Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

يرجى الاشتراك في الموقع ليصلكم جديد الموقع

يرجى الاشتراك في الموقع ليصلكم جديد الموقع

الموقع الرسمي للإمام المهدي ( المسيح الموعود )
ميرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام

الموقع الرسمي للإمام المهدي ( المسيح الموعود )
ميرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام

معاني سورة التكاثر

قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد   :

 

أي أن كثرة الأهواء المادية والرغبات الدنيوية قد شغلتكم عن ابتغاء الحياة الآخرة، حتى وقعتم في القبور. فإياكم وحُب الدنيا، فسوف تعلمون أنه لا خير في حب الدنيا. وأؤكد لكم أن لا خير في حبها. ولو أنكم علمتم علمَ اليقين لرأيتم الجحيمَ في هذه الدنيا نفسها. ثم إنكم سوف ترونها رؤية اليقين في عالم البرزخ. ثم إنكم يوم حشْر الأجساد تعلمونها حق اليقين . لا بالمشاهدة فقط، بل بالحال الواقع، إذ تؤاخَذون بشدة، ويغشاكم العذاب كاملا.
لقد ذكر الله تعالى في هذه الآيات صراحة أن الحياة الجهنمية موجودة للفجار في هذا العالم نفسه وجودا خفيا، ولو أنهم فكروا لأبصروا جحيمهم ههنا.
وقد قسم الله العلمَ هنا ثلاث درجات: علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين. ولكي يفهم عامة الناس هذه المراتب العلمية .. أضرب ثلاثة أمثلة: إذا رأى الإنسان دخانا كثيفا عن بُعد، وانتقل ذهنه من الدخان المتصاعد إلى النار المشتعلة، واستيقن وجودها هنالك قِياسا على ما يوجد بين الدخان والنار من ترابط تام غير منفَك، إذ لا بد أن تكون النار حيث يوجد الدخان . ويسمّى هذا العلم علمَ اليقين. ثم إذا رأى لهبَ النار سُمي هذا العلم بالرؤية عينَ اليقين. وإذا دخل بنفسه في النار كان علمه هذا حق اليقين.
فالله تعالى يقول هنا: إنه فيما يتعلق بالجحيم فإن الإنسان يستطيع أن يعلمها علمَ اليقين وهو في هذه الدنيا، ثم إنه سيعلمها عينَ اليقين في عالم البرزخ، ثم يصل نفسُ هذا العلم إلى درجة كاملة هي حق اليقين في عالم حشر الأجساد. 

 

(…….)

ثم تابع حضرته   فقال :

 

اعلموا أن مدارج العلم بحسب القرآن الكريم ثلاثة كما ذكرناها فيما سبق عند تفسير سورة التكاثر، وهي: علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين. وقد قلنا هنالك أن علم اليقين هو معرفة شيء بواسطة شيء آخر لا مباشرة. كما نستدل بالدخان المتصاعد على وجود النار. لم نر النار ولكننا رأينا الدخان ومن ثم عرفنا باليقين أن هناك نارًا. وهذه الدرجة من المعرفة تُسمى علمَ اليقين. أما إذا رأينا النار نفسها. فهذه الدرجة تسمى عين اليقين حسب مصطلح القرآن الحكيم. ثم إذا اصطلينا بالنار صار علمُنا هذا في مرتبة حق اليقين وفقًا للتعبير القرآني. 

 

(المصدر : كتاب فلسفة تعاليم الاسلام)

قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد   :


أي؛ أيها الغافلون عن الله، إن طمعكم في الدنيا قد أغفلكم حتى وصلتم إلى القبور، ومع ذلك لا تكادون تستفيقون من غفلتكم. وهذا خطأ منكم، ولكنكم سوف تعرفون ذلك عما قريب. وأكرر وأقول بأنكم ستعرفون ذلك قريبا. ولو علمتموه يقينًا لرأيتم بعد التدبر المبني على العلم جهنمَكم، ولعرفتم أن حياتكم هي حياة جهنمية. ولو تقدمتم في المعرفة أكثر؛ لرأيتم بعين اليقين الكامل أن حياتكم حياة جهنمية. والوقت قريب حين تُلقَون في جهنم، وتُسألون عن كل تصرف شائن وغير معتدل. أي ستصلون إلى حق اليقين بعد أن يَبطِش بكم العذاب.
ففي هذه الآيات إشارة إلى أن اليقين ثلاثة أنواع:
أولا: الذي يأتي بالعلم والقياس فقط، كأنْ يرى أحد دخانا من بعيد ويظن -مستخدما العقل والقياس- أنه لا بد من وجود النار هناك.
ثانيا: والنوع الثاني من اليقين أن يرى المرء النارَ بأم عينه.
ثالثا: والنوع الثالث لليقين أن يُدخل يده في النار ويجرّب قوة حرقها بنفسه.

فهذه هي الأنواع الثلاثة لليقين، أي: علم اليقين، عين اليقين، حق اليقين. لقد بيّن الله تعالى في هذه الآيات أن راحة الإنسان كلها تكمن في قربه من الله تعالى وحبه له – عز وجل -. وإذا قطع علاقته بالله – سبحانه وتعالى – ومال إلى الدنيا فتلك حياة جهنمية. وكل واحد يطَّلع على هذه الحياة الجهنمية في نهاية المطاف، وإن كان ذلك عندما يوشكُ على الموت تاركا المال والمتاع وعلاقات الدنيا كلها. 

 

(المصدر: كتاب محاضرة لاهور)

قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد   :

 

{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} . ولكنكم مع ذلك لا ترتدعون عن الغفلة. {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} أي ستُدركون خطأكم قريبا، ونخبركم مرة أخرى أنكم ستعرفون قريبا أن الرغبات التي تتبعونها لن تفيدكم شيئا بل ستكون حسرة عليكم. {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ} أي لو علمتم يقينا لرأيتم جهنمكم بالتفكير بعلمكم، ولعلمتم أن حياتكم كلها جهنمية والأفكار التي تتبعونها هي زائفة ودون جدوى على الإطلاق.

 

(المصدر : جريدة البدر، بتاريخ 20-1-1908م)

قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد   :


لقد قدّر الله تعالى سلفا أن ينال المتقي والذي يعيش بحسب مشيئة الله تعالى المراتب التي ينالها الأنبياء والأصفياء. يتبين من ذلك أيضا أن الإنسان قد أُعطي مراتب كثيرة والتي ستنمو بدورها وترتقي كثيرا، ولكن صحيح تماما أن الخروف مثلا ليس إنسانا لذا لا يمكن أن ترتقي قواه. الإنسان ذو الهمة العالية عندما يسمع سوانح الرسل والأنبياء يريد ألا يؤمن فقط بالإنعامات التي حظيت بها تلك الجماعة الطاهرة بل يتمنى أن ينال علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين بتلك النعم رويدا رويدا.
للعلم ثلاثة مدارج، علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين. فمثلا الإيقان بالنار بالنظر إلى الدخان المتصاعد يسمَّى علم اليقين، أما رؤية النار بالعين فهو عين اليقين، وتفوقهما درجة حق اليقين وهي إدخال اليد في النار والشعور بحرقتها واليقين بأن النار موجودة فعلا. فما أشقى الذي لا يحظى بأية درجة من هذه الدرجات الثلاث.

 

(المصدر : تقريرخطاب الجلسة السنوية عام 1897م)

قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد   :

 

العلم الذي يُعطاه الأنبياء ثلاثة أنواع: علم اليقين، عين اليقين وحق اليقين. ومثله كمثل الذي يرى النار من بعيد فيعلم أن هناك نارا لأنه يعلم أنه حيثما كانت نار كان الدخان أيضا وهما يلازمان بعضهما بعضا. هذا أيضا نوع من العلم ويسمّى علم اليقين. ثم يقترب من النار أكثر ويراها بأم عينيه، فهذا يسمَّى عين اليقين، ثم إذا أدخل يده فيها وشعر بحرارتها ولم يعد لديه شك في وجودها فالعلم الحاصل بهذه الطريقة يسمّى حق اليقين. 

 

(المصدر : جريدة البدر، بتاريخ 22-5-1903م)

قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد   :


مخطئون جدا من يريدون أن يصلوا إلى درجة حق اليقين في يوم واحد. اعلموا أن هناك ظنا وهناك يقينا، الظنُ عبارة عن الخيال فقط ولا يُحكم بصحته وصدقه بل فيه احتمال الكذب. ولكن اليقين يتسم بنور الصدق. صحيح تماما أن لليقين أيضا مدارج، منها علم اليقين وعين اليقين والثالثة هي حق اليقين، ومثالها كأنْ يرى أحد دخانا من بعيد فيستيقن بوجود النار، والمراد من علم اليقين هو أن يراها بأم عينه ويوقن بوجودها. ولكن عندما يُدخل يده فيها ويعلم أنها تحرق فهذا هو حق اليقين. 

 

(المصدر: جريدة الحكم، بتاريخ 10-12-1902م)

قال الامام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام احمد   :


العلم ثلاثة أنواع، الأول: علم اليقين كأنْ يرى الإنسان دخانا في مكان بعيد ويتأكد من وجود النار فيه بالقياس على الدخان. والثاني: عين اليقين كأنْ يرى النار بعينه. والثالث: حق اليقين كأنْ يُدخل يدَه في النار ويحس بحرارتها.

 

( …… )

ثم تابع حضرته   فقال :

 

 إن الحائزين على نصيب من الآيات السماوية على ثلاثة أنواع: أولا: أولئك الذين ليست فيهم ميزة ذاتية، ولا علاقة لهم مع الله تعالى، بل يرون -بسبب بُنية أدمغتهم على هذا المنوال- رؤى صالحة وكشوفا صادقة لا توجد فيها أمارات القبول والحب ولا تنفعهم شيئا، وإنّ ألوفا من الأشرار وسيئي التصرفات والفساق والفجار يشاركونهم في تلك الرؤى والإلهامات التي تفوح نتنًا. ويلاحَظ في كثير من الأحيان أن سلوكياتهم لا تكون محمودة رغم تلقيهم الرؤى والإلهامات، أو على الأقل تكون حالتهم الإيمانية ضعيفة جدا، حتى أنهم لا يقدرون أن يدلوا بشهادة حق ولا يخافون الله كما يخافون الدنيا. ولا يقطعون علاقتهم مع الأشرار من الناس ولا يستطيعون أن يشهدوا شهادة صادقة خشيةَ أن يسخط بسببها مَن كان مِن كبار الناس، وفيهم كسل وتهاون في الأمور الدينية إلى درجة كبيرة، وهم غارقون في هموم الدنيا ليل نهارَ، ويساندون الكذب والزور عمدا، ويتركون الحق ويرتكبون الخيانة في كل خطوة. وقد وُجدت في بعضهم عادة أسوأ من ذلك بأنهم لا يتورعون عن الفسق والفجور ويرتكبون كل عمل غير مشروع لكسب الدنيا. كما تكون الحالة الأخلاقية لبعضهم منحطة جدا ويكونون تجسيدا للحسد والبخل والعُجب والكبر والغرور، ويصدر عنهم أعمال دنيئة من كل نوع وتوجد فيهم أنواع من الخبث المخجل. والغريب في الأمر أن بعضهم لا يرون إلا رؤى سيئة وتتحقق أيضا. وكأن أدمغتهم لم تخلق إلا لرؤية الرؤى السيئة والنحسة. لا يرون رؤى فيها خير لهم تُصلح دنياهم أو ينالون مبتغاهم، ولا يرون رؤى فيها بشرى لغيرهم. ومَثَلُ رؤاهم -من الأنواع الثلاثة التي ذُكرت سابقا- كمن يشاهد دخانا من بعيد ولا يرى ضوء النار ولا يشعر بحرارتها؛ لأن أناسا مثلهم ليست لهم مع الله تعالى علاقة قط، وليس نصيبهم من الأمور الروحانية إلا الدخان الذي لا ضوء معه.

النوع الثاني من الذين يرون الرؤى أو يتلقون الإلهامات هم أولئك الذين لهم صلة مع الله تعالى إلى حد ما ولكنها ليست كاملة. فمَثَلُ رؤاهم أو إلهاماتهم -من الناحية المادية- كمن يرى ضوء النار من بعيد في ليل حالك الظلام شديد البرودة فيستفيد من الضوء بحيث لا يسلك سبيلا فيه حُفَرٌ وأشواك وحجارة وأفاعٍ ووحوش ضارية، ولكن هذا القدر من الضوء لا ينقذه من البرد والهلاك. وإذا لم يصل إلى الدفء حول النار لهلك كما يهلك السالك في الظلام.
أما النوع الثالث من أصحاب الرؤى والإلهام فيشمل الذين تكون رؤاهم وإلهاماتهم شبيهة بالمشهد المادي؛ حيث يرى ضوءَ النار كاملا في ليل حالك الظلام شديد البرودة ويمشي في ضوئها، وليس هذا فحسب، بل يدخل أيضا في محيط حرارتها ويحتمي من ضرر البرد كليا. وهذه الدرجة ينالها أولئك الذين يحرقون لباس شهوات النفس بنار حب الله تعالى ويختارون حياة المرارة من أجله. إنهم يرون الموت أمامهم ويختارونه لأنفسهم مسرعين. ويقبلون في سبيل الله كل ألم ومرارة، ويصبحون لنفوسهم كالأعداء ويسلكون مسالك معادية لها ويظهرون قوة إيمانية بحيث يتعجب بإيمانهم حتى الملائكة ويستغربون. إنهم أبطال الروحانية، وهجمات الشيطان كلها لا تساوي أمام قوتهم الروحانية شيئا. إنهم أوفياء مخلصون ورجال صادقون لا تضلهم ملذات الدنيا وإغراءاتها، ولا يصرفهم حب الأولاد أو الزوجة عن حبيبهم الحقيقي. فباختصار، لا تخيفهم مرارة الدنيا ولا تصرفهم أهواء النفس عن الله تعالى ولا تحول علاقة بينهم وبين علاقتهم مع الله.

هذه هي الدرجات الثلاث للمراتب الروحانية: أولها تسمى علم اليقين، والثانية عين اليقين والحالة الثالثة المباركة والكاملة تُسمَّى حق اليقين. ولا تكتمل معرفة الإنسان ولا تتطهر من الشوائب ما لم تصل إلى حق اليقين، لأن حالة حق اليقين لا تقتصر على المشاهدات فقط، بل تطرأ على قلب الإنسان فتصبح حاله. فيدخل الإنسانُ نار حب الله المضطرمة ويفنى وجوده النفسي كليا. وفي هذه المرحلة تتحول معرفة الإنسان من القال إلى الحال، وتحترق الحياة السفلية تماما وتصبح رمادا، فيتربع ذلك الإنسان في حضن الله. وكما أن الحديد عندما يدخل النار يصير مثلها تماما وتبدأ صفات النار بالظهور فيه، كذلك فإن الإنسان الحائز على هذه الدرجة يتصف بصفات الله بصورة ظلية، ويفنى في مرضاة الله تعالى بطبيعته كأنه يتكلم من خلاله – سبحانه وتعالى – ويبصر ويسمع من خلاله ويمشي بواسطته وكأنه ليس في حلته إلا الله – عز وجل -، وتُغلَب الأهواء البشرية تحت التجليات الإلهية. ولما كان هذا الموضوع دقيقا للغاية وليس مما يسهل فهمه على عامة الناس لذا نتركه هنا.
ويمكن أن نصور المرتبة الثالثة التي هي الأعلى والأكمل بأسلوب آخر ونقول إن مَثَلَ وحيٍ كاملٍ -وهو النوع الثالث من الأنواع الثلاثة- ينزل على شخص كامل كمثل ضوء الشمس وشعاعها الذي يقع على مرآة نقية موضوعة مقابل الشمس تماما. ومعلوم أن ضوء الشمس هو هو ولكن بسبب الاختلاف في المظاهر يُغيِّر كيفية ظهوره؛ فعندما تقع أشعة الشمس على قطعة أرض كثيفة ليس على سطحها ماء نقي بل تراب أسود قاتم وسطحها أيضا غير مستوٍ فإن الشعاع المنعكس يكون ضعيفا جدا، وخاصة إذا حالت بين الشمس والأرض غيوم. ولكن عندما يقع الشعاع نفسه الذي لا تحول دونه غيوم على ماء نقي لامع كمرآة نقية فإن قوته تظهر عشرة أضعاف الشعاع العادي حتى أن العين لا تحتمله.
كذلك حين ينزل الوحي على نفس زكية ونقيّة من كل الشوائب فإن نوره يظهر بصورة تفوق العادة، وتنعكس فيها (أي النفس) الصفات الإلهية بصورة كاملة، ويظهر وجه الله الأحد كاملا. فيتبين من هذا البحث أن ضوء الشمس عند طلوعها يقع على كل مكان طاهرا كان أم نجسا حتى إن المرحاض المليء بالبراز أيضا يناله نصيبه، إلا أن الفيض الكامل من هذا الضوء تناله المرآة النقية أو الماء الصافي الذي بمقدوره أن يعكس صورة الشمس بسبب نقائه. وبما أن الله تعالى ليس بخيلا فإن كل واحد ينال نصيبا من نوره، ولكن الذين يتخلون عن أهوائهم ويصيرون أتم مظاهر الله – سبحانه وتعالى – ويدخل الله فيهم بصورة ظلية، فإن حالتهم تختلف عن الجميع. كما ترون أن الشمس مع كونها في السماء فإنها حين تقابل ماءً نقيًّا أو مرآة صافية تبدو كأنها موجودة في الماء أو المرآة، ولكنها في الحقيقة ليست في الماء أو المرآة بل بسبب نقائهما وجلائهما يُخَيَّلُ إلى الناس أن الشمس فيهما.
باختصار، إن أنوار الوحي الإلهي لا يقبلها بوجه أتم وأكمل إلا النفس التي نالت التزكية على وجه أتم وأكمل. إن تلقي الإلهام والرؤى في حد ذاته لا يدل على ميزة أو كمال ما لم تحظَ النفس -بسبب الحصول على التزكية التامة- بحالة يتم فيها انعكاس الأنوار، وما لم تُظهر فيها وجه المحبوب الحقيقي – سبحانه وتعالى -. فكما أن رحمة الله العامة قد وهبت الجميع، إلا ما شذ وندر، العينين والأنف والأذن وحاسة الشم والقوى الأخرى كلها، ولم يبخل بها على قوم، كذلك لم يحرم الله – عز وجل – قوما في أي زمن من زرع القوى الروحانية فيهم. وكما ترون أن ضوء الشمس يقع في كل مكان ولا يخلو منه مكان سواء أكان كثيفا أو لطيفا، كذلك الحال بالنسبة إلى قانون الطبيعة المتعلق بالشمس الروحانية، فلا يحرم من نورها مكان كثيف ولا لطيف. صحيح أن ذلك النور يعشق قلوبا نزيهة ونقية. فحين تلقي الشمس الروحانية بنورها على أشياء نقية فهي تُظهره فيها بالكامل إلى درجة تصوِّر وجهَها فيها. كما ترون الشمس حين تأتي مقابل الماء النقي أو المرآة النقية تظهر فيها صورتها الكاملة إلى درجة أنها تتراءى في الماء النقي أو المرآة الصافية كما تتراءى في السماء دون أدنى فرق. فلا كمال للإنسان من الناحية الروحانية أكبر من أن يحظى بصفاء يصل إلى درجة بحيث تتراءى فيه صورة الله تعالى. فيشير الله في القرآن الكريم إلى هذا الأمر ويقول: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} والظاهر أن الصورة تكون خليفة للأصل وتنوب عنه، لذا حيثما وكيفما تكون الأعضاء والملامح في الأصل، فهي تظهر في الصورة كذلك تماما. لقد ورد في التوراة والحديث الشريف أيضا أن الله تعالى قد خلق الإنسان على صورته، والمراد من الصورة هنا هو التشابه الروحاني نفسه. وواضح أنه حين يقع ضوء الشمس على مرآة صافية فلا تتراءى فيها الشمس فقط، بل تُظهر المرآة صفاتها أيضا، ومنها انعكاس ضوئها إلى غيرها. والحال نفسها بالنسبة إلى صورة الشمس الروحانية، فحين يقبلها القلب النقي بصورة انعكاسية تخرج من ذلك القلب أيضا أشعة كأشعة الشمس وتنوِّر الأشياء الأخرى، وكأن الشمس كلها تدخله بكل قوة وعظمة.
وهناك نقطة أخرى جديرة بالانتباه، ألا وهي أن الناس من النوع الثالث الذين لهم علاقة كاملة مع الله تعالى ويتلقون وحيا كاملا خالصًا، لا يستوون من حيث استقبال الفيوض الإلهية، كما لا تتساوى دائرة قواهم الفطرية، بل منهم مَن تكون دائرة قوته الفطرية أضيق، ومنهم مَن تكون دائرته أوسع منها، ومنهم مَن تكون دائرته أوسع كثيرا، وهناك مَن تفوق سعة دائرته التصورَ والخيال. يحظى بعض الناس بعلاقة قوية مع الله تعالى، وبعضهم علاقتهم معه – سبحانه وتعالى – أقوى، ومنهم مَن لا تدرك الدنيا طبيعة علاقتهم معه، ولا يصل كنهَها عقل. إنهم يغرقون في حب محبوبهم الأزلي فلا تبقى ذرة من وجودهم. وكل هؤلاء الحائزين على تلك المراتب لا يسبقون دائرة قواهم الفطرية بحسب الآية: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}  فلا يقدر أحد أن ينال نورا أكثر من قوته الفطرية ولا يسعه أن يعكس في نفسه صورة روحانية للشمس النورانية أكثر من قوته الفطرية. والله تعالى يُري كل شخص وجهَه بحسب قدرته الفطرية، فيصغر هذا الوجه مرة ويكبر أخرى بسبب النقص أو الازدياد في القوى الفطرية. فمثلا إن وجها كبيرا يبدو صغيرا في مرآة مقعرة، والوجه نفسه يبدو كبيرا في مرآة محدّبة. ولكن سواء أكانت المرآة مقعرة أو محدّبة فإنها تُري كافة ملامح الوجه. والفرق الوحيد هو أن المرآة الصغيرة لا تستطيع أن تُري أبعاد الوجه كاملة. فكما يحدث النقص أو الزيادة في حالة المرآة المقعرة أو المحدّبة كذلك تحدث التغييرات في الله تعالى -مع كونه قديما غير متبدّل- بحسب قدرة (الاستقبال) لدى مختلف الناس. وتظهر للعيان فوارق كبيرة من حيث ظهور صفاته – سبحانه وتعالى – فيبدو كأن الله الذي هو إله زيدٍ هو غير إله بكر وأن إله خالد يختلف تماما عن إله زيد وبكر. والحق أن الإله واحد وليس هناك ثلاثة آلهة، لكن يظهر شأنه بصور مختلفة بسبب تجلياته المختلفة.
إن إله موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام إله واحد وليس ثلاثة، ولكن الإله نفسه يظهر في ثلاث صور من حيث تجلياته المختلفة. ولما كان نطاق قدرة موسى – عليه السلام – مقصورا على بني إسرائيل وفرعون فقط فقد اقتصر تجلي القدرة الإلهية أيضا على هذا الحد. ولو كانت نظرة موسى ممتدة إلى كافة بني آدم في ذلك الزمن والأزمنة المستقبلية كلها لما كان تعليم التوراة محدودا وناقصا كما هو الحال الآن.

 

(المصدر : كتاب حقيقة الوحي)

هذا الموقع هو موقع علمي لا يتبع الجماعة الإسلامية الأحمدية التي تسمىى الطائفة القاديانية ولا يتبع أي فرقه من الفرق المنتسبه للإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد القادياني

 MirzaGhulamAhmed.net © 2025. All Rights Reserved.

 MirzaGhulamAhmed.net © 2025.

All Rights Reserved.

E-mail
Password
Confirm Password