قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
لقد بيّن الله تعالى علوَّ شأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومرتبته العظيمة بإنزال سورة في القرآن الكريم ألا وهي: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}. لقد نزلت هذه السورة حين كان سيد الكونين – صلى الله عليه وسلم – يواجه مصائب ومعاناة شديدة، فطمأنه الله تعالى في تلك الحالة وقال أنا مؤيدك وناصرك. وفي ذلك نبوءة عظيمة إذ قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} أي ردَّ – سبحانه وتعالى – مكرهم في نحورهم وأرسل عليهم طيورا صغيرة لتهلكهم، لم تحمل تلك الطيور بنادق بل طينا فقط لأن “السجيل” يُطلق على الطين. ففي هذه السورة عدّ الله تعالى رسوله – صلى الله عليه وسلم – الكعبةَ وأنبأ بنجاحه وتأييده ونصرته بتقديمه حادث أصحاب الفيل. أي الذين يسعون ويخططون لإفشال مهمته وأعماله يردّ الله تعالى تخطيطهم ومساعيهم في نحورهم ليدمِّرهم، دون اللجوء إلى أسباب كبيرة. فكما دَمّرت العصافيرُ أصحابَ الفيل كذلك تعمل هذه النبوءة عملها إلى يوم القيامة، بمعنى أنه كلما يطلُّ أصحاب الفيل برؤوسهم يدّبر الله تعالى لتدميرهم وإفشال مساعيهم.
هذا هو مبدأ القساوسة أيضا وكأن الإسلام بمنزلة حجر/صخرة على صدورهم أما بقية الأديان فهي كالخناثى عندهم. الهندوس أيضا يتنصّرون ثم يؤلفون كتبا ضد الإسلام فقط، إذ قد أخرج المدعو “رام شندر” و”تهاكر داس” كل ما كان في جعبتهما في تأليف الكتب ضد الإسلام. والواقع أن ضميرهم ينادي أن الإسلام وحده يمثّل هلاكهم، ولا شك أن المرء يخاف طبعا ما يسبب هلاكه. فمثلا الفراخ تبدأ بالصراخ والعويل بمجرد رؤية القط، كذلك ما يبذل أتباع الأديان المختلفة عموما والقساوسة خاصة من المساعي ضد الإسلام سببها عائد إلى أنهم موقنون بل يخبرهم حدسهم أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي سيسحق الأديان الباطلة كلها.
لقد شُن الهجوم الآن مثل أصحاب الفيل. توجد في المسلمين نقاط ضعف كثيرة، والإسلام غريب وأصحاب الفيل أقوياء، ولكن الله تعالى يريد أن يُري من جديد النموذج نفسه، وسيستخدم العصافير لإنجاز المهمة نفسها مرة أخرى. ما حقيقة جماعتنا مقابلهم؟ فهي شيء لا يُذكر قط أمام وحدتهم وقوتهم وثروتهم ولكن أمامنا حادث أصحاب الفيل ونرى كيف أنزل الله تعالى آيات للاطمئنان.
لقد تلقيت أنا أيضا الوحي نفسه الذي يتبين منه بكل صراحة أن نصرة الله تعالى وتأييده سيعمل عمله، ولكن لا يوقن به إلا الذين يحبون القرآن الكريم، والذي لا يحب القرآن أنّى له أن يأبه بهذه الأمور؟
(المصدر : جريدة الحكم، بتاريخ 17-7-1901م)
قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
“أَلَمْ تَرَ” يعني أي سوف ترى حتما ماذا ستكون عاقبة أصحاب الفيل الذين يشنّون عليك كل يوم هجمات شديدة، ويريدون أن يمحوا آثارك كما همّ أصحاب الفيل ليدمّروا الكعبة، أي ستكون عاقبتهم مثل عاقبة أصحاب الفيل.
(المصدر: تبليغ الرسالة، مجموعة الإعلانات)
ذكر أحد الإخوة صعوبات لا تطاق بمناسبة الحج وقال بأن الحجيج واجهوا هذا العام من المشاكل حتى ظُنّ أن الحج سيوقَف نهائيا. كان الطريق غير آمن بكل معنى الكلمة ولم يهتم الطماعون والمغرضون من العاملين بمئات الناس لتحقيق مآربهم الشخصية.
فقال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد :
أنصحكم بأنه إذا حدث مثل ذلك فيجب ألا تُضعف هذه الأمور التي تتسبب في المعاناة إيمانكم قط، إنه ابتلاء من الله فيجب ألا يؤثر سلبا في المعتقدات الطيبة، ويجب ألا تقلّ في القلوب عظمة ذلك المقام المقدس بناء على أمور كهذه لأنه قد مضى زمن أسوأ منه أيضا حين كان هذا المقام المقدس تحت سيطرة المشركين الأنجاس فحوّلوه إلى دار الأصنام، بل الحق أن المصائب والمشاكل الراهنة تبشر بزمن سعيد وحياة سعيدة في المستقبل. انظروا كيف تدهورت حالة العصر قبل بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم -، وتفاقم الكفر والشرك والفساد والنجاسة، فبعد هذا الظلام ظهر في العالم نور، كذلك يجب أن نأمل بأن الله تعالى سوف يحسّن الأوضاع بعد المصاعب الراهنة أيضا، وسينشئ أسبابا للإصلاح. بل قد مرّ على هذا المقام المبارك والمقدس زمان أخطر وأسوأ أيضا لفت الله تعالى إليه أنظار النبيّ – صلى الله عليه وسلم – فقال: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ … }.
إذًا، الأحداث الراهنة قد حدثت للمرة الثالثة وسيتوجه الله تعالى إليها أيضا حتما، وسيكون توجُّه الله تعالى ناجما عن غضبه.
(المصدر : جريدة الحكم، بتاريخ 22-4-1908م)