Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

يرجى الاشتراك في الموقع ليصلكم جديد الموقع

يرجى الاشتراك في الموقع ليصلكم جديد الموقع

الموقع الرسمي للإمام المهدي ( المسيح الموعود )
ميرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام

الموقع الرسمي للإمام المهدي ( المسيح الموعود )
ميرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام

حِكَم ومواعظ بتاريخ 3 أكتوبر 1907م (قبل صلاة الظهر)

الابتلاء ضروري لارتقاء المدارج

قال شخص: جئت إلى هنا لأستفيد روحانيا فأرجو أن ترشدوني. فقال الإمام المهدي (المسيح الموعود) ميرزا غلام أحمد عليه السلام :

لايستفيد روحانيا إلا الذين يسعون بأنفسهم. كان نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم أعلى الناس وأفضلهم، ولكن كم من مصائب تكبّدها في سبيل الدين؟ الدين أيضا يتيسر بعد أن يقبل المرء نوعا من الموت. لو أراد الله لما فعل ذلك. ولكنه وضع للدنيا أيضا قانونا أن كل شيء يُنال بالجهد فقط. إذا حالف المرء فضلٌ من الله واجتهد أيضا وصل إلى غاية مراده. كم يتحمل الإنسان من المصائب والمعاناة من أجل الأمور الدنيوية ثم ينال شيئا، أفلا يتحتم عليه أن يسعى ويجتهد من أجل الدين؟ فمثلا إذا واجه المرء قضية بسيطة يأتي بشفاعة لصالحه من عدة جهات وينفق أموالا هائلة ويبذل قصارى جهوده، ومع كل هذه المساعي يخسر القضية، ثم يرفع طلبا لإعادة النظر فيها. وإذا رُفض طلبه هذا أيضا بتكبد معاناة كثيرة يرفع استئنافا بعد استئناف ويفعل كل ما كان بوسعه. فهل يجوز الظن عن الدين أن نواله ممكن بنفخة واحدة وبوِّرْد ومجاهدة ما، وينجح فيه بالعيش براحة وسهولة؟ يقول الله تعالى: “أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن یُتۡرَكُوۤا۟ أَن یَقُولُوۤا۟ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا یُفۡتَنُونَ(العنكبوت:3)، كلا، بل الامتحان والاختبار ضروري، وقد اتفق الأنبياء كلهم على أن الامتحان ضروري للحصول على مدارج الارتقاء. وما لم يعبر المرء مدارج الابتلاء والامتحان لا يكون صاحب دين.

من المعروف بوجه عام أن اليسر يأتي بعد العسر دائما. واعلموا أن الذي ليس جاهزا لتحمل المعاناة والألم في سبيل الله سيُقطَع. التقدم يحصل بعد المصائب والمعاناة دائما، ولا يُعلم الإيمان ما لم تنزل المصائب والمعاناة. يجب على المرء أن يكون مستعدا دائما لتحمُّل الألم والمعاناة للحصول على منافع روحانية.

 الحب يكون جموحا في بداية الأمر ليهرب مَن كان متفرجا فحسب.

يأتيني بعض الناس ويقولون: انفُخ فينا نفخة حتى نصبح أولياء الله ويتطهر صدرنا ونصل إلى معراج روحاني ويتزكى قلبنا. فليتذكروا أن كل شيء يُنال بعد تحمل المعاناة والألم، ويُنال حتما على أية حال، والله تعالى لا يضيع المؤمن ما دام الإنسان يتحمل كل نوع من المصائب من أجل الدين. خذوا الفلاح مثلا فهو يستيقظ في الهزيع الأخير من الليل ويحرث الأرض ويتجشم المصاعب. كم يتحمل من المصائب وكم يقوم بالجهد، لا يستريح ليلا ولا نهارا بل عندما تكون المزرعة جاهزة بعد جهد جهيد يتكبد المشاكل لحصادها، فيحصدها وهو بعيد عن أهله وأولاده، ويفعل كل ذلك للدنيا الفانية التي هي موجودة اليوم وتفنى غدا فيتيه هنا وهناك ويتحمل مصيبة بعد مصيبة وألما إثر ألم. فهل الدين شيء يمكن نواله بنفخة واحدة ولا حاجة للامتحان والاختبار فيه؟

ضرورة الجهد من أجل الدين

لا يجوز للمرء أن يتوقع ذلك بشأن الدين وأن يحسبه كحلوى سائغة بأي حال. فكروا في زمن الصحابة كم تجشموا من المصائب من أجل الدين وكم واجهوا من الآلام! لم يستريحوا ليلا ولا نهارا، فقد قبلوا كل مصيبة في سبيل الله حتى ضحوا بحياتهم وقبلوا أن تُقطَع رؤوسهم في سبيل الدين. تذكرتُ بالمناسبة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات مرة لمواجهة العدو عند الظهيرة في الصيف وكان الحر شديدا والريح شديدة الحرارة والشمسُ حارقة تماما فوصل صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى ينبوع ذي ماء زلال تحيط به الخضرة والنضرة، فقال له أحد الصحابة نظرا إلى هذا المكان الخضر والنضر أن يسمح له بالعبادة هناك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عليك أن تتوب، ألا تعلم أننا نتكبد كل هذه المشاكل لوجه الله، ولا فائدة من العبادة بعد الاستراحة في مثل هذا المكان المريح.

الحياة تتسنى بعد الذبح

ما لا يرافقه الألم والمعاناة ليس عبادة، لا فائدة من العيش على شاطئ حوض أو بِّركة جيدة براحة وسعادة مثل رهبان الهندوس، ولا مِّن ذكر الله مستلقيا ومستريحا في مكان خضرٍ نضرٍ. عليكم أن تثبتوا وتصمدوا في الابتلاءات والامتحانات، ولا تقصروا في التضحية بأرواحكم في سبيل الله بل كونوا مستعدين لها في سبيله كل حين وآن. عندما يقرر الإنسانُ في قلبه ويكون جاهزا لتحمل الألم عندها يصل إلى الله ويستفيد فائدة روحانية أيضا. هذه هي سنة الله، منذ خلق العالم وبداية سلسلة الأنبياء أن الله تعالى لا يرضى بغير تحمل الآلام والمعاناة، ولا يتسنّ الدين أيضا بغير ذلك.

يأتيني بعض الناس ويقولون: اجعلنا أولياء الله بشعوذة أو بنفخة واحدة وانفُخ فينا روح الحياة. ولكن الله يذبح أولا ثم يُحيي. بل في مثل هذه الامتحانات والابتلاءات يعلم الإنسان بنفسه أنه لم يعد كما كان من قبل. ولا شك أن الإنسان يصل إلى الله تعالى حتما بعد اجتياز هذه الامتحانات بنجاح. وما لم يستعد الإنسان لتحمل المشاق والمصائب في سبيل الله لا يُتوقع الارتقاء.

الصلاة أيضا تظهر حالة من الاضطرار

الصلاة التي نصليها تتضمن نوعا من الاضطراب، فتارة يقوم المصلي ويركع ويسجد تارة أخرى، ويأخذ الحيطة والحذر من عدة أنواع. ويكون المراد من ذلك أن يتعلم الإنسان تحمل الألم والمصيبة لوجه الله وإلا كان ذكر الله ممكنا جالسا في مكان واحد أيضا، ولكن الله لا يرضى بذلك. إن كلمة الصلاة تدل بحد ذاتها على الحرقة. فما لم ينشأ في قلب المرء نوع من القلق والاضطراب وما لم يترك راحته لوجه الله، لا يتم شيء. نعلم أن هناك أناسا كثيرين يملكون طبيعة تجعلهم لا ينجحون في هذه الأشياء، وتوجد فيهم أنواع الضعف خَلقًا فلا يمكنهم المثابرة في هذه الأمور، ومع ذلك يجب الاستمرار في التوبة والاستغفار بكثرة حتى لا نكون من الذين لا يبالون بالدين قط ويحسبون الدنيا وحدها غايتهم المنشودة.

الابتلاءات في كل زمن تكون مختلفة

الامتحانات والابتلاءات في كل زمن تكون مختلفة. لقد ضحى الصحابة رضي الله عنهم بحياتهم في سبيل الله وقبلوا أن تُقطع رؤوسهم. أما في أزمنة الأنبياء الآخرين فكانت الآلام والمصائب من أنواع أخرى. فما لم يجتَز الإنسان الامتحانات والابتلاءات بنجاح، لا يتقدم ولا يكون مقبولا عند الله. لا يتم شيء بدون المشاكل والمصائب المتنوعة.

لا تسيئوا الظن بالله

اعلموا أن الله تعالى رحيم وكريم، فلا تسيئوا به الظن. الذي يتنبه إلى سنته ويكون جاهزا لتحمل المشاق والمعاناة من أجله سينجح حتما. وإن لم يسلك مسلكا بينه الله عز وجل ويتكاسل فلن ينجح. انظروا إلى الذين ينضمون إلى الجيش، يتوظفون فيه للقتال وليُقتلوا من أجل الدنيا، مع أنهم لا يتقاضون رواتب بآلاف الروبيات بل يقبلون أن يُقتلوا من أجل عشرة أو اثنا عشرة روبية فقط. ولكن كم هو مؤسف أن الناس لا يهتمون بشيء من أجل الله وللجنة الأبدية والسعادة الدائمة.

يجب السعي للحصول على سعادة دائمة

فما داموا يعملون كل هذه الأعمال للدنيا فلماذا لا يسعون إلى هذا الحد من أجل السعادة الحقيقية والراحة الدائمة؟ الحق أن هؤلاء الناس لا يقدرون إنعام الله وإكرامه، ولو قدروا ذلك لما تعلقوا بالحياة بما يحول دون تضحيتهم بها. الحياة الحقيقية والسعادة الحقيقية هي تلك التي ينالها الإنسان بالموت في سبيل الله. لا تنال الحياة الحقيقية إلا بإيراد المرء الموت على نفسه. الذين يركضون وراء الشعوذات والرُّقَى لا يريدون أن يسعوا من أجل الدين بل يريدون أن ينالوا صفاء القلب جالسين في البيت دون أن يحركوا ساكنا. الحق أن القصص الكاذبة ألحقت بهؤلاء الناس أضرارا فادحة، وفهموا بناء على هذه الأشياء أن الدين شيء يمكن الحصول عليه بالشعوذات والرُّقى. لذلك اخترعوا بعض المجاهدات التي يعملون بها ويقولون بأن القلب يجري1 نتيجتها.

والغريب في الأمر أن حالتهم العملية تسوء أكثر نتيجة جريان القلب على هذا النحو. ومن تلك الأوراد ذِّكر أرّهالذي نتيجته هي الإصابة بالسل. مع أن الله تعالى سنّ طريقا واحدا كما يقول: “قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا(الشمس:9)، وهذه إشارة إلى أنه يجب على الإنسان أن يرضى برضى الله ولا تكون هناك أدنى مغايرة، وألا يُشرك مع الله أحدا، ولا يبقى أي بُعد وانفصال بين الله وعبده.

ضرورة الصدق والوفاء والصمود

هذا الأمر ليس سهلا، بل هي عقبة صعبة تُجتاز بعد مصائب وامتحانات كبيرة. الصلاة التي تصلونها كان الصحابة أيضا يصلون الصلاة نفسها، وبها نالوا منافع روحانية كبيرة ومدارج عالية. الفرق الوحيد هو الخشوع والإخلاص. فإذا كان فيكم أيضا الصدق والإخلاص والصمود نفسه يمكنكم أن تنالوا بالصلاة نفسها تلك المدارج كلها التي نالها الأوائل. يجب أن تكونوا مستعدين لتحمل الآلام في سبيل الله دائما. اعلموا أنه لن يتم شيء ما لم تعملوا بالإخلاص والصدق. هناك أناس كثيرون يأتون إلى هنا ويبايعون ويعودون إلى بيوتهم ثم إذا واجهوا معاناة بسيطة أو هددهم أحد يرتدون فورا. الناس مثلهم يبيعون إيمانهم. انظروا إلى الصحابة رضي الله عنهم أنهم قبلوا أن تُقطَع رؤوسهم في سبيل الدين، وكانوا دائمي الاستعداد للتضحية بكل شيء في سبيل الله. لم يبالوا بعداوة أي عدو قط. كانوا جاهزين دائما لتحمل كل مصيبة وألم في سبيل الله، وقرروا ذلك في قرارة قلوبهم. أما الناس المعاصرون فيتركون الدين إذا هددهم قليلا حتى عُمْدة القرية أو أمثاله. ليست عباداتهم إلا قشرا فقط. فلا تصِّل صلواتهم إلى الله بل تُرَد إليهم فورا وتكون لعنة عليهم. يقول الله تعالى: “فَوَیۡلࣱ لِّلۡمُصَلِّینَ * ٱلَّذِینَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ(الماعون:4-5). الذين يجهلون حقيقة الصلاة تكون صلاتهم نقرات محضة، إنهم يسجدون سجدة لله وسجدة أخرى للدنيا. ما لم يقبل الإنسان مشاكل ومصائب لوجه الله لا يُقبل عند الله. هذه الأمثلة تلاحَظ في الدنيا أيضا، فمثلا إذا كان خادم يرافق سيده في كل صعوبة ومعاناة وفي كل موطن خطير لا يبقى خادما بل يصبح صديقا له.

هكذا تماما يعامل الله تعالى، فلو لم يخذله الإنسان وخرَّ على عتباته دائما وبقي مخلصا له بالمثابرة فلا يخذله الله ويعامله معاملة الأصدقاء.

الوفاء موجود في الكلب أيضا فلا يترك بيت سيده وإن بقي جائعا أو مرض أو ضعف. والذين ينحرفون عن الدين نتيجة معاناة بسيطة يجب أن يتعلموا من الكلب.

رُوي أن يهوديا أسلم، وبعد بضعة أيام واجه مصيبة وبدأ يتضور جوعا حتى كاد يهلك، وذهب متسولا إلى بيت يهودي، فأعطى اليهوديُّ هذا المسلم حديثًا أربعة أرغفة، وحين ذهب مع الأرغفة لحقه كلب، فظن الرجل أن في الأرغفة نصيبا للكلب أيضا، فرمى رغيفا منها أمامه ومشى في طريقه. أكل الكلب الرغيف سريعا وتبعه مرة أخرى. فظن الرجل لعل نصيب الكلب النصف، فرمى أمامه رغيفا ثانيا، ولكن الكلب

أكله فورا وبدأ يلحقه مرة أخرى. فلما أحس أن الكلب لا يكاد يتركه وشأنه قال في نفسه: لعل نصيب الكلب ثلاثة أرباع الأرغفة والبقية لي. فرمى له رغيفا آخر ولكن الكلب لم يتركه بعدها أيضا. فغضب الرجل على الكلب بشدة وقال: ما أوقحك! لقد تسولتُ أربعة أرغفة وقد أكلتَ ثلاثة منها ومع ذلك لا تتركني! عندها أعطى الله تعالى الكلبَ لسانا فقال: لست أنا الوقح، فإني مهما تضورتُ جوعا لا أذهب إلى بيت سوى بيت سيدي، بل أنت الوقح إذ قد ذهبتَ للتسول من بيت كافر بعد أن تحملتَ الجوع لثلاثة أيام فقط. فندم هذا المسلم كثيرا بسماع هذا الجواب.

كانت في دلهي هرة، وكان من عادتها ألا تأكل شيئا دون إذن صاحبها مهما كانت الأشياء موضوعة أمامها. ذات مرة قال الناس لصاحبها: نريد نحن أيضا أن نجرب ذلك. فوضعوا شيئا من الحلوى والحليب واللحم في غرفة قرب الهرة وقفلوا عليها الباب، وحين فتحوه بعد ثلاثة أيام وجدوا الهرة ميتة والطعام على حاله كما كان. فلو لم يتحل الإنسان بصفات حسنة توجد في أراذل المخلوقات لما استحق أدنى تقدير.

المصدر: جريدة الحَكَم؛ بتاريخ: 1907/10/10م، وبدر؛ بتاريخ: 1907/10/17م.)

1هذا مصطلح الصوفية، والمراد منه أن المرشد يُجلس مريده أمامه مُلصقا رُكبتَيه برُكبتَي المرشد. فيتكلم المرشد بصوت عالٍ ويطلب من المريد أن يردد كلامه وراءه. وتعاد هذه العملية ثلاث مرات. (المترجم)

هذا الموقع هو موقع علمي لا يتبع الجماعة الإسلامية الأحمدية التي تسمىى الطائفة القاديانية ولا يتبع أي فرقه من الفرق المنتسبه للإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد القادياني

 MirzaGhulamAhmed.net © 2025. All Rights Reserved.

 MirzaGhulamAhmed.net © 2025.

All Rights Reserved.

E-mail
Password
Confirm Password