الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني حكم ببطلان عقيدة رجوع عيسى ابن مريم الذي كان رسولا إلى بني اسرائيل لأنها عقيدة تناقض ختم النبوة
قال الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد القادياني :
قال الله {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} . في هذه الآية أيضا دلالة واضحة على أنه لن يأتي في الدنيا نبيٌّ بعد نبينا الأكرم – صلى الله عليه وسلم -. وقد تبين من ذلك أيضا بوضوح تام استحالة مجيء المسيح ابن مريم إلى الدنيا لأنه رسول. ويدخل في حقيقة الرسول وماهيته أنه يحصل على علوم الدين بواسطة جبريل. وتبيّن الآية أن وحي الرسالة منقطع إلى يوم القيامة، فلا مندوحة من التسليم بأن المسيح ابن مريم لن يأتي قط، وهذا الأمر في حد ذاته يستلزم موته. (كتاب إزالة الأوهام)
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
لا يجيز القرآن الكريم مجيء أيّ رسول بعد خاتم النبيين، سواء أكان قديما أو جديدا؛ لأن الرسول ينال علم الدين بواسطة جبريل، وإن باب نزول جبريل بوحي النبوة مسدود. ومن ناحية أخرى من المستحيل تماما أن يأتي رسول من دون أن يتلقى وحي الرسالة. ( كتاب إزالة الاوهام).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
إضافة إلى ذلك فإن آية: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} أيضا تمنع البعثة الثانية للمسيح ابن مريم، وكذلك الحديث: “لا نبي بعدي”؛ فكيف يجوز أن يأتي نبي آخر في زمن ما ويبدأ وحي النبوة مع أن نبينا – صلى الله عليه وسلم – خاتم النبيين؟! ألا تفرض كل هذه الأمور أن تُصرف الكلمات عن ظاهرها عند تفسير هذا الحديث؟ أضف إلى ذلك قرينة قوية وهي أن المسيح الموعود القادم غير المسيح الذي خلا، لاختلاف الملامح، إذ ورد في صحيح البخاري- الذي يعد أصح الكتب بعد كتاب الله- أن عيسى – عليه السلام – أحمر اللون، كما يكون لون أهل بلاد الشام وكما رُسم في الصور، وأن شعره جعْد، أما المسيح الموعود الذي وعدت هذه الأمة بمجيئه فقد ورد عنه أنه آدم اللون وشعره سِبط. كما ورد بالإضافة إلى ذلك أنه سيكون من هذه الأمة، فنص صحيح البخاري “إمامكم منكم” وفي مسلم “فأمَّكم منكم”؛ حيث يُفهم من هذين القولين أن المسيح القادم هو من أمة النبي – صلى الله عليه وسلم -. (كتاب أيام الصلح)
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
كان النبي – صلى الله عليه وسلم – قد قال مرارًا أنه لن يأتي بعده نبي. وكان الحديث “لا نبي بعدي” مشهورًا لدرجة لم يكن يعترض على صحته أحدٌ، وكان القرآن الكريم الذي كل كلمة فيه قطعية، يصدِّق أيضًا بآيته {وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} أن النبوة في الحقيقة قد ختمت على نبينا – صلى الله عليه وسلم -، فكيف كان يمكن أن يأتي أي نبي بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – بالمعنى الحقيقي للنبوة؟ فبهذا المعنى يختل نظام الإسلام كله، أما القول “بأن عيسى – عليه السلام – سيأتي معزولًا عن نبوته” فوقاحة نكراء وإساءة بالغة! إذ هل من الممكن أن يُحرم النبي المقبول والمقرب إلى الله مثل عيسى – عليه السلام – من نبوته؟ ثم أي طريق لمجيء عيسى – عليه السلام – إلى العالم من جديد؟ باختصار إن الله – سبحانه وتعالى – بتسمية النبي – صلى الله عليه وسلم – خاتمَ النبيين وقول النبي نفسه – صلى الله عليه وسلم – في الأحاديث أنه “لا نبي بعدي” قد حكم أنه لا يمكن أن يأتي بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – أيُ نبي بالمعنى الحقيقي للنبوة، ثم إيضاحًا لهذا الأمر أكثر قد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – أيضًا بأن المسيح الموعود سيكون من هذه الأمة حصرًا. فحديث “إمامكم منكم” من صحيح البخاري و”أمكم منكم” من صحيح مسلم الواردان في عين محل ذكر المسيح الموعود يصرِّحان بجلاء أن ذلك المسيح الموعود سيكون من هذه الأمة حصرًا.(كتاب البراءة)
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
لكل عاقل فطين أن يدرك أنه إذا كان الله تعالى صادق الوعد – وكان وعده الوارد في آية خاتَم النبيين، وما جاء في الأحاديث بصراحة تامة أن جبريل – عليه السلام – قد مُنع بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – من الإتيان بوحي النبوة إلى الأبد – صدقا وحقا، لاستحال قطعا أن يأتي أيّ شخص رسولا بعد نبينا الأكرم – صلى الله عليه وسلم -. ولو افترضنا جدلا أن المسيح ابن مريم سيُحيا ويعود إلى الدنيا، لما وسعنا الرفض بحال من الأحوال أنه رسول، وسيأتي كرسول، وستبدأ سلسلة نزول جبريل – عليه السلام – وكلام الله عليه من جديد. كما لا يمكن على الإطلاق أن تطلع الشمس دون أن يصحبها ضوءها، كذلك من المستحيل تماما أن يأتي إلى الدنيا رسول لإصلاح خلق الله دون أن يصحبه الوحي الإلهي وجبريل – عليه السلام -.(كتاب إزالة الأوهام)
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(قد سُدَّ باب النبوة التي تُقيم سلطتها، إذ يقول الله تعالى {وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، كما قد ورد في الحديث (لا نبي بعدي)، ومع ذلك قد ثبتتْ وفاة عيسى -عليه السلام- قطعا من النصوص القطعية، فالأمل في عودته إلى هذا العالم ثانية لا جدوى منه، ولو جاء نبي آخر-قديما كان أو جديدا- فكيف يمكن أن يبقى نبينا خاتمَ النبيين؟) ( أيام الصلح).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(إن كون نبينا -صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيين أيضًا يقتضي موت عيسى – عليه السلام -، لأنه إذا جاء بعده -صلى الله عليه وسلم- أيُّ نبي فلا يُعدُّ -صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيين، ولا تُعد سلسلة وحي النبوة منقطعة. ثم حتى لو افترضنا جدلًا أن عيسى -عليه السلام – سيأتي بصفته فردًا من الأمة فلن تنقطع عنه النبوة حتى لو تمسَّك بشريعة الإسلام كأفراد الأمة(1) فلا يمكن أن نقول إنه لن يكون نبيًّا في علم الله، وإذا كان نبيًّا في علم الله فيرِد الاعتراض نفسه أنه كيف جاء نبي في العالم بعد خاتم النبيين؟ ويكون فيه استخفاف بشأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضًا، ويستلزم تكذيب نص القرآن الكريم صراحة. فلم يرِد في القرآن الكريم ذكر مجيء المسيح ابن مريم ثانية قط، بينما ذُكر ختم النبوة بصراحة كاملة. وإن التمييز بين نبي قديم وجديد فتنة، إذ لم يرِد هذا التمييز في الحديث ولا في القرآن الكريم، كما أنّ في حديث (لا نبي بعدي). أيضا نفْيا شاملا. وكم من الجرأة والتجاسر والجلافة أن يترك الإنسان نصوص القرآن الكريم الصريحة عن عمد اتباعا لأفكار ركيكة، ويؤمن بوجود نبي بعد خاتم النبيين! وأن يُجري سلسلة نزول وحي النبوة بعد انقطاعها، ذلك لأن الذي ما زال حائزا على شأن النبوة فلا شك أن وحيه وحي النبوة.) (أيام الصلح).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(قد أغلق خاتم النبيين الباب على أي نبي جديد أو راجع من جديد بقوله صلى الله عليه وسلم (لا نبي بعدي) قطعًا) ( أيام الصلح).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(ألا تعلم أن الربّ الرحيم المتفضّل سمّى نبيَّنا -صلى الله عليه وسلم- خاتَمَ الأنبياء بغير استثناء، وفسّره نبيُّنا في قوله لا نبي بعدي ببيان واضح للطالبين؟ ولو جوّزْنا ظهورَ نبي بعد نبيّنا -صلى الله عليه وسلم- لجوّزْنا انفتاح باب وحي النبوة بعد تغليقها، وهذا خُلْفٌ كما لا يخفى على المسلمين. وكيف يجيء نبي بعد رسولنا -صلى الله عليه وسلم- وقد انقطع الوحي بعد وفاته وختم الله به النبيّين؟ أنعتقد بأن عيسى الذي أُنزِلَ عليه الإنجيل هو خاتم الأنبياء، لا رسولُنا صلى الله عليه وسلم؟) (حمامة البشرى).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(كُشف عليّ أن أبواب النبوة الحقيقية مسدودة بعد خاتم النبيين -صلى الله عليه وسلم- نهائيًا، فالآن لن يأتي نبي جديد ولا قديم بالمعنى الحقيقي للنبوة.غير أن معارضينا الظالمين لا يعتبرون أبواب ختم النبوة مغلقة كاملها بل ثمة نافذة مفتوحة لنزول المسيح النبي الإسرائلي فإذا جاء نبي حتى بعد القرآن الكريم أيضا وبدأت سلسلة وحي النبوة فأخبروني كيف ختمت النبوة؟ فهل وحي النبي سيسمى بوحي النبوة أم باسم آخر؟ فهل تعتقدون أن مسيحكم الافتراضي سينزل محروما نهائيا من وحي النبوة؟ توبوا واتقوا الله وتتجاوزوا الحدود ) (المصدر : كتاب السراج المنير).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(ختم الله النبوة بصراحة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في آية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} وآية: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}. وأعلن بكلمات صريحة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء بقوله: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}. أما الذين يعيدون عيسى -عليه السلام – إلى الأرض ثانية فمن عقيدتهم أنه سيأتي مع النبوة كما كان، وأن جبريل سيظل ينزل عليه بوحي النبوة لمدة 45 عاما بانتظام، فأخبرونا الآن كيف بقي ختم النبوة وختم وحي النبوة؟ بل لا بد -تبعا لهذه العقيدة الخاطئة- من الإيمان بأن خاتم الأنبياء هو عيسى -عليه السلام-!) ( كتاب التحفة الغولروية).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(ثم بعد ذلك نقَل الله النبوة من وُلْدِ إسرائيل إلى إسماعيل، وأنعمَ الله على نبينا محمد وصرَف عن اليهود الوحيَ وجبرائيلَ. فهو خاتم الأنبياء، لا يُبعث بعده نبي من اليهود، ولا يُرَدّ العزّة المسلوبة إليهم، وهذا وعد من الله الودود. وكذلك كُتب في التوراة والإنجيل والقرآن، فكيف يرجع عيسى، فقد حبَسه جميعُ كتب الله الديّان؟) ( كتاب مواهب الرحمن).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(لا شك أنه مَن آمنَ بنزول المسيح الذي هو نبي من بني إسرائيل فقد كفَر بخاتم النبيين، فيا حسرة على قومٍ يقولون إن المسيح عيسى بن مريم نازلٌ بعد وفاة رسول الله، ويقولون إنه يجيء وينسخ من بعض أحكام الفرقان ويزيد عليها، وينزل عليه الوحي أربعين سنة، وهو خاتم المرسلين. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا نبي بعدي)، وسمّاه الله تعالى خاتم الأنبياء، فمِن أين يظهر نبي بعده؟ ألا تتفكرون يا معشر المسلمين؟ تتبعون الأوهام ظلما وزورًا، وتتخذون القرآن مهجورًا، وصرتم من البطّالين) ( كتاب تحفة بغداد).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني باللغة العربية في كتابه التبليغ مخاطبا مشايخ الهند ومتصوفة أفغانستان ومصر وغيرها من الممالك: (ما كان الله أن يرسل نبيّا بعد نبيّنا خاتم النبيّين، وما كان أن يُحدث سلسلة النبوة ثانيًا بعد انقطاعها، وينسخ بعض أحكام القرآن، ويزيد عليها، ويُخلف وعده، وينسى إكماله الفرقان، ويُحدث الفتن في الدين المتين. ألا تقرؤون في أحاديث المصطفى -سلّم الله عليه وصلّى- أن المسيح يكون أحدًا من أمته، ويتبع جميع أحكام ملّته، ويصلّي مع المصلّين. وقد ملئ القرآن من آياتٍ تشهد كلها على أن المسيح ابن مريم قد تُوفِّي، ولحق بإخوانه إبراهيم وموسى، وأخبر بوفاته رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو أصدق المخبرين. ألا تقرؤون في القرآن: {يا عيسى إني متوفيك}، {فلمّا توفيتني}؟ ألا تقرؤون: {ما محمّد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل}؟، ألا تقرؤون في صحيح الإمام البخاري: (متوفيك: مُميتك)؟ فما بقي بعد هذه الشهادات محل شك للمشككين. وبأيّ حديث تؤمنون بعد آيات رب العالمين؟ ألا ترون أنه -صلى الله عليه وسلم- قال في علامات المسيح وفي بيان وقت ظهوره إنه يكسر الصليب، ويقتل الخنزير؟ فاعلموا أنّه -صلى الله عليه وسلم- أشار إلى أنه يأتي في وقت يُعبَد الصليب فيه، ويؤكل الخنزير بكثرة، ويكون لعبدة الصليب غلبة في الأرضين. فيأتي ويكسر غلبتهم، ويدقّ صليبهم، ويهدم عماراتِهم، ويخرّب مرتفعاتهم بالحجج والبراهين.
أيها الناس! اذكروا شأن المصطفى -عليه سلام رب السماوات العلى- واقرؤوا كتب المتنصّرين، وانظروا صولتهم على عرض سيد الورى، فلا تُطرُوا ابن مريم، ولا تعينوا النصارى يا وُلْدَ المسلمين. ألرسولنا الموت والحياة لعيسى؟ تلك إذًا قسمة ضيزى! ما لكم لا ترجون وقارًا لسيّد السيّدين؟ أتجادلونني بأحاديث ورد فيها أن المسيح سينزل، وتنسون أحاديث أخرى، وتأخذون شقا وتتركون شقا آخر، وتذرون طريق المحققين؟ ولا يغرّنكم اسم (ابن مريم). في أقوال خير الورى، إن هو إلا فتنة من الله ليعلم المصيبين منكم وليعلم المخطين، وليجزي الله الصابرين الظانين بأنفسهم ظن الخير، ويجعل الرجس على المعتدين. وقد خلت سننه كمثل هذا، فليتفتش من كان من المتفتّشين. لقد كان في إيليا وقصة نزوله نظيرٌ شافٍ للطالبين. فاقرؤوا الإنجيل وتدبّروا في آياته بنظرٍ عميقٍ أمين. إذ قالت اليهود: يا عيسى، كيف تزعم أنّك أنت المسيح؟ وقد وجب أن يأتي إيليا قبله كما ورد في صحف النبيّين؟ قال: قد جاءكم إيليا فلم تعرفوه، وأشار إلى يحيى وقال: هذا هو إيليا إن كنتم موقنين. قالوا: إنك أنت مُفتر. أتنحتُ معنى منكرًا؟ ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين. قال: يا قوم . ما افتريتُ على الله، لكنكم لا تفهمون أسرار كتب المرسلين.
تلك قضيةٌ قضاها عيسى نبي الله، وفي ذلك عبرة للمسلمين. ما كان نزول بشرٍ من السماء من سنن الله، وإن كان فأتوا بنظير من قرون خالية إن كنتم من المهتدين. وما كان فينا من واقع إلا خلا له نظير من قبل، وإليه أشار الله وهو أصدق الصادقين {ولن تجد لسنة الله تبديلا} . وقد مضت سنة الأوّلين. خصمان تخالفا في رأيهما . فأحدهما متمسك بنظير مثله، والآخر لا نظير عنده أصلا . فأي الخصيمَين أقرب إلى الصدق؟ انظروا بأعين المنصفين.) ( كتاب التبليغ).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
كيف يمكن أن يأتي بعد خاتم النبيين نبيٌّ، وذلك بمفهوم النبوة التام والكامل الذي يدخل في شروط النبوة التامة؟ أليس ضروريا أن توجد في ذلك النبي كافة مقتضيات نبوته التامة بما فيها الوحي ونزول جبريل؟ لأن الرسول، بحسب تصريح القرآن الكريم، هو الذي يتلقى أحكام الدين وعقائده بواسطة جبريل. والمعلوم أنه قد خُتم على وحي النبوة قبل 1300 عام، فهل سيُنقض هذا الختم عندئذ؟ وإذا قلتم: سيُرسَل المسيح ابن مريم منزوعَ النبوة التامة؛ قلتُ: لا بد أن يكون هناك سبب لهذه العقوبة.
يقول البعض إن السبب في ذلك أنه كان قد اتُّخِذ معبودا بغير حق، فأراد الله أن يعزله عن النبوة عقوبة على ذلك، ليقتدي بالآخرين عند مجيئه إلى الدنيا ويصلي وراء غيره، ويقوم بالاجتهاد فقط مثل الإمام الأعظم، ويؤيِّدَ المذهب الحنفي بسلوكه مسلكا حنفيا. ولكن هذا الجواب ليس معقولا، إذ قد برّأه الله من هذه التهمة في القرآن الكريم، وبيّن أن نبوته دائمة. فيا أيها الإخوة، لماذا تقولون أقوالا سخيفة بدافع الندم، وتقترفون الذنب بغير حق؟ لقد أعلن القرآن الكريم موتَ المسيح ابن مريم الذي كان نبيا إسرائيليا ونزل عليه الإنجيل. فلا تضيفوا إلى الأحاديث من عندكم أن المسيح الذي مات من قبل، سيأتي مرة أخرى.يا عباد الله، قليلا من التقوى! أليس الله قادرا عندكم أن ينفخ في عبده روحا فيتصبّغ بصبغة ابن مريم تماما؟ ألا توجد في كتب الله أمثلة أنه – سبحانه وتعالى – أطلق اسم نبي على نبي آخر؟ أليس مذكورا في الأحاديث أن أمثال ابن مريم وغيره سيولَدون في هذه الأمة؟ فما دام القرآن الكريم يصرح بموت ابن مريم، وفي الأحاديث وعدٌ بمجيء مثيل ابن مريم؛ فأي إشكالية بقيت في الموضوع؟ أيُّ كذبٍ في القول بأنّ الذي يملك سيرة ابن مريم، يكون ابن مريم نفسه؟
“لا توجد في ابن مريم خصلة من الألوهية، وما كان مُعفًى من الموت والوفاة. قد حرر نفسه من الشرك ومن كل ما سوى الله، فلو فعلت أنت ذلك لكنتَ أيضا ابن مريم” (ترجمة ابيات فارسية).
أيها المشايخ، اتركُوا العبث والفضول وأخبروني بحديث واحد صحيح – يبلغ مبلغ التواتر والثبوت، ويفيد اليقين القاطع عند العقل، ولا يتوقف عند حدود الشك والريب – يُثبت رفعَ المسيح إلى السماء حيا بجسده، ووجودَه هنالك حيا إلى الآن. وأنتم تعرفون كم تمنح الآيات القرآنية البينات اليقين. (كتاب إزالة الأوهام)
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
وقد ختم الله برسولنا النبيين، وقد انقطع وحي النبوة، فكيف يجيء المسيح ولا نبي بعد رسولنا؟ أيجيء معطَّلا من النبوة كالمعزولين؟ وقد بشّرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن المسيح الآتي يظهر من أمته وهو أحدٌ من المسلمين. وفي الصحاح أحاديث صحيحة مرفوعة متصلة شاهدة على وفاة عيسى – عليه السلام -، خصوصًا في البخاري بيان مصرح في هذا الأمر. فالعجب كل العجب على فهم رجل يشكّ في وفاته بعد كتاب الله ورسوله ويتذبذب كالمرتابين. وبأيِّ حديث بعد الله وآياته نترك متواترات القرآن؟ أنُؤْثِر الشكّ على اليقين؟
والقوم لا يتفق على صعود المسيح حيًّا إلى السماء، بل لهم آراءٌ شتّى، بعضهم يقول بالوفاة وبعضهم بالحياة. ولن تجد من النصوص الفرقانية والأحاديث النبوية دليلا على حياته، بل تسمع من الأخبار والآثار ومن كل جهة نعيَ الموت. وقد تُوفّي رسولنا – صلى الله عليه وسلم -، أهو خيرٌ منه، أم هو ليس من الفانين؟ ورآه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في ليلة المعراج في الموتى من الأنبياء عليهم السلام، أفتظن أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أخطأ في رؤيته، أو قال ما يُخالف الحق؟ حاشا .. بل إنه أصدق الصادقين.
فهذا هو السبب الذي ألجأنا إلى اعتراف وفاة المسيح، وشهد عليه إلهامي المتواتر المتتابع من الله تعالى. وما نرى في هذه العقيدة مخالفة بقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا بعقيدة الصحابة ولا التابعين. والصحابة كلهم كانوا يؤمنون بوفاة المسيح، وكذلك الذين جاؤوا بعدهم من عباد الله المتبصّرين. ألا تنظر صحيح البخاري كيف فسّر فيه عبد الله بن عباس – رضي الله عنه – آية: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ} (آل عمران:55)، فقال: متوفّيك: مميتُك. وأشار الإمام البخاري إلى صحّة هذا القول بإيراده آية: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} في غير محلّه، وهذه عادة البخاري عند الاجتهاد وإظهار مذهبه كما لا يخفى على الماهرين.
أيها الأخ الصالح! انظُرْ كيف أشار البخاري – رحمه الله – إلى مذهبه بجمع الآيتين في غير المحلّ وإراءة تظاهُرهما. واعترف بأن المسيح قد مات، فتدبَّرْ فإن الله يحب المتدبّرين. وما كان لي منفعةٌ وراحةٌ في ترك كتاب الله وسُنن رسوله وحملِ أوزار خسران الدنيا والآخرة، وسماع لعن اللاعنين.
أيها الأخ الكريم! لَلحقُّ أحقُّ أن يُتّبع، والصدق حقيق بأن يُقبَل ويُستمَع، ويد الحق تصدع رداء الشك، والحق هو الجوهر الذي يظهر عند السبك، ويتلألأ في وقته الذي قدّر الله له، ولكل نبأٍ مستقرٌّ، ولكل نجمٍ مَطلعٌ، ولا تُعرف الأسرار إلا بعد وقوعها. فطوبى لمن فهم هذا السر وأدرك الأمر كالعاقلين. (كتاب تحفة بغداد)
تناقضات في عقيدة رجوع عيسى ابن مريم عليه السلام
قال الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد القادياني :
إن كون نبينا – صلى الله عليه وسلم – خاتَم النبيين؛ يمنع مجيء نبي آخر، أما الذي يستمد النور من مشكاة نبوة محمد – صلى الله عليه وسلم -، ونبوته ليست نبوة تامة، بل يُدعى بتعبير آخر محدَّثا؛ فهو يخرج من نطاق هذا التحديد، لأنه داخل في وجود خاتَم المرسَلين – صلى الله عليه وسلم -، وذلك لاتباعه وفنائه في الرسول – صلى الله عليه وسلم -، كما يدخل الجزء في الكل. ولكن المسيح ابن مريم الذي نزل عليه الإنجيل – الأمر الذي يجعل نزول جبريل ضروريا – لا يمكن أن يكون فردا من الأمة بحال من الأحوال، لأنه سيكون محتّما عليه اتّباع الوحي الذي سينزل عليه بين فينة وفينة كما هو جدير بالرسل. فلو اتبع هذا الوحيَ والكتابَ الجديد الذي سينزل عليه، فلن يُعدّ فردا من الأمة.
وإذا قلتم إن الأحكام النازلة عليه لن تكون مضادة للقرآن الكريم، قلتُ: مع ذلك لا يمكن أن يعدَّ من الأمة بناء على هذا التوافق وحده، إذ من الواضح البيّن أن جزءا لا بأس به من التوراة يطابق القرآن الكريم تماما، فهل سيُعدُّ سيدنا ومولانا محمد المصطفى – صلى الله عليه وسلم – من أمة موسى – والعياذ بالله – بسبب هذا التوافق فقط؟ التوافق شيء والاتّباع كالمنقادين شيء آخر.
لقد أوردت قبل قليل قول الله تعالى في القرآن الكريم: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ} أيْ لا يأتي إلى الدنيا رسول مطيعا ومتَّبِعا، بل يأتي مطاعا وتابعا للوحي الذي ينزل عليه بواسطة جبريل – عليه السلام – فقط. والواضح أيضا أنه عندما ينزل المسيح ابن مريم ويبدأ جبريل بإنزال الوحي عليه بالتوالي، ويعلّم بالوحي المعتقدات الإسلامية مثل الصيام والصلاة والزكاة والحج ومسائل الفقه كلها، فستُسمَّى هذه المجموعة من أحكام الدين “كتاب الله” حتمًا.
وإن قلتم: سيؤمَر المسيح بذلك الوحي فقط أن يعمل بالقرآن، ثم ينقطع الوحي طول العمر، ولن ينزل عليه جبريل – عليه السلام – بعد ذلك قط، بل ستُسلَب منه النبوة كليا فيصبح مثل بقية أفراد الأمة، قلت: إن هذه فكرة صبيانية جدا وتبعث على الضحك. فالمعلوم أنه لو قيل افتراضا إن الوحي سينزل عليه مرة واحدة فقط، ويأتيه جبريل بجملة واحدة ثم يصمت نهائيا، لكان ذلك أيضا منافيا لختم النبوة؛ لأنه إذا فُضَّ ختم النبوة مرة، وبدأ نزول وحي النبوة من جديد – قليلا كان أم كثيرا – فلا يغير في الموضوع شيئا. لكل عاقل فطين أن يدرك أنه إذا كان الله تعالى صادق الوعد – وكان وعده الوارد في آية خاتَم النبيين، وما جاء في الأحاديث بصراحة تامة أن جبريل – عليه السلام – قد مُنع بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – من الإتيان بوحي النبوة إلى الأبد – صدقا وحقا، لاستحال قطعا أن يأتي أيّ شخص رسولا بعد نبينا الأكرم – صلى الله عليه وسلم -. ولو افترضنا جدلا أن المسيح ابن مريم سيُحيا ويعود إلى الدنيا، لما وسعنا الرفض بحال من الأحوال أنه رسول، وسيأتي كرسول، وستبدأ سلسلة نزول جبريل – عليه السلام – وكلام الله عليه من جديد. كما لا يمكن على الإطلاق أن تطلع الشمس دون أن يصحبها ضوءها، كذلك من المستحيل تماما أن يأتي إلى الدنيا رسول لإصلاح خلق الله دون أن يصحبه الوحي الإلهي وجبريل – عليه السلام -.
وبالإضافة إلى ذلك لكل عاقل أن يعلم؛ أنه إذا انقطعت تماما سلسلة نزول جبريل – عليه السلام – ونزول كلام الله في زمن نزول المسيح – عليه السلام -، فأنّى له أن يقرأ القرآن الكريم باللغة العربية؟ هل سيتتلمذ في مدرسة ما، لبضعة أعوام بعد نزوله ليدرس القرآن الكريم على يد أحد المشايخ؟ وإن افترضنا جدلا أن هذا ما سيفعله – عليه السلام -، فكيف يستنتج من القرآن الكريم – بغير تلقيه وحي النبوة – مسائلَ دينية مثل عدد ركعات السنّة في صلاة الظهر، وعدد ركعات السنّة في صلاة المغرب مثلا؟ ومن تجب عليه الزكاة، وما هو نصابها؟ لأنه قد تبين مسبقا أنه لن يتوجه إلى الأحاديث. وإذا أُعطي كل هذا العلم بوحي النبوة، فلا بد أن يُعدّ الكلام الذي بواسطته ستُكشف عليه كل هذه التفاصيل كتابَ الله، لكونه محتويا على وحي الرسالة. فالواضح أن هناك مفاسد ومصاعب لا حصر لها تلازم مجيئه الثاني؛ منها أنه ليس من سلالة قريش، فلا يمكن أن يكون إماما بحال من الأحوال، فسيضطر ليبايع إماما وأميرا آخر شاء ذلك أم أبى، وخاصة إذا كان الاعتقاد سائدا أن الجميع يكونون قد بايعوا محمدا بن عبد الله المهدي قبل نزوله. ففي هذه الحالة ستطل مصيبة أخرى برأسها وهي أن تأخُّره عن بيعة المهدي تكون معصية كبيرة، لذا لا بد من مبايعته المهديَ حتما بحكم الحديث القائل: “من شَذّ شُذَّ في النار”، أو تصدر بحقه الفتوى لعدم بيعته خليفة الوقت.(كتاب ازالة الاوهام)
كيف نزيل التعارض بين آية (خاتم النبيين)
وبين أحاديث (نزول المسيح ) بعد خاتم النبيين
أولا : كلمة (نبي الله) الواردة في حديث صحيح مسلم عن المسيح الموعود تعني النبوة المجازية وليس النبوة الحقيقية
قال الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد القادياني :
(ولا يغيبن عن البال أنه قد وردت بحق المسيح الموعود في صحيح مسلم(1) كلمة (النبي)، وذلك مجازا واستعارة) ( المصدر: كتاب أيام الصلح).
وقال الإمام غلام أحمد القادياني :
(فاسم (نبي الله) الوارد في صحيح مسلم في حق المسيح الموعود القادم على اللسان المبارك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، إنما هو من منطلق المجاز المسلَّم به في كتُب الصوفية الكرام، وهو تعبير معروف في المكالمات الإلهية، وإلا فما معنى نبيٍّ بعد خاتَم الأنبياء.) ( كتاب عاقبة آتهم).
وقال الإمام غلام أحمد القادياني :
(طُرح هنا اعتراض: أنه يجب أن يكون مثيل المسيح الناصري أيضا نبيا؛ لأن المسيح كان نبيا. فالجواب الأول على هذا الاعتراض هو أن سيدنا ومولانا -صلى الله عليه وسلم- لم يشترِط النبوة للمسيح الآتي، بل قال صراحة إنه سيكون مسلما وملتزما بشريعة القرآن الكريم مثل بقية المسلمين، ولن يفعل شيئا أكثر من ذلك لإظهار إسلامه وكونه إمامَ المسلمين) ( كتاب توضيح المرام)
قال الإمام غلام أحمد القادياني :
(المسيح المقبل نبي أيضا مجازا، لكونه محدَّثا) (كتاب إزالة الأوهام).
وقال الإمام غلام أحمد القادياني :
(ليست كلمات النبي الواردة في الأحاديث بحق المسيح الموعود على معانيها الحقيقية، فهذا العلم أعطانيه الله سبحانه وتعالى فمن أراد أن يفهم فليفهم فقد كُشف عليّ أن أبواب النبوة الحقيقية مسدودة بعد خاتم النبيين -صلى الله عليه وسلم- نهائيًا، فالآن لن يأتي نبي جديد ولا قديم بالمعنى الحقيقي للنبوة) ( كتاب السراج المنير).
وقال الإمام غلام أحمد القادياني عن سبب تسمية المسيح الموعود القادم (نبي الله) في حديث صحيح مسلم:
(المسيح الموعود الآتي سيكون نبي الله، أيْ سيتلقّى الوحي من الله تعالى. ولكن ليس المراد هنا النبوة التامة والكاملة، لأن النبوة الكاملة قد خُتم عليها، بل أُريدت النبوةُ التي تقتصر على مفهوم المحدَّثية التي تستمد النور من مشكاة النبوة المحمدية.). (كتاب إزالة الأوهام).
ثانيًا: ختم النبوة يقتضي تفسير أحاديث نزول المسيح على أنها استعارة مكنية عن بعثة مجدد من أمة محمد مثيلا لعيسى ابن مريم
قال الإمام المهدي والمسيح الموعود ميرزا غلام أحمد القادياني :
(يقول القرآن الكريم بوضوح إن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الأنبياء، بينما يقرر معارضونا بأن عيسى – عليه السلام – خاتم الأنبياء ويقولون إن المراد مما ورد في صحيح مسلم وغيره أن المسيح القادم سيكون نبي الله نبوّة حقيقيةً. فكيف يُعدّ نبينا -صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء إذا جاء المسيح إلى العالم بنبوته؟ وأنى لعيسى – عليه السلام – أن يُحرَم من لوازم النبوة وهو نبي؟) ( كتاب البراءة).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(قد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضا في أحاديثه المقدسة إلى أن المسيح الآتي ليس المسيح ابن مريم الحقيقي بل مثيله، لأنه -صلى الله عليه وسلم- ذكر ملامح المسيح الراحل مختلفةً عن ملامح المسيح الآتي، وقال عن المسيح الراحل بصورة قاطعة أنه كان نبيا، أما المسيح الآتي فذكره على أنه شخص من الأمة كما يتبين من حديث: (إمامكم منكم). وفي حديث: (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل). أنبأ -صلى الله عليه وسلم- على سبيل الإشارة بمجيء مثيل المسيح. وعلى ذلك فإن المسيح المقبل نبي مجازا، لكونه محدَّثا. فأي بيان أوضح وأجلى من ذلك؟). (كتاب إزالة الأوهام).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها). وإن بعثة مجدد من أمة محمد لا يتعارض مع معنى خاتم النبيين بل إن ذلك يؤكد ختم النبوة ويبرز كمال خاتم النبيين وفضل الإيمان به لأن بعثة مجدد من أمة محمد ليس حائزا على نبوة مستقلة تامة بالمعنى الحقيقي للنبوة لهو أكبر دليل لأتباع جميع الديانات أن الدين الوحيد المقبول عند الله إلى يوم القيامة هو الذي جاء به خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم وبرهان أن الفيوض الروحانية لخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم مستمره في أمته إلى يوم القيامة بينما أمم الأنبياء السابقين ميتة ومقطوعة عن الله، فلا يصل أحد إلى أعلى مقامات القرب من الله سوى من يتبع خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم. لقد نجح الإمام غلام أحمد القادياني بهذا المعنى أن يجمع بين القرآن وأحاديث مجيء المسيح بدون كسر ختم النبوة فقام أعداؤه بقص بعض الجمل من سياقها وزعموا بها أنه ينكر ختم النبوة.
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(قد وعد الله بعدم إرسال أي رسول بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- إن دارسي الأحاديث قد وقعوا في خطأ فادح إذ استيقنوا بمجرد الاطلاع على كلمة عيسى أو ابن مريم أن المسيح ابن مريم رسول الله نفسه سينزل من السماء، ولم ينتبهوا إلى أن نزوله يعني زوال الإسلام من الدنيا نهائيا. هذه هي نتيجة الاعتقاد الإجماعي!! فقد ورد في صحيح مسلم أن المسيح سيأتي وهو نبيّ. فإذا كان المراد من المسيح أو ابن مريم هو شخص من الأمة كمثيل، ويحظى بمرتبة المحدَّثية؛ فلا يحدث أيّ خلل، لأن المحدَّث أيضا نبي من وجه، ولكنه يستمد النور من سراج النبوة المحمدية، ولا يكون نبيا مستقلا بحد ذاته، بل ينال العلم ببركة نبيه). ( كتاب إزالة الأوهام).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني: (اعلموا أننا نؤمن بأن القرآن هو آخر الكتب ونهاية الشرائع، ولا نبي بعده إلى يوم القيامة بمعنى أن يكون صاحب شريعة أو يتلقى الوحي دون واسطة متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل إن هذا الباب مغلق إلى يوم القيامة، أما نوال نعمة الوحي بالمتابعة النبوية فأبوابه مفتوحة إلى يوم القيامة. ولن ينقطع أبدًا ذلك الوحي الذي هو ثمرة الاتباع النبوي. أما النبوة التشريعية أو النبوة المستقلة فقد انقطعت، ولا سبيل إليها إلى يوم القيامة، ومن قال إني لست من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- وادّعى أنه نبيّ صاحب الشريعة أو من دون الشريعة وليس من الأمة، فمَثَله كمثل رجل غمره السيل المنهمرُ فألقاه وراءه ولم يغادر حتى مات. وتفصيل ذلك هو أنه حيثما بشّر الله تعالى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الأنبياء أشار هنالك أيضًا أنه -صلى الله عليه وسلم- نظرًا إلى روحانيته- بمنزلة أب لأولئك الصلحاء الذين يتم تكميل نفوسهم من خلال اتباعهم له -صلى الله عليه وسلم-، والذين يُشرّفون بالوحي الإلهي والمكالمة مع الله، كما يقول الله – عز وجل – في القرآن الكريم: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين}). (المصدر : كتاب تعليق على مناظرة بين الشيخ البطالوي والشيخ الجكرالوي).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(لن يأتي نبي بشريعة جديدة. لقد ورد في حديث أن عائشة رضي الله عنها قالت: قولوا خاتم النبيين ولا تقولوا لا نبي بعده. إن كلامها قمة في العلم والفهم، فكانت تدرك حقيقةً أن الله تعالى لم يقطع سلسلة المكالمات والمخاطبات غير أنه لا شريعة جديدة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يمكن أن ينال أحد قرب الله مباشرة بغير واسطة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-). ( جريدة بدر،بتاريخ 8 – 11 – 1906م).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(قول الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، حرف (لكن) هنا يفيد الاستدراك. لما لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا أحد من الرجال فالاعتراض الذي وُجِّه إلى الأعداء وقيل: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} يقع على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكأن الله تعالى يصدّق المعترض. فقال الله تعالى لإزالة هذا الزعم: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} أي لن يكون الآن أحد من الأقطاب أو الأبدال أو الأولياء إلا بخاتم النبي -صلى الله عليه وسلم-. هذا هو حال الحكام الدنيويين أيضا أنه لو لم يكن هناك خاتم على مستند رسمي لما اعتبروه صالحا. كل من ينال شرف الإلهام أو المكالمة الإلهية إنما يناله ببركة خاتم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقط. فبهذا المعنى إنه -صلى الله عليه وسلم- أب الناس جميعا. فقد نُفيت الأبوة من وجه وأُثبتت من وجه آخر. وإذا قيل بأن سلسلة إفاضات النبي -صلى الله عليه وسلم- قد انقطعت ولن ينال أحد الآن شرف المكالمة والمخاطبة لدُمِّر الإسلام.). ( جريدة البدر، بتاريخ 5-12-1902م).
وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
(لقد نجّى الله المسيح من أيدي اليهود وبرّأه من تهمهم ليدينهم، ثم أثبت بإقامة السلسلة المحمدية أن فضل الله يأتي من أيّ طريق يشاء، سواء أكان في الإسرائيليين أم الإسماعليين. والآن لم يبق في يد اليهود إلا الحسد ولكن إذا رأوا أن سلسلة كمالاتهم لم تنقطع فلماذا الحسد من الرسالة وحدها؟ وبذلك سيُصبح وجود النبي -صلى الله عليه وسلم- وعدمه، والعياذ بالله، سيان لأن سلسلة كمالاته وفيوضه وبركاته انقطعت عليه دون أن تمتد إلى الأمام. إنني أستغرب أنهم عمَوا في معارضتي لدرجة يجهلون عاقبتها ونتائجها تماما. أليس صحيحا أنه لو بدأت سلسلته -صلى الله عليه وسلم- منه وانتهت عليه وحده لكان -صلى الله عليه وسلم- أبتر، والعياذ بالله، مع أن الله تعالى قال مخاطبا إياه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}، أي قد أعطيناك أولادا روحانيين بكثرة، والذي يزعم أنك أبتر فإنه هو الأبتر بنفسه. صحيح أنه لم يكن للنبي -صلى الله عليه وسلم- ابن مادي، وإن لم يكن له أولاد روحانيين أيضا فقولوا بالله عليكم ماذا عسى أن يسمى شخص مثله؟ إنني أرى إلحادا كبيرا وكفرا بواحا أن يعتنق المرء هذا الاعتقاد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. لم يقل الله: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} لأيّ نبي سواه -صلى الله عليه وسلم-، فهذه ميزة متميزة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وحده، وقد أُعطي أولادا روحانيين دون عدّ وحساب لذا هذه السلسلة جارية إلى يوم القيامة، وبسبب الأولاد الروحانيين يُعَدّ النبي -صلى الله عليه وسلم- نبيا حيًّا لأن سلسلة أنواره وبركاته جارية إلى الأبد، وكما تكون في الأولاد نقوش الوالدين كذلك توجد في الأولاد الروحانيين آثارُ كمالات النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيوضه ونقوشُه. الولد سرٌّ لأبيه. (جريدة الحكم، بتاريخ 10-11-1905م).