبق الجملة إياك نستعين لأن الإنسان يأتي الله تعالى مستنفدا كافة قواه عند الدعاء. إنه لمن الوقاحة والإساءة أن يأتي المرء دون استنفاد قواه واستخدامه قانون الطبيعة. فمثلا لو دعا الزارعُ الله تعالى أن تخضرّ مزرعته وتحمل ثمارا وأزهارا قبل بذر البذور فهذا تجاسر واستهزاء. وهذا ما يسمّى امتحان الله وابتلاؤه، الأمر الذي مُنع منه وقيل لا تمتحنوا الله، كما بين المسيح عيسى – عليه السلام – هذا الأمر بوضوح تام عندما سُئل عن المائدة، فتأمّلوا في ذلك وفكِّروا. الحق أن الذي لا يستخدم الأسباب فهو لا يدعو بل يمتحن الله لذا لا بد من بذل الجهود كلها قبل الدعاء وهذا هو معنى هذا الدعاء. يجب أن يحاسب الإنسان نفسه على اعتقاده وأعماله أولا لأنه من سنة الله أن الإصلاح يتم من خلال الأسباب إذ يخلق الله تعالى سببا من الأسباب يؤدي إلى الإصلاح. فليفكر في هذا المقام أولئك الذين يقولون ما الحاجة إلى الأسباب مع الدعاء؟ فيجب أن يتأمل هؤلا الأغبياء قليلا بأن الدعاء أيضا سبب خفي بحد ذاته الذي يخلق أسبابا أخرى. إن تقدُّم جملة: إياك نعبد” على جملة الدعاء: “إياك نستعين” تشرح هذا الأمر بوجه خاص. (المصدر:خطبة الجلسة السنوية عام 1897م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
“قدّم الله – عز وجل – قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} على قوله: {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إشارةً إلى تفضلاته الرحمانية مِن قَبْل الاستعانة، فكأن العبد يشكر ربه ويقول يا رب إني أشكرك على نعمائك التي أعطيتني من قبل دعائي ومسألتي وعملي وجهدي واستعانتي بالربوبية والرحمانية التي سبقت سُؤْلَ السائلين، ثم أطلبُ منك قوةً وصلاحًا وفلاحًا وفوزًا ومقاصد التي لا تُعطَى إلا بعد الطلب والاستعانة والدعاء وأنت خير المعطين.
وفي هذه الآيات حثٌّ على شكرِ ما تُعطى، والدعاءِ بالصبر فيما تتمنى، وفرطِ اللهج إلى ما هو أتمّ وأعلى، لتكون من الشاكرين الصابرين. وفيها حثٌّ على نفي الحَول والقوة، والاستطراح بين يدي سبحانه مترقبًا منتظرًا مديمًا للسؤال والدعاء والتضرع والثناء، والافتقار مع الخوفِ والرجاء، كالطفل الرضيع في يد الظئر، والموتِ عن الخلق وعن كل ما هو في الأرضين. وفيها حثٌّ على إقرارٍ واعتراف بأننا الضعفاء، لا نعبدك إلا بك، ولا نتحسس منك إلا بعونك، بك نعمل وبك نتحرك، وإليك نسعى كالثواكل متحرقين وكالعشاق متلظّين. وفيها حثٌّ على الخروج من الاختيال والزَّهْو، والاعتصام بقوة الله تعالى وحوله عند اعتياص الأمور وهجوم المشكلات، والدخول في المنكسرين. كأنه – تعالى شأنه – يقول يا عباد احسَبوا أنفسكم كالميتين، وبالله اعتضِدوا كل حين. فلا يَزْدَهِ الشابُّ منكم بقوته، ولا يتخصّر الشيخ بهراوته، ولا يفرح الكَيِّسُ بدهائه، ولا يثق الفقيه بصحة علمه وجودة فهمه وذكائه، ولا يتّكئ الملهَم على إلهامه وكشفه وخلوص دعائه، فإن الله يفعل ما يشاء، ويطرد من يشاء، ويُدخل من يشاء في المخصوصين.
وفي جملة {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إشارة إلى عظمة شرّ النفس الأمّارة التي تسعى كالعَسَّارة، فكأنها أفعى شرُّها قد طَمَّ، فجعَل كلَّ سليم كعظم إذا رَمَّ، وتراها تنفث السمَّ، أو هي ضرغامٌ ما ينكُل إن هَمَّ، ولا حولَ ولا قوة ولا كسب ولا لَمَّ، إلا بالله الذي هو يرجم الشياطين.
وفي تقديم {نَعْبُدُ} على {نَسْتَعِينُ} نِكاتٌ أخرى، فنكتب للذين هم مشغوفون بآيات المثاني لا برنّات المثاني، ويسعون إليها شائقين. وهي أن الله – عز وجل – يعلّم عباده دعاءً فيه سعادتهم، فيقول يا عبادِ سَلُوني بالانكسار والعبودية، وقولوا: ربنا إياك نعبد ولكن بالمعاناة والتكلف والتجشم وتَفْرقة الخاطر وتمويهات الخنّاس وبالرويّة الناضبة والأوهام الناصبة والخيالات المظلمة، كماءٍ مُكدّرٍ مِن سَيْل أو كحاطب ليل، وإن نتّبعُ إلا ظنًّا وما نحن بمستيقنين. {وإياك نستعين} يعني: نستعينك للذوق والشوق والحضور والإيمان الموفور، والتلبية الروحانية والسرور والنور، ولتوشيح القلب بحُلي المعارف وحُلل الحبور، لنكون بفضلك من سبّاقين في عرصات اليقين، وإلى منتهى المآرب واصلين، وفي بحار الحقائق متوردين.
وفي قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تنبيه آخر، وهو أنه يرغّب فيه عبادَه إلى أن يبذلوا في مطاوعته جُهْدَ المستطيع، ويقوموا مُلبّين في كل حين تلبيةَ المطيع. فكأن العباد يقولون: ربنا إنّا لا نألو في المجاهدات، وفي امتثالك وابتغاء المرضاة، ولكن نستعينك ونستكفي بك الافتنانَ بالعُجب والرياء، ونستوهب منك توفيقًا قائدًا إلى الرشد والرضاء، وإنّا ثابتون على طاعتك وعبادتك، فاكتُبْنا في المطاوعين. وهنا إشارة أخرى وهي أن العبد يقول يا ربّ إنّا خصصناك بمعبوديّتك، وآثرْناك على كل ما سواك، فلا نعبد شيئا إلا وجهك، وإنّا من الموحِّدين.
واختار – عز وجل – لفظَ المتكلّم مع الغير إشارةً إلى أن الدعاء لجميع الإخوان لا لنفس الداعي، وحثَّ فيه على مسالمة المسلمين واتحادهم وودادهم، وعلى أن يعنو الداعي نفسه لنصح أخيه كما يعنو لنصح ذاته، ويهتم ويقلق لحاجاته كما يهتم ويقلق لنفسه، ولا يفرّق بينه وبين أخيه، ويكون له بكل القلب من الناصحين. فكأنه تعالى يوصي ويقول يا عِبادِ تَهادوا بالدعاء تَهادِي الإخوان والمحبّين. وتَناثَثوا دعواتكم وتَباثَثوا نيّاتكم، وكونوا في المحبة كالإخوان والآباء والبنين“.(المصدر: كتاب كرامات الصادقين )
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لقد قدّم الله جلّ شأنه جملة: إياك نعبد في الآية الكريمة: “إياك نعبد وإياك نستعين” ليشير إلى أنه يجب أن نعمل أولا بما وُفِّقنا به من التوفيق العملي والعلمي، ثم نستعين بالله تعالى على ما يفوق علمنا وقدرتنا.
( المصدر: جريدة بدر، بتاريخ 1903/9/25م )
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، معناه: يا ربنا ذا الصفات الأربعة نعبدك وحدك. يجب على الإنسان ألا يقتصر على الإقرار باللسان بأن الله متصف بأربع صفات بل ينبيغي أن يثبت عمليا أيضا أنه يعتبر الله ربَّه على وجه الحقيقة، وأن يثبت ربوبيته بأعماله. اعلموا أن الذي لا يؤمن بالله إلها سيعمل كل ما يحلو له من قبيل السرقة والزنا. فما لم يُثبت إيمانه بعمله لا يُعتبر مؤمنا ولا ينال فيضا نزل على المقربين والصادقين الذين خلوا. الإيمان فضل من الله حين يحظى به أحد لا يرتكب أعمال الفسق. الحق أن الكلام باللسان فقط لا ينجِّي أحدا
(المصدر: جريدة بدر، بتاريخ 1908/1/9م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
الأخذ بالأسباب والدعاء معا هو الإسلام بعينه. لذلك قلتُ بأنه يجب على المرء أن يأخذ بالأسباب كما هو حقها لاجتناب الذنب والغفلة، ويدعو أيضا كما هو حقه. لذلك اهتم الله تعالى بهذين الأمرين في أول سورة في القرآن الكريم وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إن جملة “إياك نعبد” تشير إلى هذا الأصل أي إلى الأخذ بالأسباب. لذلك قُدِّمت الجملة نفسها ليأخذ الإنسان بالأسباب أولا ويؤدي حقها ويؤدي حق الجهد، ولكن يجب ألا يترك الدعاء بل لا بد من الانتباه إليه أيضا إلى جانب الجهد. عندما يقول المؤمن: “إياك نعبد” يخطر بباله فورا: أنا لست شيئا يُذكر حتى أتمكن من عبادة الله ما لم يحالفني فضله ولطفه. فيقول فورا: إياك نستعين. هذه قضية حساسة جدا لم يفهها أيّ دين سوى الإسلام.
(المصدر: جريدة الحكم ، بتاريخ 1904/2/10م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
بيّن الله تعالى في هذه السورة التي اسمها خاتم الكتاب وأم الكتاب أيضا بصراحة تامة ما هو الهدف من حياة الإنسان، وما السبيل إلى نيله؟
“إياك نعبد” هو المقتضى والهدف الحقيقي لفطرة الإنسان، وهذا الهدف لا يتحقق بغير “إياك نستعين.” فقد أشار جلّ شأنه بتقديم “إياك نعبد” على “إياك نستعين” إلى أنه من الضروري أن يسعى الإنسان جاهدا أولا للسلوك على مسالك مرضاة الله بقدر قوته وقدرته وفهمه ويستخدم قوى أعطاها الله إياه حق الاستخدام ثم ليدعُ الله تعالى لتتحقق وتكون مثمرة.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1904/10/24م، وبتاريخ 1905/3/31م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
مع أن الجملة: “إياك نعبد” سبقت “إياك نستعين” ومع ذلك لو تأملنا في الموضوع لتبين أن رحمانية الله قد سبقت. إن جملة: “إياك نعبد” أنطقتْها قوة معيّنة. من أين أتت تلك القوة الكامنة التي تجعل الإنسان يقرّ بإياك نعبد؟ ألم يعط الله تلك القوة؟ لا شك أنها عطية من الله التي أعطاها بمحض رحمانيته. فيقول الإنسان “إياك نعبد” بتوفيق من الله وتحريضه. (المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1905/4/10م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لقد أعطى الله تعالى في السورة الأولى أي سورة الفاتحة تعليما: “إياك نعبد وإياك نستعين“، والمراد من العبادة هنا العبودية والمعرفة، وقد أشير إلى ضعف الإنسان من كلتي الناحيتين.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1899/6/30م، ص3)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن ملخص أصل العبادة هو أن يقيم المرء نفسه وكأنه يرى الله أو كأن الله يراه. وأن يكون نزيها عن كل شائبة من الشرك ويراعي عظمته وربوبيته، وأن يدعو الله تعالى الأدعية المأثورة وغيرها بكثرة، ويستغفره كثيرا ويعترف بضعفه مرارا وتكرارا حتى تتزكّى نفسه وتتقوى علاقته مع الله تعالى ويفنى في حبه. هذا هو ملخص الصلاة كلها وسورة الفاتحة تتضمن كل ذلك. ففي الجملة: “إياك نعبد وإياك نستعين” يعترف الإنسان بضعفه ويلتمس النصرة من الله تعالى. ثم هناك دعاء للسلوك على صراط الأنبياء والرسل ولنيل الإنعامات التي ظهرت في الدنيا بواسطة الأنبياء والرسل وتُنال بالسلوك على مسلكهم. ثم هناك دعاء أن ينقذ الله من صراط الذين أنكروا أنبياءه ورسله وقاموا بتجاسر ووقاحة أو جعلوا الدنيا نصب أعينهم وتركوا الصراط المستقيم فنزل عليهم العذاب في هذه الدنيا.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1907/10/24م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن الإنسان يدّعي عبادة الله، ولكن هل يمكن أداء حق العبادة بمجرد كثرة السجود والقيام والركوع؟ أو هل يمكن أن يُعدَّ من عباد الله أولئك الذين يمرِّرون حبات السُّبحة بكثرة؟ بل الحق أنه لا يمكن أن يؤدي حق العبادة إلا الذي جذبه حب الله حتى يزول وجوده من الطريق نهائيا.
أولا، لا بد من اليقين الكامل بذات الله ثم الاطلاع الكامل على حسنه وإحسانه، ثم تتقوى علاقة الحب معه – سبحانه وتعالى – حتى يغلي الصدر بحرقة الحب دائما، وتتراءى هذه الحالة في الوجه على الدوام، وتترسخ عظمة الله في القلب لدرجة تصبح الدنيا إزاءه – عز وجل – كجيفة. ويرتبط كل نوع من الخوف بذاته – سبحانه وتعالى – ويتمتع الإنسان بالألم من أجله، وتكون المناجاة معه مدعاة لراحته ولا يطمئن القلب ولا يستقر له قرار إلا معه تعالى. فإذا تحققت هذه الحالة فهي التي تسمَّى العبادة الحقيقية. ولكن أنّى لها أن تتحقق دون عون الله الخاص. لذا فقد علَّمنا الله تعالى دعاء {إياك نعبد وإياك نستعين} .. صحيح أننا نعبدك يا ربّ ولكن أنّى لنا أن نؤدي حق العبادة ما لم نحظ بعون خاص منك. إن عبادة الله باعتباره المحبوب الحقيقي هي الولاية التي لا مقام بعدها. ولكن هذا المقام لا يُنال إلا بعونه تعالى. والعلامة على نيله أن تترسخ عظمة الله وحبه في القلب، ويتوكل الإنسان عليه – عز وجل – وحده ولا يحب إلا إياه، ويؤثره على كل شيء، ويجعل ذكره هدف حياته. إن هذا الباب ضيق جدا، وهذا الشراب مُرٌّ شديد المرارة، فقليل هم الذين يدخلون هذا الباب أو يشربون هذا الشراب.
(المصدر: كتاب حقيقة الوحي)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لقد خلق الله تعالى الإنسان ووضع له الشريعة والحدود والقوانين، فليس الغرض من ذلك أن ينال الإنسان النجاة بل الحق أنه خُلق للتعبد الأبدي. والهدف من تديُّنه هو التعبد الأبدي. غير أنه مما لا شك فيه أن نتيجة هذا الغرض هي النجاة التي نيلها يتوقف على تحقق هذا الغرض. كذلك ليس الهدف الوحيد من الشريعة والأحكام أن يتطهر الإنسان من الذنوب فقط لأن الطهارة من الذنوب أيضا نتيجة حتمية للهدف الحقيقي. فعندما يختار الإنسان طريق التعبد والطاعة فهو يتطهر حتما نتيجة ابتعاده من الذنوب. وعندما يتطهر من الذنوب ينجو من مغبة الذنوب. إذًا، فإن طريق النجاة هو الوقوف أمام مبدأ الأنوار بالصدق والثبات حيث تنزل أمواج النور. وهذا الوقوف يُسمَّى بكلمات أخرى بالاستقامة كما يقول الله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}1 ولا شك في أن الذي يقوم بحذاء مبدأ الأنوار هذا تقع عليه أمواج النور وبنزول النور تنقشع الظلمة التي اسمها الذنب، ونعلم جيدا أن الظلمة لا تزول بغير نزول النور. الله تعالى ينزِّل النور من بُعد عشرات ملايين الأميال ليزيل الظلمة لأنه لا يمكن أن تقوم لها قائمة أمام النور. وإذا طُرح سؤال: متى سيُعتبر الإنسان واقفا أمام مبدأ الأنوار؟ فجوابه أنه سيُعتبر كذلك عندما يأتي إلى الحق في كل جوانب حياته ويحب الصدق، ولا يحب الذنب بل يكرهه أيما كراهية ويستعين بالله تعالى للخلاص من هذا العدو. عندها يعينه الله الرحمن وينزّل عليه نورا من عنده وينجيه من الظلمة. ولهذا الغرض عُلِّم الدعاء: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} أي نستعينك يا ربنا ضد هذا البلاء، فأقِمنا حيث تنزل أمواج إنعامك.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1904/5/17م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
ليكن معلوما عن الاستعانة أن الله وحده يستحق أن يُطلب منه الاستمداد، وهذا ما أكّد عليه القرآن الكريم فقال: “إياك نعبد وإياك نستعين.” فأورد أولا الصفات الإلهية: “الرب“، “الرحمن“، “الرحيم“، “مالك يوم الدين“، ثم علّم: “إياك نعبد وإياك نستعين.” فقد تبين من ذلك أن الله تعالى وحده يستحق الاستمداد. ولا يملك هذا الحق إنسان أو حيوان ودابة أو طير وليس لأي مخلوق آخر هذا الحق في السماء ولا في الأرض، غير أنه قد أُعطي أهلُ الله ورجاله هذا الحق في الدرجة الثانية وعلى سبيل الظلية.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1902/7/24م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لقد جاءت لاجتناب الذنب في حق الله آية: “إياك نعبد وإياك نستعين.” فالذين يدعون الله بالتذلل والتواضع راجين أن يجد أسلوب من أساليب تواضعهم القبول عند الله يعينهم الله بنفسه.
(المصدر: جريدة بدر، بتاريخ 1903/7/31م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لقد جاءت لاجتناب الذنب في حق الله آية: “إياك نعبد وإياك نستعين.” فالذين يدعون الله بالتذلل والتواضع راجين أن يجد أسلوب من أساليب تواضعهم القبول عند الله يعينهم الله بنفسه.
(المصدر: جريدة بدر، بتاريخ 1903/7/31م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
“اعلم أن قوله تعالى: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} يدل على أن السعادة كلها في اقتداء صفات رب العالمين. وحقيقةُ العبادة الانصباغُ بصبغ المعبود، وهو عند أهل الحق كمال السعود، فإن العبد لا يكون عبدا في الحقيقة عند ذوي العرفان، إلا بعد أن تصير صفاتُه أظلالَ صفاتِ الرحمن، فمِن أمارات العبودية أن تتولد فيه ربوبيةٌ كربوبية حضرة العزة، وكذلك الرحمانية والرحيمية وصفة المجازاة، أظلالًا لصفات الحضرة الأحدية. وهذا الصراط المستقيم الذي أُمِرنا لنطلبه، والشرعةُ التي أوصينا لنرقُبها مِن كريم ذي الفضل المبين.
ثم لما كان المانع من تحصيل تلك الدرجات الرياءَ الذي يأكل الحسنات، والكبرَ الذي هو رأس السيئات، والضلالَ الذي يُبعِد عن طرق السعادات، أشار إلى دواء هذه العلل المهلكات، رحمةً منه على الضعفاء المستعدّين للخطيّات وترحّمًا على السالكين، فأمَر أن يقول الناس: {إيَّاكَ نَعْبُدُ} لِيُستخلَصوا من مرض الرياء، وأمَر أن يقولوا: {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ليُستخلَصُوا من مرض الكبر والخيلاء، وأمر أن يقولوا: {اِهْدِنَا} ليُستخلَصوا من الضلالات والأهواء. فقوله: {إيَّاكَ نَعْبُدُ} حثٌّ على تحصيل الخلوص والعبودية التامة، وقوله: {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إشارةٌ إلى طلب القوّة والثبات والاستقامة، وقوله: {اِهْدِنَا الصِّرَاطَ} إشارةٌ إلى طلب علمٍ مِن عنده وهدايةٍ من لدنه لطفًا منه على وجه الكرامة. فحاصل الآيات أن أمر السلوك لا يُتمَّم أبدًا ولا يكون وسيلةً للنجاة إلا بعد كمال الإخلاص وكمال الجهد وكمال فهم الهدايات، بل كلُّ خادم لا يكون صالحا للخدمات إلا بعد تحقُّق هذه الصفات. مثلًا .. إن كان خادم مخلصا وموصوفا بأوصاف الأمانة والخلوص والعفّة، ولكن كان من الكسالى والوانين القاعدين، وكالضُجَعة النُوَمة، لا مِن أهل السعي والجهد والجدّ والقوّة، فلا شكّ أنه كَلٌّ على مولاه، ولا يستطيع أن يتّبع هداه ويكون من المطاوعين.
وخادم آخر مخلص أمين، ومع ذلك مجاهد وليس بقاعد كالآخرين، ولكنه جَهول لا يفهم هداياتِ مخدومه، ويُخطئ ذاتَ مرارٍ كالضالين؛ فمن جهله ربما يجترئ على الممنوعات، ويوقع نفسه في المخاطرات والمحظورات، ويبعد عن مرضاة المولى من جهل جاذب من الجهلات، وربما يضيع نفائس المولى ودُرره وجواهره، من كمال جهله وحمقه وسوء فهمه، ويضع الأشياء في غير محلها من زيغ وهمه، فهذا الخادم أيضا لا يستطيع أن يستحصل مرضاة المخدوم، ويُسقطه جهله كل مرة عن أعين مولاه فيبكي كالمَوقُوم، وكذلك يعيش دائما كالملعون الملوم، ولا يكون من الممدوحين. بل يراه المولى كالمنحوس، الذي لا يأتي بخير في سير، ويخرب بقعته ورحاله وأمواله في كل حين. وأما الخادم المبارك والعبد المتبرك الذي يُرضي مولاه، ولا يترك نكتة من هداه، ويسمع مرحباه، فهو الذي يجمع في نفسه هذه الثلاث سويًّا، ولا يؤذي مولاه بخيانة وحَدْل، ولا يُطَحْطِحه بكسل أو جهل، فيصير عبدًا مرضيًّا. فهذه هي الأشراط الثلاثة للذين يسلكون سبل ربهم مسترشدين. وفي {إيَّاكَ نَعْبُدُ} إشارةٌ إلى الشرط الأول، وإلى الشرط الثاني في {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وإلى الثالث في {اِهْدِنَا الصِّرَاطَ.} فطوبى للذين جمعوا هذه الثلاث ورجعوا إلى ربهم كاملين، وتأدبوا مع ربهم بكل الأدب، وسلكوا بكل شريطة غير قاصرين. فأولئك الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، ودخلوا حظيرة القدس آمنين. ولما كانت هذه الشرائط أهم الأمور للذي قصد سبل النور، جعَلها الله الحكيم من أجزاء الدعاء، ليتدبر السالكُ كالعقلاء، وليستبين سبيل الخائنين“.
(المصدر: كتاب كرامات الصادقين)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
“اعلمْ أن حقيقة العبادة التي يقبَلها المولى بامتنانه، هي التذلل التام برؤية عظمته وعلوّ شأنه، والثناءُ عليه بمشاهدة مِننه وأنواع إحسانه، وإيثارُه على كل شيء بمحبّة حضرته وتصوُّر محامده وجماله ولمعانه، وتطهيرُ الجنان من وساوس الجِنّة نظرًا إلى جِنانه. ومن أفضل العبادات أن يكون الإنسان محافِظًا على الصلوات الخمس في أوائل أوقاتها، وأن يَجْهَدَ للحضور والذوق والشوق وتحصيل بركاتها، مواظبًا على أداء مفروضاتها ومسنوناتها. فإن الصلاة مركَبٌ يوصل العبد إلى رب العباد، فيصل بها إلى مقام لا يصل إليه على صهوات الجِياد، وصيدُها لا يُصاد بالسهام، وسرُّها لا يظهر بالأقلام. ومن التزمَ هذه الطريقة، فقد بلغ الحق والحقيقة، وأَلْفَى الحِبَّ الذي هو في حُجب الغيب، ونجا من الشك والريب، فترى أيامَه غُرَرًا، وكلامَه دُرَرًا، ووجهَه بدرًا، ومقامَه صدرًا. ومَن ذلَّ لِله في صلواته أذلّ الله له الملوكَ، ويجعل مالِكًا هذا المملوكَ.
ثم اعلم أنّ الله حمِد ذاتَه أوّلًا في قوله: {الْحَمْدُ لِله رَبِّ الْعَالَمينَ}، ثم حثّ الناس على العبادة بقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، ففي هذه إشارة إلى أن العابد في الحقيقة هو الذي يحمَده حقَّ المَحْمدة. فحاصل هذا الدعاء والمسألة أن يجعل الله أحمدَ كلَّ مَن تصدّى للعبادة، وعلى هذا كان من الواجبات أن يكون أحمدُ في آخر هذه الُأمّة على قدم أحمدَ الأول الذي هو سيد الكائنات، ليفهم أن الدعاء استُجيبَ مِن حضرة مستجيبِ الدعوات، وليكون ظهوره للاستجابة كالعلامات. فهذا هو المسيح الذي كان وعدُ ظهوره في آخر الزمان مكتوبًا في الفاتحة وفي القرآن. ثم في هذه الآية إشارة إلى أن العبد لا يمكنه الإتيان بالعبودية، إلا بتوفيق من الحضرة الأحدية.
ومِن فروع العبادة أن تحبّ من يعاديك، كما تحب نفسك وبنيك، وأن تكون مُقِيلًا للعثرات، متجاوزًا عن الهفوات، وتعيش تقيًّا نقيًّا سليمَ القلب طيّبَ الذات، ووفيًّا صفيًّا منزَّهًا عن ذمائم العادات، وأن تكون وجودًا نافعًا لخَلْقِ الله بخاصية الفطرة كبعض النباتات، مِن غير التكلفات والتصنّعات، وأن لا تؤذي أُخَيَّك بكبرٍ منك ولا تجرحه بكلمة من الكلمات، بل عليك أن تجيب الأخَ المغضَب بتواضعٍ ولا تحقِّره في المخاطبات، وتموت قبل أن تموت، وتحسب نفسك من الأموات، وتعظِّم كلَّ من جاءك ولو جاءك في الأطمار لا في الحُلل والكسوات، وتسلِّم على من تعرفه وعلى من لا تعرفه، وتقوم متصدّيًا للمواساة“.
(المصدر: كتاب إعجاز المسيح)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
قول الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، فكل هذه إشارات إلى الفناء والتذلل حتى لا يعتبر الإنسان نفسه شيئا.
(المصدر: كتاب القول الحق)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
يجب بذل القوة والقدرة التي وهبها الله تعالى في كل أمر – سواء أكان دينيا أم دنيويا – قبل الاستعانة بأحد، وبعد ذلك يمكن أن يطلبوا المساعدة لإكماله. هذا ما علّمنا الله تعالى إيّاه في عبادتنا اليومية إذ أمرنا أن ندعو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وليس: إياك نستعين وإياك نعبد.
(المصدر : إعلان التماسٍ مهم إلى المنظمات الإسلامية المنشور في البراهين الأحمدية، الجزء الثالث)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
لقد علّم الله تعالى: “إياك نعبد.” كان من الممكن أن يعتمد الإنسان على قوته ويبتعد عن الله لذلك علّم الله تعالى: “إياك نستعين“، أي لا تظنوا أن العبادة التي أقوم بها إنما أقوم بها بقوتي وقدرتي الشخصية، بل الحق أنه لا يمكن أن يتم شيء ما لم يحالف الإنسانَ عونُ الله، وما لم يوفّقهُ الله تعالى أو لم يعطِه القوة من عنده. لم يقل الله: إياك أعبد وإياك أستعين لأن ذلك ينم عن إبراز النفس والاعتماد عليها وهذا ينافي التقوى، بينما المتقي يشارك الجميع في الدعاء.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1901/3/24م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن الذي يجاهد بالدعاء هو المتقي، كما أشار الله تعالى إلى هذا الأمر في سورة الفاتحة قائلا: “إياك نعبد وإياك نستعين.” اعلموا أن الذي لا يبحث بكامل عقله وفهمه وقوته لا يُعتبر باحثا عند الله. والذي يمتحن الله بهذه الطريقة يحرم دائما. ولكنه إذا قام بالدعاء أيضا إلى جانب السعي ثم صدرت منه زَلّة أنقذه الله. والذي يأتي الباب بالكسل والتهاون ويمتحن لا يعبأ به الله.
(المصدر: جريدة بدر، بتاريخ 1903/7/12م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
ما من نعمة للإنسان أكبر من أن ينفر الذنب وأن ينقذه الله بنفسه من المعاصي. ولكن هذا لا يتأتّى بالمجاهدة وحدها ولا بالدعاء وحده بل يتأتى باجتماع الاثنين كما علّم الله تعالى: “إياك نعبد وإياك نستعين“، ومعناه أن يستخدم المرء قوى أعطاها الله حق الاستخدام أولا ثم يفوّض عاقبة الأمور إلى الله تعالى ويدعوه متضرعا بأني بذلت جهدي بقدر ما وفَّقتني. هذا هو معنى: إياك نعبد، ثم يستعين المرء بالله قائلا: إياك نستعين، بمعنى أني أستعين بك يا ربي في المراحل المتبقية. إنه لغبي جدا من لا يستخدم القوى التي أعطاه الله تعالى ويستعين بالدعاء فقط. أنّى لهذا الشخص أن ينال النجاح؟
(المصدر: جريدة بدر، بتاريخ 1904/3/1م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
المؤمن … يأخذ بالأسباب ويدعو أيضا، أي أنه يجتهد حق الاجتهاد ثم يفوض الأمر إلى الله تعالى ويدعوه. هذا ما علِّم في السورة الأولى في القرآن الكريم. فقال تعالى: “إياك نعبد وإياك نستعين.” والذي لا يستخدم قواه فإنه لا يضيعها فقط ويمتهنها بل يرتكب ذنبا.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1904/3/10م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
الوعود الكبيرة التي أُعطيها المتقون في القرآن الكريم فهي للمتقين الذين اتقوا جهد المستطيع، فتمسكوا بأهداب التقوى بقدر ما رافقتهم القوى البشرية حتى خارت فطلبوا من الله مزيدا من القوة كما يتبين من “إياك نعبد وإياك نستعين.” المراد من “إياك نعبد” هنا هو بأننا استنفدنا جهودنا قدر المستطيع ولم نقصّر
في ذلك شيئا. ومعنى إياك نستعين بأننا نرجو منك قوة جديدة للمضي قدما.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1904/7/10م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن فكرة الحسنة موجودة في الإنسان حتما ولكنه بحاجة ماسة للاستعانة بالله من أجل إتمامها. لذلك أمر الله تعالى بتلاوة سورة الفاتحة في الصلوات الخمس كل يوم وقال فيها: “إياك نعبد” ثم قال: “إياك نستعين” أي نعبدك وحدك ونستعين بك وحدك. ففي ذلك إشارة إلى أمرين، أي أن يستخدم المرء القوى والأسباب والجهد في كل عمل حسن. وهذه إشارة إلى: “نعبد” لأن الذي يكتفي بالدعاء فقط ولا يجاهد لا ينجح. كما إن لم يجتهد الزارع أنّى له أن يتوقع الثمار. ومن سنة الله أن الذين يكتفون بالدعاء فقط بعد بذر البذور سيُحرمون حتما.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1904/11/17م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن الذين يعتمدون على قوتهم فقط ويهجرون الله لا تكون عاقبتهم حسنة. ولكن هذا لا يعني أن المراد من التوكل على الله أن يجلس الإنسان عاطلا دون أن يحرك ساكنا. إن الأخذ بالأسباب واستخدام القوى الموهوبة من الله تعالى أيضا قدر الله. إن الذين لا يستخدمون القوى ويقولون بلسانهم بأننا نتوكل على الله إنهم كاذبون ولا يقدرون الله بل يمتحنونه ويعتبرون القوى والقدرات الموهوبة من الله لغوا وبذلك يرتكبون التجاسر والوقاحة في حضرة الله ويبتعدون عن مفهوم: “إياك نعبد” ولا يعملون به ومع ذلك يريدون تحقُّق: “إياك نستعين“، بينما هذا ليس مناسبا بل يجب على المرء أن يأخذ بالأسباب جهد المستطيع دون أن يعتبرها معبودا له أو قاضية حاجاته بل يجب أن يستخدمها حق الاستخدام ثم يفوّض الأمر إلى الله ويسجد شكرا لله الذي أعطاه تلك القوى والقدرات.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1905/4/17م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن معنى {إياك نعبد} هو أننا نعبدك وحدك دون غيرك مراعين الأسباب الظاهرية التي وهبتنا إياها للاستفادة منها. انظروا إلى اللسان الذي خُلق من العروق والأعصاب، لو لم يكن كما هو الآن لما قدرنا على الكلام. وقد رزقنا للدعاء لسانا قادرا على إظهار ما تضمره قلوبنا. لو لم نستخدم اللسان للدعاء قط لكان ذلك من سوء حظنا وشقاوتنا. هناك عدة أمراض إذا أصيب بها اللسان لبطل عمله فورا لدرجة يصبح الإنسان أبكم. فما أعظم تجلي الرحمانية أن قد أعطانا اللسان. كذلك لو وقع الخلل في الأذنين لما سمعنا شيئا. والحال نفسها للقلب؛ لقد خلق الله تعالى حالة الخشوع والخضوع، وأعطى القوة على التفكر والتدبر ولكنها تفسد كلها تقريبا في حالة الإصابة بالمرض. انظروا إلى المجانين كيف تبطل قواهم. إذًا، أفليس واجبا علينا أن نقدر نعما أعطنا الله تعالى حق قدرها؟ ولو أبطلنا القوى التي أعطانا الله تعالى بكمال فضله لكنا ناكري النعمة دون أدنى شك. فاعلموا أننا إذا دعونا الله بتعطيل القوى والقدرات فلا ينفع الدعاء مثلا قط؛ لأننا إن لم نستفد من الموهبة الأولى فكيف نجعل الثانية مفيدة لنا؟
إذًا، إن الجملة “إياك نعبد” تقول: يا ربنا ما أبطلنا عطيتك الأولى ولم نعطّلها. فأمر الله تعالى في “اهدنا الصراط المستقيم” أنه يجب على الإنسان أن يلتمس البصيرة الصادقة من الله تعالى لأنه لو لم يسعفه فضله ولطفه لما قدر الإنسان الضعيف المأخوذ بالظلمة والظلام على الدعاء أصلا. فما لم يدع الإنسانُ الله تعالى مستفيدا من فضله الذي يناله بفيض الرحمانية لما أسفر ذلك عن نتيجة حسنة.
قبل مدة من الزمن قرأت في قانون إنجليزي أنه لا بد من إثبات – بُغية الحصول على مساعدة مالية من الحكومة – ما حققه المرء من قبل. فكّروا من هذا المنطلق؛ ماذا استفدنا من قبل من قانون الله الجاري لنا في الطبيعة؟ فإن زللتم مع امتلاككم العقل والصواب والبصر والسمع ولم ترتكبوا الحمق والغباوة لنلتم مزيدا من الفيض وإلا لكانت تصرفاتكم مدعاة لحرمانكم وشقاوتكم.
كثيرا ما سيواجه أصدقاؤنا المسيحيين فسيرون أنه ليس لدى هؤلاء الأغبياء معتقد يمكن عزوه إلى الله الحكيم. ما معنى الحكمة؟ معناها: وضع الشيء في محله. ولكن لن تجدوا فيهم فعلا أو أمرا ينطبق عليه هذا المبدأ. عندما نتأمل في “اهدنا الصراط المستقيم“، يبدو أن في ذلك أمرا في الظاهر أو تعليما بالدعاء للصراط المستقيم ولكن الجملة التي سبقتها أي: “إياك نعبد وإياك نستعين” تشير إلى أنه يجب عليكم الاستفادة منها. بمعنى أنه يجب أن يستعين الإنسان بالله لعبور منازل الصراط المستقيم مستخدما القوى السليمة.”
(المصدر: تقرير الجلسة السنوية، عام 1897م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
عندما يقول الإنسان “إياك نعبد” ويخطو بالصدق والوفاء يفتح الله من الصدق نهرا واسعا ينزل على قلبه ويملأه صدقا. يأتي الإنسان من عنده ببضاعة مزجاة ولكن الله تعالى يعطيه شيئا ثمينا. ما أقصده هنا هو أن على الإنسان أن يسعى جاهدا ليكون ذلك الصدق آية خارقة له. يُفتح على الإنسان بحر من المعارف والحقائق ويُعطى قوة لا يسع أحدا أن يبارزه.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1905/5/17م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن فلسفة حصول الصدِّيق على الكمال هو أنه عندما ينظر إلى حالة ضعفه وفقره يقول “إياك نعبد” بقدر استطاعته وقدرته ويسلك مسلك الصدق وينبذ الكذب ويفر من كل رجس وقذارة ترتبط بالكذب ويتعهد أنه لن يكذب أبد ولن يشهد شهادة الزور، ولن يقول قول الزور متأثرا بأهواء النفس، لا باللغو ولا لكسب
الخير ولا لدفع الشر، أي لن يختار الزور أبدا مهما كانت الظروف. وعندما يعقد العهد إلى هذا الحد فكأنه يعمل بـ “إياك نعبد” بوجه خاص وهذه هي عبادة من الدرجة العليا. ثم ورد “إياك نستعين” بعد “إياك نعبد.” سواء أقال ذلك بلسانه أم لا ولكن الله الذي هو مبدأ الفيوض ومنبع الصدق والحق سوف يعينه حتما، وسيكشف عليه أعلى أصول الصدق والحقائق.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1905/4/17م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
ليكن معلوما أن القرآن الكريم قد ذكر لله تعالى اسمين اثنين وهما: الحيّ والقيوم. المراد من الحي هو الذي حيٌّ بنفسه ويهب الحياة للآخرين. ومعنى القيوم هو الذي قائم بذاته وسبب لقيام الآخرين. إن بقاء كل شيء الظاهريَّ والباطني وحياته إنما هي ببركة هاتين الصفتين. إن صفة “الحي” تقتضي أن يُعبد الله وحده كما أن مظهره في سورة الفاتحة هو “إياك نعبد.” وصفة القيوم تقتضي أن يُطلب السند منه، وقد ذُكر هذا المفهوم بجملة: “إياك نستعين.”
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1902/3/17م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
يتبين من “إياك نعبد” بكل وضوح أننا لا نريد شيئا بل نعبدك فقط، وندعو بواسطة إياك نسعين. وكأن الجملة: “إياك نعبد وإياك نستعين” تتضمن : {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}1 و: {لَنَبْلُوَنَّكُمْ}2 المراد من “نعبد” هو ألا تخطر السيئة بالبال، وتُسلب الأماني كلها. وفي “إياك نستعين” تعليم للدعاء.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1902/10/10م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن جملة: “إياك نعبد” توجه من ناحية إلى حسن الرب والرحمن الرحيم ومالك يوم الدين وإحسانه وتوجِّه في الوقت نفسه إلى عجز الإنسان وضعفه أيضا فيقول عفويا: “إياك نعبد.”
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1908/7/26م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
في الجملة: “إياك نعبد وإياك نستعين” تعليم التقوى. ومن عساه أن يكون أكثر تقوى من الذي يعبد ويستعين.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1908/12/10م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
يقول البعض بأننا لا نجد المتعة في الصلاة، فأقول لهم بأنه عليهم أن يواظبوا عليها أكثر. في المرحلة الأولى من التقوى يحدث الانقباض ففي هذه الحالة يجب أن يكرر المرء “إياك نعبد وإياك نستعين” في حضرة الله بكثرة، عندها يرى الشيطان في الكشف كلصٍّ أو ناهب فليشكوه عند الله تعالى بأن هذا الناهب يلاحقني فيتشبث بالله وبه يستغيث ولا يملّ بل يحرز القوة والقدرة التي تؤدي إلى هلاك الشيطان. ولكن لنيل هذه القوة وتقديم الاستغاثة هناك حاجة للصدق والحرقة التي تنشأ نتيجة تصور اللص الذي يلاحقه ويريد أن يعريه وينوي أن يوقعه في ابتلاء تعرض له آدم. فبهذا التصور ستصرخ الروح عفويا قائلة: إياك نعبد وإياك نستعين.”
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1901/2/17م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
يأكثِروا من تكرارا “إياك نعبد وإياك نستعين” في الصلوات. إن تكرار “إياك نعبد” يجلب فضل الله ويعيد المتاع المفقود.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1902/11/10م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
إن الجملة: “إياك نعبد” تدحض الآلهة الباطلة كلها، وفيها ردٌّ على المشركين أيضا لأن الله تعالى بين صفاته الكاملة أولا ثم قال العبد مخاطبا إياه: إياك نعبد، أي نعبدك وحدك يا إلهي ذا الصفات الكاملة الذي هو رب العالمين والرحمن والرحيم ومالك يوم الدين. أين توجد في الآلهة الباطلة هذه الصفات الأربعة التي هي أمهات الصفات؟ والذين يعبدون الأحجار والأشجار والدواب وغيرها من الأشياء لا يستطيعون أن يُثبتوا هذه الصفات فيها. كذلك في الجملة: إياك نستعين دحضٌ للذين ينكرون الدعاء وإجابته.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1903/5/24م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
على الإنسان أن يواظب على دعاء: “إياك نعبد وإياك نستعين” ويطلب التوفيق من الله وحده. وبفعل ذلك يسعه أن يكون مظهرا لتجلياته – عز وجل .- عندما يقابل القمرُ الشمسَ يستمد النور منها. ولكن حين يبتعد عنها يُظلم رويدا رويدا. والحال نفسها تنطبق على الإنسان بأنه حينما يبقى على عتبات الله ويعتبر نفسه محتاجا إليه يرفعه الله ويتلطف عليه. وكلما يعتمد على قوته الشخصية يذَلّ ويهان. لذا قال تعالى: {كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1903/3/10م)
قال الامام المهدي ميرزا غلام احمد ، المسيح الموعود :
التوحيد ثلاثة أنواع: التوحيد العلمي الذي يتأتّى بالمعتقدات الصحيحة. والثاني هو التوحيد العملي الذي يتسنى بإخضاع القوى الأخلاقية كلها في سبيل الله أي بالفناء في أخلاق الله. والثالث هو التوحيد الحالي الذي يُحصل بتحسين المرء حال نفسه أي إبلاغ النفس إلى كمال تزكيتها وتنزيه صفحة القلب من غير الله كليا، وإفناء المرء نفسه ومحو آثاره. وهذا التوحيد يتسنى بالكامل حين يأخذ جذبُ الله الإنسانَ ويمحو آثار نفسه كليا. ولا يتأتّى دون فضل الله أي لا يحصل بالعلم ولا بالعمل. لذلك يهتف العابدون المخلصون جميعا: “إياك نعبد.”
(المصدر: جريدة الحَكَم، بتاريخ 1905/9/24م)