روعة الكلام
قال الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد عليه السلام :
إن القرآن الكريم كمثل غذاء يناسب الناس من كل طبقة وكل مزاج، وهذا يبرهن على كونه من الله سبحانه وتعالى، نريد أن يتعلم منا أبناء جماعتنا أيضًا أسلوب الكلام، ينبغي أن يكون أسلوب خطابهم مفيدًا لأصحاب الطبقة العليا والدنيا أيضًا، فمن روعة الكلام في الحقيقة أن يلائم كل نوع من الناس.
الإسلام طريق وسط
لقد جعل الله الإسلام أسوة للآخرين، إذ قد اتخذ طريقا وسطا يخلو تماما من الإفراط والتفريط. ” وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ” (البقرة:143).
جواز الرد الإلزامي
الرد على نوعين؛ البحثي، والإلزامي. فقد وظف الله سبحانه وتعالى أيضًا أحيانا الردود الإلزامية، ففيها يطلع المعترض على ضعف دينه، فحين قال النصارى إن عيسى ابن الله، واحتجوا بولادته من بطن مريم العذراء، قال الله ” إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ” (آل عمران:59)، أي إذا كان يُثبت ذلك أنه ابن الله فآدم أولى ليكون ابنه.
لمس المنبوذ
إن الاعتقاد بأن دين البراهمن يفسد نتيجة لمس المنبوذ له وغيره من المعتقدات من أمارات ضعف دين الهندوس في الحقيقة، إذ يفسد بمجرد اللمس. فلما كان أساس الإسلام قويا، فلم يتضمن مثل هذه الأمور، فقد قال عن الطعام، ” لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَْأكُلُوا جَِميعًا أَوْ أَشْتَاتًا” (النور:61).
تأثير البيان بإخلاص
ما لم يكن في البيان روحانية وتقوى وطهارة وحماس صادق لا يترتب عليه نتيجة حسنة، فالبيان الذي يخلو من الروحانية والنقاء فمثله كمثل ماء الميزاب الذي يصبُّ بشدة فيوسخ وينجس ما يصيبه بدلا من تطهيره. على الإنسان أن يصلح نفسه أولا، ثم يلتفت إلى إصلاح الآخرين، قال الله سبحانه وتعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ” (المائدة:105)، أي إذا أردتَ أن تجعلوا أنفسكم نافعين فتطهَّروا أولا، حذار أن تكون عندكم أقاويل فقط ولا يظهر أثرها في الحياة العملية، فمثل هذا الرجل كمن هو جالس في ظلام دامس، فإذا ذهب للآخَر حاملًا ظلامه فما الذي يفيد إلا أن يتعثر. يجب أن يصبح المرء مصباحا لكي يستنير بنوره الآخرون.
تزكية القلب وتطهيره سلاح صحيح
التباهي بالعلوم المادية حمق، ينبغي أن تكون قوتكم قوة الروح. لم يقل الله إنا علَّمنا الإنسان العلوم والفلسفة والمنطق، وأيدناه بها، بل قال ” أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ” (المجادلة:22)، فكان الصحابة أميين، وكان نبيهم (سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام) أيضًا أميا، لكن المعارف والحكم التي بينوها لم تخطر ببال كبار العلماء، وذلك لأنهم كانوا مؤيَّدين من الله بوجه خاص، فالتقوى والطهارة تؤيد الإنسان داخليا. إن أسلحة العلوم المادية ضعيفة، ومن المحتمل وعلى الأغلب أن يكون عند العدو أقوى وأمضى منها. ينبغي أن يتزود الإنسان بسلاح لا يقاومه العدو به، وذلك السلاح هو التغير الصادق وطهارة القلب وتزكيته. فالذي هو مصاب بالماء الأزرق أنى له أن يشفي المصابين بالمرض نفسه. فكلام صاحب الباطن، حتى لو رُدّ ظاهريا عند التفوه به، لا يُعدم تأثيره بل يؤثر في الحياة الإنسانية في الخفاء. فالكلام المنبعث من أعماق القلوب يرسخ في القلب حتما.
( المصدر: جريدة بدر؛ بتاريخ 1908/5/24 م).