قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد عن معنى قوله تعالى {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} :
القرآن الكريم يبيّن أن الملائكة يشابهون بصفاتهم صفاتِ الله تعالى كما قال – عز وجل – {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}، فانظر رزقك الله دقائق المعرفة أنه تعالى كيف أشار في هذه الآية إلى أن مجيئه ومجيء الملائكة ونزوله ونزول الملائكة متحد في الحقيقة والكيفية.
(المصدر : كتاب حمامة البشرى)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
قد ورد في القرآن الكريم بصراحة تامة أنه كلما مات مؤمنٌ رُفعت روحه إلى الله تعالى وأُدخلت الجنةَ، إذ يقول – عز وجل -: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}.
يقول صاحب تفسير “معالم التنزيل” في شرح هذه الآية: قال عبد الله بن عمرو – رضي الله عنه -: “إذا تُوُفِّي العبد المؤمن أرسل الله – عز وجل – ملكين إليه وأرسل إليه بتحفة من الجنة، فيقال لها: اُخرجي يا أيتها النفس المطمئنة، اخرجي إلى رَوْح وريحان وربك عنك راض. فتخرج كأطيب ريح مسك وجده أحد في أنفه، والملائكة على أرجاء السماء يقولون: قد جاء من الأرض روح طيبة ونسمة طيبة. فلا تمر بباب إلا فتح لها ولا بِمَلَك إلا صلَّى عليها، حتى يؤتى بها الرحمن فتسجد. ثم يقال لميكائيل: اذهب بهذه فاجعلها مع أنفس المؤمنين.”
فتبين بجلاء تام من هذه الآية القرآنية ورواية عبد الله بن عمرو أن روح المؤمن تُرفع إلى السماء بعد موته دون أدنى توقُّف.
(المصدر: كتاب إزالة الأوهام)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
القرائن القوية تبرهن بكل شدة على أن المسيح لم يصعد إلى السماء بجسده قط، ولم تَرد كلمة “السماء” في الآية قيد البحث، بل كل ما ورد فيها هو: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} ، وجاء في موضع ثانٍ: {بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ} ؛ومعنى ذلك أن الله تعالى رفعه إليه بعد أن أماته، وهذا أسلوب شائع ومتَّبَع عموما، فمثلا عندما يموت شخص صالح يقال: لقد رفع الله ذلك الشخص الصالح إليه، كما يشير إليه قوله تعالى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّك}.
معلوم أيضا أن الله تعالى موجود في كل مكان، وليس له جسم ولا هو كيان مادي، كما لا يتقيد بجهة دون أخرى، فكيف يمكن القول بأن الذي يُرفَع إلى الله تعالى يجب أن يصل جسمه إلى السماء حتما؟ ما أبعد هذه الفكرة عن الصدق والحق! إن الصادقين يُرفَعون إلى الله تعالى روحًا وروحانيةً، وليس أن تصل إلى الله تعالى لحومهم ودماؤهم وعظامهم.
(………………..)
ثم تابع حضرته فقال :
فليتضح أن معنى الرفع إلى الله هو الموت، كذلك إن لقول الله – عز وجل -: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ}، وقوله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} المعنى نفسه.
(………………..)
ثم تابع حضرته فقال :
المسيح ابن مريم الذي رُفعت روحه ودخلت الجنة بحسب مفهوم الآية: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}، فكيف سيعود مرة أخرى إلى عالَم الأحزان هذا؟ صحيح أننا نعتقد أن الدخول الكامل في الجنة من الناحية المادية والروحانية يتحقق لكل من يستحقه بعد حشر الأجساد، ومع ذلك فإن ما أُعطي المقرَّبون من متَع الجنة قبل ذلك فلا يُنزع منهم، وإن مثولهم أمام رب العالمين يوم القيامة لا يستلزم خروجهم من الجنة، لأنه ليس المراد من ذلك أن عرشا من الخشب أو الحديد أو الفضة سيُفرش خارج الجنة ويجلس الله عليه مثل الحكام أو السلاطين الدنيويين، وسيضطر الناس للمثول أمامه بقطع مسافة ما حتى يُعترَض بأن الناس سيضطرون للخروج من الجنة بعد أن دخلوها للمثول أمام الله في فلاة مترامية الأطراف حيث وُضع عرش رب العالمين. إن هذه الفكرة مادية بحتة ويهودية الطابع. والحق أننا نؤمن بيوم القيامة ونؤمن بعرش رب العالمين، ولكن لا نعتبره عرشا ماديا، ونؤمن أيضا بأن كل ما قاله الله والرسول سيتحقق حتما، ولكنه سيتحقق بأسلوب نزيه لا يتنافى مع قُدُّوسية الله، ولا يغاير تنزُّهَه أو أيَّ صفةٍ من صفاته الكاملة. إن الجنة مقام تجلّي الله تعالى، فكيف يمكن القول إنه – سبحانه وتعالى – سيظهر ذلك اليوم خارج الجنة كشخص ذي جسم، أو سيأمر بنصب عرشه خارجها. بل الحق أن أهل الجنة سيكونون في الجنة في ذلك اليوم، وأهل النار في النار، ولكن التجلّي الأعظم لرحمة الله سيُمطر على الصادقين والمؤمنين متعةً كاملة بأسلوب جديد، ويريهم متعة حياة الجنة بصورة حسِّية ومادية، ويدخلهم دار السلام الجديدة. كذلك تماما إن تجلّي غضب الله سيُري جهنم في أعين أهلها بصورة جديدة، وكأنه سيُدخِلهم في النار بعد الحساب والإدانة من جديد.
إن دخول أهلِ الجنةِ الجنةَ وأهلِ النار النارَ روحانيا دون أدنى توقف بعد موتهم، إنما هو ثابت بتواتر القرآن والأحاديث الصحيحة.
(………………..)
ثم تابع حضرته فقال :
المؤمن يُدخَل الجنة بعد مماته دون أدنى تأخير، كما يتبين من الآيات التالية: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} والآية الثانية هي: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}.
(………………..)
ثم تابع حضرته فقال :
قال الله : {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} ، يتبيّن من هذه الآية أيضا بجلاء أن الإنسان لا ينضم مطلقا إلى جماعة السابقين ما لم يمت. ولقد تبين من حديث المعراج الذي أورده الإمام البخاري في صحيحه مفصلا أن المسيح ابن مريم قد انضم إلى جماعة الأنبياء الذين ماتوا من قبل. فلا بد -بحسب دلالة هذا النص الصريحة- من التسليم بموت المسيح ابن مريم.
(………………..)
ثم تابع حضرته فقال :
ما دام قد تحلّى (المسيح ابن مريم) مثل الميتين بكافة الصفات المتعلقة بالعالم الثاني -التي هي من علامات الأموات – ثم لم يقتصر على تحليه بها بل انضم إلى تلك الجماعة، وقَبِل لنفسه أمرَ الله تعالى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ}، وصار مصداقا لقوله تعالى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي}؛ فماذا نعتبره إذن إن لم نعتبره ميِّتا؟
(المصدر : كتاب إزالة الأوهام)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
ما دام قد ورد خطاب لجميع الصلحاء المتوفين بقوله تعالى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} فهذا ما حظي به المسيح – عليه السلام – أيضا من مقام الرفع إلى الله أو الرجوع إلى الله الذي اشترط أن يسبقه الموت.
(المصدر : كتاب الحكم السماوي)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
وما معنى قول: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} إلا المعنى الذي يُفهم من قول: {رَافعُكَ إِلَيَّ}؟ فإن الرجوع إلى الله راضية مرضية والرفعُ إلى الله أمرٌ واحد، وقد جرت عادة الله تعالى أنه يرفع إليه عباده الصالحين بعد موتهم، ويؤويهم في السماوات بحسب مراتبهم.
(المصدر : كتاب حمامة البشرى)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
هناك منبع ثالث ينبغي اعتباره مصدرًا للحالات الروحانية كلها . اسمه في مصطلح القرآن الحكيم: “النفس المطمئنّة”، وقد ورد ذكره في قول الله تعالى {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} (الفجر: 28 – 31).
هذا هو المقام الروحاني الذي تتخلص فيه النفس من كل ضعف، وتمتلئ من القوى الروحانية، وتتصل بربها اتصالا لا تكاد تحيا بدونه. وكما أن السيل ينحدر متدفقًا في جريانه تدفقًا شديدًا بسبب غزارة مياهه وانعدام العوائق، فكذلك النفس المطمئنة تنطلق مندفعةً إلى الله. وإلى هذا الاندفاع تشير الآية: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنّةُ * ارْجِعِي إلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيّةً}.
فالنفس تتبدل تبدلا عظيمًا في هذه الحياة، كما بعد الموت، وتجد نوعا من الجنة في هذا العالم، كما في غيره؛ كما تقول الآية {ارْجِعِي إلَى رَبِّكِ} أي تعالَيْ إلى من ربّاك . فإن هذه النفس عندئذ تتربى بربوبية الله، وتتغذى من حُبّ الله، وتستقي من ذلك المَعين الواهب للحياة، فلا تذوق الموت أبدا.
(المصدر : كتاب فلسفة تعاليم الأسلام)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
قال الله تعالى {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنّةُ * ارْجِعِي إلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنّتِي} وتبيانا للحالات الروحانية يجدر بنا هنا أن نفسر هذه الآية بشيء من الإيضاح.
ولنتذكر أن أعلى درجة روحانية للإنسان في الحياة الدنيا هي أن يطمئن إلى ربه، وأن يجد كل السلوان والسرور واللذة في الله. وهذه هي الحالة التي تسمى بعبارة أخرى “الحياة الفردوسية”. في هذه الحالة يظفر الإنسان بجنة الدنيا جزاءً على كامل صدقه وصفائه ووفائه. وبينما يكون غيره من الناس لا يزالون يتطلعون إلى الجنة الموعود بها في المستقبل، يدخل هذا في جنة حاضرة. عند بلوغ هذه الدرجة نفسها، يدرك الإنسان أن العبادة التي كان قد حمل أعباءها هي في الحقيقة الغذاءُ الوحيد الذي يغذي روحه، والعماد الذي تقوم عليه حياته الروحانية بدرجة كبيرة، وأن الحصول على ثمرة هذه العبادة ليس موقوفا على عالم آخر. وعندئذ فإن حافزا مباركا هو بدايةٌ لنشأة النفس المطمئنة وتطورها يأخذ مكانَ كل اللوم الذي كانت تكيله النفسُ اللوامة للإنسان على حياته الدنسة، ومع ذلك كانت تفشل في تحريك الرغبات الحسنة فيه كما ينبغي، وفي توليد النفور الحقيقي إزاء الرغبات الشريرة، وفي تزويده بالمقدرة الكاملة على التمسك التام بالفضيلة. ومتى بلغ الإنسان هذه الدرجةَ حان له أن يحوز الفلاحَ الكامل. فتأخذ الشهوات النفسانية كلها في الخمود من تلقاء نفسها، ويهب على روحه نسيم منعش، يجعله ينظر إلى تقصيراته السابقة بعين الندامة. وحينئذ يطرأ على فطرة الإنسان انقلاب كبير، ويحدث في عاداته تغير عظيم؛ فيبتعدُ عن حالاته الأولى بُعدًا شاسعا، ويُغسَل ويطهَّر؛ ويحبِّب الله الخيرَ إلى قلبه، ويُذهب رجسَ الإثم عن فؤاده، ويقتحم جيشُ الحق مدينةَ قلبه، ويستولي الصدق على كل أبراج قصر فطرته، ويتغلب الحق ويزهق الباطل ويلقي سلاحه؛ وتكون يد الله تعالى فوق قلب هذا الإنسان، فيمشي كل خطوة تحت ظل الله تعالى.
(المصدر : كتاب فلسفة تعاليم الإسلام)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
إن الذين يُرفعون إلى الله تعالى بعد الموت تُستخدَم في حقهم مثل هذه الكلمات، أيْ رُفعوا إلى الله أو رجعوا إليه كما يقول تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}. وكما أشير في الآية: {إِنَّا للهِ َوإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.
(المصدر : كتاب مناظرة دلهي)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
ما دام جفاف الذنب ينتج عن انقطاع العلاقة فإن الوسيلة البسيطة لدفع هذا الجفاف هي إنشاء العلاقة الوثيقة، وهذا ما تشهد عليه سنن الكون أيضا، وإلى ذلك أشار الله – سبحانه وتعالى – في قوله {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}.
(المصدر : كتاب الرد على أسئلة أربعة لسراج الدين المسيحي)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
الأسلوب الشائع في القرآن الكريم كله عن المراد من الرفع إلى الله والرجوع إليه هو الموت دائما، كما في الآية: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}
(المصدر : كتاب أيام الصلح)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
إن الشرائع الثلاثة متفقة على المسألة أن المؤمن يذهب إلى الله بعد الموت وتفتح له أبواب السماء كما تشهد عليه آيةُ {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ}، أما الكافر فإلى الأسفل وهو طرف الشيطان كما تشهد على ذلك آية: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ}. فالذهاب إلى الله يسمى الرفع أما الذهاب إلى الشيطان فيسمى اللعنة، فهاتان الكلمتان متضادتان. إن السفهاء لا يفهمون هذه الحقيقة، إذ لم يفكروا أنه إذا كان الرفع يعني الرفع مع الجسم فأية كلمة تقابلها، كما أن الرفع الروحاني تقابله اللعنةُ.
(…………………..)
ثم تابع حضرته فقال :
كان اليهود ينكرون على عيسى – عليه السلام – الرفع الذي هو مدار النجاة لكل مؤمن، لأنهم أيضا كانوا يؤمنون كالمسلمين أن روح كل مؤمن تُرفع بعد الموت إلى السماء وتفتح لها أبواب السماء، أما الكافر الذي كان يندفع في حياته إلى الشيطان فتغلق عليه أبواب السماء وترمى روحه إلى الأسفل، أي إلى الشيطان، بينما المؤمن كان في حياته يصعد إلى فوق، لهذا يتم رفعه إلى الله بعد الموت ويتلقى نداء {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} (الفجر: 29)
(المصدر : كتاب التحفة الغولروية)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
إن الأسلوب السائد في القرآن الكريم كله هو أنه كلما قيل عن أحد بأنه رُفع إلى السماء كان المراد منه دائما أنه رُفع روحانيا. كما يقول الله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ}. هل المراد هنا هو الرجوع إلى الله تعالى بالجسد المادي؟!!
(المصدر : كتاب البراهين الأحمدية – الجزء الخامس)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
يعرف كل ذي علمٍ أنه ثابت من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة أن المؤمن حين يموت تُرفع روحه إلى الله تعالى كما يقول تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}
(………………….)
ثم تابع حضرته فقال :
يتبين من مطالعة القرآن الكريم والأحاديث الشريفة أن الرفع إلى الله الذي يتبين من: “بل رفعه الله إليه” لا يُطلَق إلا على حالة الموت كما يقول الله – سبحانه وتعالى – في القرآن الكريم: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}. من الواضح أنه لا يستنبط أحد من المسلمين من قول الله تعالى: ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ أن المراد منه هو صعود الإنسان إلى السماء حيا بالجسد المادي، بل يُستنبَط من الآية: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} معنى الموت دائما. فلما كان المراد من الرجوع إلى الله تعالى هو الموت بعينه بحسب نص القرآن الكريم فكيف لا يُستنبَط الموت من الرفع إلى الله كما يتبين من: {بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ}. إنه لَمِمّا يخالف العدل والعقل والتقوى أن يترك المرء المعنى الذي يتبين من النصوص القرآنية ويتمسك بالمعنى والمفهوم الذي لا يملك عليه أيّ دليل. هل لأحد أن يثبت أن لتعبير “رُفع إلى الله” معنى آخر غير الموت في اللغة العربية وكلام العرب؟ غير أنه من الصحيح تماما أن المراد من الموت هنا هو الموت الذي تُرفع الروحُ إلى الله تعالى بعده مثل موت المؤمنين، وهذا التعبير نفسه مستخدم في كتب الله السابقة أيضا.
أما قول الله تعالى في الآية المذكورة آنفا: {فادخلي في عبادي} والآية التي سبقتها أي: {ارجعي إلى ربك} لو جُمعتا معا لكان المعنى أنه لا يستطيع أحد أن ينضم إلى الأرواح الخالية ما لم يمت. فلما كان الدخول في الأرواح الخالية دون الموت مستحيلا وممنوعا بحسب نص القرآن الكريم، فكيف جلس عيسى – عليه السلام – مع يحيى – عليه السلام – في السماء الثانية؟
وفي هذا المقام هناك نقطة جديرة بالذكر أن الله تعالى يقول أيضا في الآية المذكور آنفا: {وَادْخُلِي جَنَّتِي}، والآية بكاملها هي: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}، فما دام ثابتا من رؤية النبي – صلى الله عليه وسلم – ليلة المعراج أن أرواح الأنبياء والرسل التي خلت من هذه الدنيا إنما هي في العالم الثاني كفئة تلحق دون تأخير مع فئة الأرواح التي خلت من قبل وتنضم إليها كما يتبين من الآية: {فادخلي في عبادي}. وهذا ما تقتضيه الجملة الأخيرة من هذه الآيات أي: “وادخلي جنتي” أيضا أن يدخل جميع عباد الله الجنةَ دون تأخير. وكما أن مفهوم الآية: “في عبادي” ليس أمرا مترقَّبا يُتوقَّع حدوثه في مستقبل بعيد بل يتحقق دون تأخير بعد وفاة الصالحين. بمعنى أن الجماعة التي تموت فيما بعد تلحق بالأولين دون تأخير. وهذا يستلزم أن يتحقق مفهوم الجملة الثانية للآية أي {وادخلي جنتي} أيضا دون تأخير. بمعنى أن كل مَن يموت من بين المؤمنين الطاهرين والطيبين لا بد أن يدخل الجنة فورا. وهذا هو الحق كما هو مشروح في آيات أخرى في القرآن الكريم.
ومن جملتها آية أخرى يقول الله تعالى فيها: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ} ، وهناك آيات أخرى كثيرة نقلها كلها مدعاة للإطالة، يثبت منها أن أرواح الطيبين والمطهرين تدخل الجنة بعد موتهم فورا. كذلك يثبت الأمر نفسه من أحاديث كثيرة أيضا. وإنّ أكل أرواح الشهداء ثمار الجنة مذكور في أحاديث معروفة لا تخفى على أحد.
ويقول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، وهذا ما يثبت من الكتب السابقة أيضا. فما دام دخول أرواح الطيبين والمطهّرين الجنةَ ثابتا – والمعلوم أن الجنة مقام توجد فيه النعماء المادية أيضا من عدة أنواع وثمار مختلفة، والمراد من دخول الجنة أن يأكل الداخل تلك النعم – ففي هذه الحالة يكون دخول الروح وحدها الجنة بلا فائدة مطلقا. فهل ستبقى بعد دخولها الجنة كالمحرومين ولا تستفيد من نعمائها؟ فإن الآية: {وادخلي جنتي} تبين بصراحة تامة أن المؤمن يُعطى جسدا بعد الممات. فلهذا السبب يعتقد الأئمة والمتصوفة الكبار أن المؤمنين الطيبين والمطهَّرين ينالون الأجساد النورانية بُعيد موتهم ومن خلاله يستمتعون بنعماء الجنة. وإن تخصيص الجنة للشهداء فقط ظلم بل كفرٌ. فهل لمؤمن صادق أن يتجاسر ويقول بأن النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي بين روضته وقبره الجنة ما زال خارجا عن الجنة، أما الذين نالوا الإيمان والتقوى بواسطته دخلوا الجنة نتيجة استشهادهم ويأكلون ثمارها؟ بل الحق أن من نذر حياته كلها في سبيل الله فقد نال مرتبة الشهادة مسبقا. ففي هذه الحالة إن نبينا الأكرم – صلى الله عليه وسلم – هو أول الشهداء. فما دام ذلك ثابتا ومتحققا فنقول بأن المسيح أيضا رُفع إلى السماء بالجسد ولكن بغير الجسد المادي، ثم دخل في عباد الله ودخل الجنة. ففي هذه الحالة ليس بيننا وبين معاندينا إلا نزاع لفظي.
(………………….)
ثم تابع حضرته فقال :
لا يمكننا أن ننكر أن يكون عيسى – عليه السلام – قد أُعطي بعد موته جسدا جلاليا غير الجسد المادي لأن هذا الجسد يُعطاه كلُّ مؤمن صادق بعد الممات كما تشهد عليه الآية: {ادخلي جنتي}، لأن الروح وحدها ليست جديرة بدخول الجنة، فلا خصوصية لعيسى – عليه السلام – في ذلك.
(………………….)
ثم تابع حضرته فقال :
من الخطأ الظنُ أنه توجد في السماء أرواح الأنبياء عليهم السلام فقط الذين خلوا من هذه الدنيا، بل يتواجدون مع الأجساد النورانية والجلالية التي رُفعوا بها من الدنيا بعد الممات كما تنص عليه الآية: {وَادْخُلِي جَنَّتِي} لأن دخول الجنةَ يقتضي الجسد. ولقد نصّ القرآن الكريم في أكثر من آية أن الذين يدخلون الجنة ستصحبهم الأجساد أيضا ولن تدخلها الروح وحدها. إذًا، فالآية: {وَادْخُلِي جَنَّتِي} نصٌّ صريح على أن كل من يدخل الجنة من الصالحين يُعطى جسدا حتما بعد الممات.
(المصدر: ملحق كتاب البراهين الأحمدية – الجزء الخامس)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
هناك آية أخرى في القرآن الكريم مماثلة للآية التي نحن بصددها (بل رفعه الله إليه) وهي: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} فهل معناها أن يا أيتها النفس المطمئنة اصعدي إلى السماء بالجسد المادي؟
(المصدر : كتاب حقيقة الوحي)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
الإنسان المحظوظ بالنور والضياء ينال عزة من الدرجة العليا، فقد قال الله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}. بعض الناس يطمئنون ويقتنعون ظاهريا بسبب الحكومة، ويكون أموال البعض وجاههم مدعاة لسكينتهم وإشباعهم، وبعضهم يُعَدّون مطمئنين ظاهريا نظرا إلى جمالهم وذكاء أولادهم وأحفادهم، ولكن هذه اللذة وأنواع اللذات الدنيوية الأخرى لا تهب الإنسان طمأنينة وسكينة صادقة، بل تخلق فيه طمعا خبيثا وتُزكي لظى الحرص والعطش أكثر من ذي قبل. وغليلهم لا يكاد يخمد مثل المصاب بمرض الاستسقاء حتى يهلكهم. ولكن الله تعالى يقول هنا: يا أيتها النفس التي نالت الطمأنينة مع الله تعالى ، والبلوغ إلى هذه الدرجة ممكن للعبد. عندها تكمن سعادته في الله تعالى وحده على الرغم من حيازته المال والثروة والجاه والشوكة الدنيوية. الذهب والجواهر الدنيوية لا تكون سببا لسعادته الحقيقية. فما لم يجد الإنسان سعادته وطمأنينته في الله تعالى وحده لا ينال النجاة لأن النجاة مرادفة للطمأنينة. لقد رأيت بعض الناس وقرأت سوانح الكثيرين الذين كانوا يملكون في الدنيا أموالا وثروة وملذات الدنيا الزائفة وكل نوع من النعم مثل الأولاد والأحفاد ولكن عندما أوشكوا على الموت وعلموا أنهم على وشك مغادرة هذه الدنيا والانفصال عن هذه الأشياء والرحيل إلى عالَم ثانٍ اضطرمت فيهم نار الحسرات والأماني الزائفة وبدأوا يتأوهون تأوهات أليمة. فهذا أيضا نوع من الجحيم التي لا يمكن أن تهب قلبَ الإنسان استقرارا وسعادة بل تُسقطه في هوة القلق والاضطراب. لذا يجب ألا يغيب عن بال أحبائي أن الإنسان في كثير من الأحيان ينهمك في حب الأهل والعيال والأموال غير المبرر ويرتكب نتيجة حماس ذلك الحب ونشوته أعمالا غير مسموح بها تقيم بينه وبين الله حجابا وتُعِدّ له جحيما نوعا ما دون أن يدرك.
فيُفصَل عن كل تلك الأشياء بغتة دون أن يعلم ساعة الفصل. عندها يواجه كربا شديدا ويتعرض لألم وحزن أليم على الانفصال. هذه المسألة ليست منقولة فقط بل تحمل صبغة معقولة إذ يقول الله تعالى: {نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ}. فهذا هو حب غير الله الذي يحرق قلب الإنسان ويجعله رمادا ويُدخله في عذاب وألم محيّر. أقول مرة أخرى بأنه صحيح ويقيني تماما أن الإنسان لا ينال النجاة دون النفس المطمئنة.
كما قلت من قبل بأن الإنسان في حالة النفس الأمارة يكون عبدا للشيطان، أما في حالة اللوامة يكون في صراع ومجاهدة مع الشيطان فيغلب على الشيطان أحيانا ويغلبه الشيطانُ أحيانا أخرى. وأما حالة المطمئة فهي حالة الأمن والراحة فيجلس المرء هادئا. فيتبين من: “يا أيتها النفس المطمئنة” الواردة في هذه الآية كم تتسم الحالة الأخيرة بالراحة. فمن الواضح أن الإنسان يسمع صوت الله تعالى في حالة الاحتضار أي: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}. لأن للقرآن الكريم ظهرا وبطنا لذا المراد من ذلك من حيث البطن هو: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ}. أي قد صارت حالك الطبيعية أنك وصلت مرتبة الطمأنينة والسكينة بحيث لم يعد بينك وبين الله بُعد. في حالة اللوامة يواجه المرء المعاناة ولكن تشبه حالة النفس المطمئنة كماء يسقط من الأعلى، كذلك يجري حب الله تعالى مجرى دم الإنسان فيحيا في حب الله وحده ويحترق حب غير الله الذي كان يحرقه وينشئ له جهنم ويُملأ محله ضياء ونور. فيصبح رضا الله رضاه ومشيئة الله مشيئته. يغدو حب الله في هذه الحالة بمنزلة روحه. كما أن مستلزمات الحياة ضرورية للحياة كذلك حياته بحاجة إلى الله تعالى وحده دون غيره. معنى ذلك بكلمات أخرى أن الله تعالى يصبح جلَّ راحته وكل سعادته. من علامات النفس المطمئنة أنها تأخذ دون تحريض خارجي صورة بحيث لا يستطيع صاحبها العيش بدون الله. هذا هو الهدف الحقيقي لحياة الإنسان وهكذا يجب أن يكون.
الناس العاطلون يوجِدون لأنفسهم مشاغل مختلفة بما فيها الصيد أو الشطرنج أو لعبة البطاقات وغيرها ولكن النفس المطمئنة عندما تبتعد عن الأشغال غير المسموح بها والآنيّة والتي تؤدي في معظم الأحيان إلى الآلام والكروب فأنى له أن يذكر ذلك العالم الذي انقطع وابتعد عنه لأنه لا يحب إلا الله؟ لا يغيبن عن البال أيضا أن الحب قسمان، القسم الأول هو الحب الذاتي والقسم الثاني هو الحب النابع عن الأطماع أو قولوا إن شئتم بأن السبب وراءه هو بعض الدوافع الآنية فيفتر ذلك الحب فور زوال تلك الدوافع ويتسبب في الألم والحزن لصاحبه، غير أن الحب الذاتي يخلق السعادة. ما دام الإنسان مفطورا ليكون لله تعالى، كما قال – عز وجل -: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}. فقد أودع اللهُ فطرةَ الإنسان شيئا لنفسه هو – سبحانه وتعالى – وخلَقه لنفسه هو – سبحانه وتعالى – بأسباب خفية جدًّا. فعندما يبتعد المرء من أنواع الحب الكاذب والزائف والمؤقت والمنتهي إلى الحزن يصبح لله وحده ولا يبعد عنه، فيفر إلى الله تعالى بطبيعة الحال. ففي الآية: {يا أيتها النفس المطئنة} إشارة إلى الأمر نفسه. المراد من نداء الله أن الحجاب الحائل قد رُفع ولم يعد هناك أيّ بُعد. الغاية القصوى للمتقي تتحقق عندما ينال الطمأنينة والراحة. وفي آية أخرى سمى الله تعالى هذه الطمأنينة فلاحا واستقامة أيضا. وفي الآية: “اهدنا الصراط المستقيم” إشارة لطيفة إلى الاستقامة أو الطمأنينة نفسها كما تُوحي كلمة “المستقيم” نفسها.
(المصدر : تقرير خطاب الجلسة السنوية عام1897م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
إذا كان الهدف من صعود المسيح إلى السماء أن يجتنب اللعنة فلا بد أن يسبقه الموت لأن مفهوم هذا الرفع هو قرب الله تعالى ويُنال بعد الموت، لذلك قيل: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} وقد ذكر الله تعالى الرفع نفسه في: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}، كما يُفهم من: {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ}.
(المصدر : جريدة الحكم، بتاريخ 31-8-1902م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد عن معنى قوله تعالى “فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي” :
أدخُلي جنتي فورا. والمعلوم أن جنة المؤمن هي الله نفسه، بمعنى أنه إذا دخل عباد الله -مع أن الله تعالى موجود فيهم أصلا – وانضم هذا الشخص إلى عباده فأين بقي السجن في هذه الحالة؟ تكون هناك مرحلة حين يواجه المرء معاناة كما أنه عندما يحفر المرء بئرا يقصد من ذلك أن يتدفق الماء. والحصول على النفس المطمئنة بمنزلة الوصول إلى الماء، فإذا تدفق الماء فلا حاجة للحفر بعد ذلك.
(المصدر : جريدة البدر، بتاريخ 12-12-1902م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
يجب أن يكون الهدف الحقيقي أن يحظى الإنسان بالنفس المطمئنة. النفس ثلاثة أنواع. الأمارة واللوامة والمطمئنة. الجزء الأكبر من العالم واقع تحت النفس الأمارة، والبعض الذين عليهم فضل الله تعالى هم تحت النفس اللوامة فلهم نصيب من السعادة. والأشقى هو ذلك الذي لا يشعر بالسوء أي أنهم تحت النفس الأمارة. والأسعد والأفلح هو الذي حاز على النفس المطمئنة. لقد قال الله تعالى للنفس المطمئنة حصرا: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}. وفي هذه المرحلة تنتهي المعركة مع الشيطان. لقد عدّ الله تعالى النفس المطمئنة وحدها جديرة بالخطاب، ويتبين من هذه الآية أن الإنسان في حالة النفس المطمئنة يصبح جديرا بمكالمة الله. ليس معنى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} أن يموت الإنسان فقط بل المراد من ذلك أن البُعد من الله الذي في حال النفس الأمارة واللوامة تزول في حال النفس المطمئنة ولا يبقى أيّ بُعد أو غبار ويتناهى إليه صوت من الغيب قائلا: {رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}، وهذا أعلى مقام الرضا.
ثم يقول الله تعالى: {ادخلي في عبادي}. إن عباد الله يعيشون في الدنيا ولكن الدنيا لا تعرفهم. الدنيا لم تصادق العباد السماويين قط، بل هي سخرت منهم دائما، لأنهم من نوع مختلف تماما، ويعيشون تحت رداء الله. باختصار، عندما يبلغ الإنسان مرحلة الطمأنينة هذه يتحول النحاس إلى ذهب بإكسير إلهي. {فادخلي جنتي} .. الجنة ليست واحدة بل: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.
(المصدر : جريدة الحكم، بتاريخ 28-2-1903م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
البشرى الكبرى هي للمؤمن أي: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} والكافر ليس معنيّا بها قط. معنى “راضية” أنه ليس لديه أية مرادات دنيوية قط لأنه إذا رحل من الدنيا على عكس مراده فهذا يعني أنه لم يرحل منها راضيا لذلك يصبح الله تعالى جلّ مراداته. وإن مصداق ذلك هو النبي – صلى الله عليه وسلم – وحده إذ قد تلقى بشارة: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} و {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}. بل الواقع أن روح المؤمن أيضا لا تُزهَق على عكس مرضاته. لقد ورد في قصة أن شخصا كان يدعو دائما أن يموت في مدينة “طوس”، وحدث ذات مرة أنه كان في مكان آخر ومرض مرضا شديدا ولم يعد أيّ أمل في حياته فأملى وصية أنه إذا مات فليُدفن في مقبرة اليهود. فبدأ يتماثل إلى الشفاء منذ تلك اللحظة حتى شفي تماما. ثم سأله الناس عن سبب الوصية على هذا النحو فقال: من علامات المؤمن أن يجاب دعاؤه لأن الله قد وعد: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} وكنت أدعو أن أموت في “طوس” ولكن حين شعرت بأني سأموت هنا شككت في كوني مؤمنا لذا أمليت هذه الوصية لكيلا أخدع المسلمين. إذًا، فإن خطاب “راضية مرضية” إنما هو للمؤمنين حصرا. إن كثيرا من أصحاب الثروات الهائلة يموتون خائبين خاسرين تماما. عندما يموت إنسان مادي تتولد في قلبه أمنية وتلك اللحظة بالذات تكون وقت الاحتضار لأن الله يريد أن يعذّبه في هذه اللحظة أيضا ويخلق أسبابا لتحسّره، ولكي يتبين الفرق بين موت الأنبياء الذين هم مصداق: “راضية مرضية” وموت أناس ماديين. عند موت شخص مادي تنشأ أسباب الحسرة عند موته مهما حاول اجتنابها. إذًا، إن الموت في حال “راضية مرضية” هي موت المقبولين فقط، فتزهق روحهم بعد زوال كل نوع من الحسرة، فكلمة “راضية” جميلة جدا. الحق أن مرادات المؤمن تكون من أجل الدين فقط. فيكون هدفه الوحيد هو أن ينتصر الله ودينه.
إن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان إنسانا عظيما فحظي بهذا الموت.
(المصدر : جريدة البدر، بتاريخ 31-7-1903م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
الحالة الثالثة هي حالة النفس المطمئنة التي تنتهي فيها المعارك كلها، وينال المرء فتحا كاملا لذلك سمِّيت “النفس المطمئنة”. عندها يؤمن المرء بالله إيمانا صادقا ويوقن بأنه تعالى موجود حقا. الحد الأقصى للنفس المطمئنة هو الإيمان بالله تعالى لأن المرء ينال الطمأنينة الكاملة عند الإيمان الكامل بالله فقط. اعلموا يقينا أن أصل كل حسنة وبِرٍّ هو الإيمان بالله. كلما كان الإيمان بالله ضعيفا تطرق الضعف والكسل إلى الأعمال الصالحة ولكن إذا كان الإيمان قويا وأيقن المرء بالله تعالى بكافة صفاته الكاملة نشأ التغيّر الغريب في أعمال الإنسان. المؤمن بالله لا يقدر على الذنب لأن الإيمان يبتر القوى النفسانية وجوارح الذنب عنده. فمثلا لو أُخرجت عينا أحد أنّى له أن يسيء النظر بهما أو يرتكب بهما ذنبا؟ كذلك إذا بُترت يداه أو أعضاؤه الشهوانية لما استطاع أن يرتكب الذنوب بتلك الأعضاء. فعلى غرار ذلك تماما، عندما يكون المرء في حالة النفس المطمئنة تُعميه النفس المطمئنة فلا تبقى في عينيه قوة الذنب، هو ينظر ولكنه لا يبصر لأن بصارة ذنب العيون تُسلب منه. يملك أذنين ولكنه يصبح صمّا فلا يسمع كلاما يؤدي إلى الذنب. كذلك تُستأصَل قواه النفسانية والشهوانية وأعضاؤه الداخلية كلها ويطرأ الموت على جميع أعضائه التي كان من شأنها أن يصدر منها الذنب فيصبح كالميت تماما ويطاوع مرضاة الله فقط ولا يقدر أن يخطو بدونه خطوة واحدة. هذه الحالة تنشأ حين يكون الإيمان بالله صادقا وتكون نتيجتها أنه يهب طمأنينة كاملة. هذا هو المقام الذي يجب أن يكون مقصودَ الإنسان الحقيقيَّ، وإن جماعتنا بحاجة إليه. وللحيازة على الطمأننية الكاملة هناك حاجة للإيمان الكامل. فأول ما يتوجب على أفراد جماعتنا هو أن يحوزوا إيمانا صادقا بالله تعالى.(المصدر : جريدة الحكم، بتاريخ 10-1-1904م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
من تأثيرات النفس المطمئنة أن أصحابها ينالون الطمأنينة في صحبة المطمئنين، وفي صاحب النفس الأمارة توجَد تأثيراتها. أما الذي يجالس صاحب النفس المطمئنة تظهر عليه أيضا أمارات الطمأنينة والسكينة ويحظى بالسلوان الباطني. النعمة الأولى التي يُعطاها صاحب النفس المطمئنة هي أنه يطمئن بالله تعالى كما قال تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}. ففي قوله تعالى: “راضية مرضية” نقطة معرفة دقيقة. الحق أنه ما لم يبلغ الإنسان هذه المرحلة يكون في حالة النفس اللوامة وفي حالة صراع مع الله نوعا ما، أي يرتكب أحيانا المعصية بتحريض من النفس. ولكن عندما يبلغ مرحلة المطمئنة ينتهي هذا العراك ويتم الصلح مع الله. عندها يرضى بالله تعالى ويرضى اللهُ به لأن الصراع يكون قد انتهى تماما.
لا بد من التذكّر جيدا أن كل شخص يكون في معركة مع الله. يحدث أحيانا أنه يدعو الله تعالى ويعقد كثيرا من الأماني والآمال ولكن لا تجاب أدعيته أو يظهر أمر على عكس مبتغاه فيبدأ بالعراك مع الله في قلبه، ويسيء به الظن ويسخط عليه – سبحانه وتعالى -. ولكن الصالحين وعباد الرحمن لا يحاربون الله أبدا لأنهم يحتلون مقام الرضاء بالقضاء. والحق أن الإيمان الحقيقي لا يتولد ما لم يحتل الإنسان درجة أن تصبح مرضاة الله هي مرضاته ولا يشعر في قلبه بكدورة أو ضيق بل يكون جاهزا على الامتثال لكل قدر وقضاء. إن كلمة “راضية مرضية” الواردة في هذه الآية تشير إلى هذا الأمر. هذا هو المقام الأعلى للرضاء حين لا يبقى أي ابتلاء، أما في المقامات الأخرى فيبقى خطر الابتلاء قائما. ولكن إذا رضي المرء برضا الله تماما ولم تبقَ له أدنى شكوى عندها يتنشط الحب الذاتي. وما لم ينشأ الحب الذاتي كان الإيمان في خطر كبير. ولكن عندما ينشأ الحب الذاتي يأمن الإنسان من صولات الشيطان. فيجب أن يحوز الإنسان هذا الحب الذاتي بالدعاء. وما لم ينشأ كان الإنسان تحت النفس الأمارة وأسيرا في قبضتها. والذين يعيشون تحت النفس الأمارة يقولون بأن هذا العالم حلوٌ ولذيذ، ولا يفقهون شيئا عن العالم المقبل؟ إن هؤلاء الناس في حالة خطيرة جدا. أما أصحاب النفس اللوامة فيكونون أولياء في لحظة أو شياطين في لحظة أخرى ولا يستقرون في مقام واحد لأنهم يكونون في حرب مع النفس، فيغلبونها تارة وتغلبهم تارة أخرى. ولكنهم في محل المدح لأن الحسنات أيضا تصدر منهم وتكنّ قلوبهم خشيةَ الله أيضا. أما أصحاب النفس المطمئنة فهم مفلحون ويخرجون من مقامات المخاوف والأخطار كلها ويصلون إلى المأمن، فهم في دار الأمان التي لا يصلها الشيطان. أما النفس اللوامة فتكون في شرفة دار الأمان حيث يهاجم الشيطان بين حين وآخر ويضرب بالعصا أحيانا.
لذلك قال الله تعالى لصاحب النفس المطمئنة: {فَادْخُلِي في عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتي}. هذا الصوت يأتي حين يبلّغ المرء تقواه إلى منتهاها. للتقوى درجتان: اجتناب السيئات والنشاط في كسب الحسنات. الدرجة الثانية هي درجة المحسنين، ولا يرضى الله تعالى إلا بنيل هذه الدرجة التي لا تُنال قط إلا بفضل الله تعالى.
عندما يجتنب الإنسان السيئة ويضطرب قلبه لكسب الحسنات يدعو الله تعالى فيأخذه – سبحانه وتعالى – بيد فضله ويوصله إلى دار الأمان ويأتيه صوت: “فادخلي في عبادي”. أي قد انتهى صراعك وتم الصلح والوئام بيني وبينك فتعالَ الآن وادخل في عبادي الذين هم مصداق: “صراط الذين أنعمتَ عليهم” وينالون نصيبا من الوراثة الروحانية، وادخل في جنتي.
هذه الآية، كما يفهم منها الناس عادة، لا تتوقف على الآخرة بل يأتي هذا الصوت في هذه الدنيا وفي هذه الحياة. إن لأهل السلوك مراتب وهذا المقام هو النقطة النهائية لسلوكهم وهذا المقام نفسه هو مقام النفس المطمئنة. إن الله تعالى يرفع المصاعب من أهل السلوك ويُدخلهم في الصالحين.
(المصدر : جريدة الحكم، بتاريخ 17-1-1904م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
الثالثة هي النفس المطمئنة التي تغلب في هذه المعركة وتنتصر على النفس والشيطان. فهي تسمى النفس المطمئنة لأنها حائزة على الطمأنينة، وتتمكن من جميع قوى الإنسان وتصدر منه أعماله الحسنة تلقائيا.
(المصدر : جريدة البدر، بتاريخ 16-1-1904م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
في حالة النفس المطمئنة لا تبقى أية سلسلة بل تزول كلها وذلك الزمن يمثل الرجوع الخالص إلى الله تعالى. إن عباد الله الكمَّل هم الذين يتخلون عن الدنيا مع النفس المطمئنة، ولا يدرون قط هل يدخلون الجنة أو الجحيم ما لم يفوزوا بالنفس المطمئنة.
(المصدر : جريدة البدر، بتاريخ 8-9-1904م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
النفس المطمئنة هي التي تتصالح كليا مع الله، وهذا هو الحد الأقصى لترقيات الإنسان، وفي هذه المرحلة تكون مرضاة الله مرضاته، وتكون مشيئته كمشيئة الله تماما.
(المصدر : جريدة البدر، بتاريخ 25-6-1908م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
النفس على ثلاثة أقسام، أو قولوا إن شئتم بأنها تتحول إلى حالات ثلاث، ففي الطفولة تكون نفسا زكية أي بسيطة جدا. وبعد اجتياز هذه المرحلة من العمر تطرأ عليها ثلاث حالات. الحالة الأولى تسمى النفس الأمارة، وفي هذه الحالة تهيج قوى الإنسان كلُّها ومَثلها كمثل فيضان يحدث في البحر وكادت أن تغرق النفس. إن ثورة النفس هذه تجر المرء إلى أنواع من عدم الاعتدال. ثم تطرأ عليها حالة أخرى تسمى النفس اللوامة لأنها تلوم على ارتكاب السيئة. وهذه الحالة لا تسمح أن يصير المرء صيدا لعدم الاعتدال والثورة كما كان في حالة النفس الأمارة بل تلومه النفس اللوامة على السيئات. صحيح أن الإنسان لا يكون بريئا تماما من الذنوب في حالة النفس اللوامة ولكن مما لا شك فيه أيضا أن في هذه الحالة تندلع الحرب بين الإنسان والشيطان، فيغلب الشيطان تارة ويغلب الإنسانُ الشيطانَ تارة أخرى. أما النفس اللوامة فتستحق رحمة الله لأنها تحارب نفسها ضد السيئات دائما. وفي العراك والقتال الأخير يرحمه الله تعالى ويوهب حالة النفس التي تسمى المطمئنة، أي في هذه الحالة ينتصر الإنسان في الحرب ضد الشيطان والنفس ويدخل قلعة الإنسانية والحسنة ويطمئن بعد فتح هذه القلعة. عندئذ يرضى الإنسان بالله واللهُ يرضى به لأنه ينهمك ويفنى في عبادة الله وطاعته كليا ويتصالح ويرضى تماما بمقادير الله تعالى. فيقول الله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي في عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتي} … يتبين من هذه الآية أن الرجوع الحقيقي يتحقق عندما يطابق رضا الإنسان رضا الله تعالى.
في هذه الحالة يفوز الإنسان بمرتبة الأولياء والأبدال والمقربين. وفي هذا المقام يحظى بمكالمة الله ويوحَى إليه. ولأنه يكون مصونا من كل نوع من الظلمة وشر الشيطان ويعيش في رضا الله تعالى كل حين وآن فيحظى بجنة وسعادة أبدية. إن الهدف الأسمى والغاية العليا لوجود الإنسان هو نيل هذا المقام، وهذا هو الهدف الذي أودع الله كلمةَ “الإسلام” لأن المراد الحقيقي من الإسلام هو أن يجعل الإنسان مشيئته تابعة لمشيئة الله. ولكن الحق أن المرء لا يحوز هذا المقام بقوته هو، ولكن مما لا شك فيه أن من واجب الإنسان أن يقوم بالمجاهدات ولكن الوسيلة الحقة والصادقة للحصول عليه هو الدعاء. الإنسان ضعيف فلا يستطيع أن يجتاز هذه المرحلة الصعبة ما لم يجد القوة والتأييد بالدعاء.
(المصدر : جريدة الحكم، بتاريخ 24-9-1904م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
القسم الثالث للنفس هو النفس المطمئنة كما يقول الله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي في عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتي}. فهذه الحالة تتحقق حين يفوز الإنسان بالطمأنينة الكاملة بالله تعالى ولا يبقى عنده أدنى اضطراب ويُنشئ مع الله تعالى ارتباطا وثيقا بحيث لا يستطيع العيش بدونه. أما النفس اللوامة فتكون في خطر كبير لئلا تعود إلى الوراء فتتحول إلى النفس الأمارة ثانية. ولكن مرتبة النفس المطمئنة هي التي ينجو فيها من كل أنواع الضعف ويُشحن بالقوى الروحانية.
فباختصار، لا بد من الانتباه إلى أنه ما لم يبلغ الإنسان هذا المبلغ يكون في خطر، لذا عليه أن يستمر في المجاهدات والممارسة ما لم ينل هذه المرتبة.
(المصدر : جريدة الحكم، بتاريخ 14-1-1908م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
وإنّا لا نقول أن أهل الجنّة بعد انتقالهم إلى دار الآخرة يُحبَسون في مكان بعيد من الجنة إلى يوم القيامة، ولا يدخل الجنة قبل القيامة إلا الشهداء، كلاّ بل الأنبياء عندنا أول الداخلين. أيظن المؤمن الذي يُحب الله ورسوله أن النبيين والصدّيقين يُبعَدون عن الجنة إلى يوم البعث ولا يجدون منها رائحة، وأما الشهداء فيدخلونها من غير مكثٍ خالدين؟
فاعلم يا أخي أن هذه العقيدة رديئة فاسدة، ومملوءة من سوء الأدب. أما قرأت ما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إن الجنة تحت قبري؟ وقال إن قبر المؤمن روضة من روضات الجنة، وقال – عز وجل – في كتابه المحكم: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي في عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتي}.
(المصدر : كتاب حمامة البشرى)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
الآية {فَادْخُلِي في عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتي} أيضا تقتضي الأجسام ، الحق والصحيح تماما أن الأجسام تُهيأ حتما ولكن هذه الأجسام المادية تبقى هنا ولا تصعد إلى الأعلى.
(المصدر : جريدة الحكم، بتاريخ 10-10-1905م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي في عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتي} يتضح من هاتين الآيتين جامعتي البركات أن العبودية دائمة ولازمة لروح الإنسان ولأجلها خُلق الإنسان. بل قيل في الآية الثانية إن الذي يبلغ سعادته الكاملة وينال جميع كمالاته الفطرية ويبلّغ مواهبه إلى منتهاها يُعطى لقب العبودية في المرحلة الأخيرة ويُدعى بلقب بـ: {فَادْخُلِي في عِبَادِي}. فانظروا كيف يَثبُت من هذه الآية بالصراحة التامة أن كمال مطلوب الإنسان هو العبودية، وتنتهي مرتبة السالك النهائية عند العبودية، ولو كانت العبودية ثوبا مؤقتا للإنسان وكانت الألوهية حقيقته لدُعي باسم الألوهية بعدما اجتاز جميع مراتب السلوك، ولكن يظهر بصراحة من كلمة: {فَادْخُلِي في عِبَادِي} أن العبودية تلازمه إلى أبد الآباد كدوامها هي في هذا العالم. وهذه الآية تعلن بصوت عال أن الإنسان مهما حصل على مراتب الكمال لا يخرج من عبوديته بأي حال. ومن الواضح أن الحالة التي لا يخرج منها الشيء بأي حال تكون تلك الحالة حقيقته وماهيته. ويَثبُت من القرآن الشريف جليًّا أن العبودية تلازم الإنسان دائما ولا تنفصل عنه سواء كان نبيا أو رسولاً أو صدّيقًا أو شهيدًا، وسواء في هذا العالم أو في العالم الثاني. وقد عدّ أفضل الأنبياء وسيدهم أيضا كونه “عبده ورسوله” فخرًا له. فثبت من ذلك أيضًا أن عبودية الإنسان هي حقيقته وماهيته وليست الألوهية. وإذا ادّعى أحد الألوهية فليقدم آية أخرى تقول “فادخلي في ذاتي” مقابل آية: {فَادْخُلِي في عِبَادِي}؟ القرآن الشريف بنفسه يبين في آيات عديدة أن غاية نزوله هي إقامة الناس على العبودية. وقد لعن الله في كتابه العزيز أولئك الذين اتخذوا المسيح وبعض الأنبياء الآخرين آلهة.
(المصدر : مكتوبات أحمد، رسالة الى مير عباس علي)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
إن الناس الروحانيين يعرفون جيدا أن القرب المادي بعد الممات لا يعني شيئا. بل كل من يحظى بقرب روحاني مع النبي – صلى الله عليه وسلم – تُقرَّب روحُه إلى روحه كما يقول الله تعالى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}.
(المصدر : كتاب حقيقة الوحي)